بوتين يحدد موعد الانتخابات البرلمانية الروسية في ديسمبر المقبل تمهيدا للرئاسية

الدب الروسي يكشر عن أنيابه مرة أخرى.. والغرب قلق من التعبئة العسكرية

فلاديمير بوتين يتحدث إلى عمدة موسكو أمس اثناء احتفالات الذكرى الـ860 للعاصمة الروسية (أ ب)
TT

حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس يوم الثاني من ديسمبر (كانون الأول) موعدا للانتخابات البرلمانية المقبلة، ليبدأ العد التنازلي لما يعتبر بروفة نهائية لانتخابات الرئاسة لعام 2008. وحدد بوتين موعد انتخابات مجلس الدوما او مجلس النواب في مرسوم نشرته وكالة انباء ايتار تاس الروسية.

وعند نشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية «روسيسكايا غازيتا» تبدأ رسميا الحملة الانتخابية، سعيا لشغل مقاعد الدوما (احد مجلسي البرلمان) البالغ عددها 450. وتدخل روسيا في مسيرة انتخابية طويلة يفترض أن تنتهي في الثاني من مارس (آذار) 2008، بانتخاب رئيس جديد للدولة، خصوصا ان الرئيس فلاديمير بوتين الذي يتسلم مقاليد الحكم منذ 2000 لا يستطيع الترشح بعد ولايتين متتاليتين. ويحق لاكثر من 107 ملايين ناخب مسجل انتخاب نواب الدوما بموجب النظام التمثيلي.

وفي عام 2006 تم رفع عتبة الفوز في مجلس الدوما من 5% الى 7% من الاصوات، كما تم الغاء شرط وجود حد ادنى لنسبة المشاركة في الانتخابات. ويرجح ان تضمن هاتان الخطوتان فوز الاحزاب الموالية للكرملين في الانتخابات، حسبما يقول معارضو تلك الاحزاب.

وصرح فلاديمير تشوروف رئيس اللجنة الانتخابية الروسية الشهر الماضي، بأن 10 الى 12 حزبا ستشارك في الانتخابات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ويتوقع ان يقتصر دخول الدوما على حزب روسيا المتحدة الموالي لبوتين، وحزب «روسيا فقط» الشيوعي، والحزب الليبرالي الديمقراطي الذي يقوده القومي فلاديمير زيرينوفسكي.

الا انه يتوقع ان تغيب الاحزاب الموالية للغرب من المجلس، حيث لا يتوقع ان يجتاز اي منها عتبة السبعة بالمائة المطلوبة، التي يمكن ان تؤدي الى خسارة النواب الليبراليين المستقلين مقاعدهم القليلة في المجلس.

وهز الرئيس فلاديمير بوتين الغرب بموجة من الاعلانات العسكرية المفاجئة التي تعيد للاذهان الحرب الباردة. عادت القاذفات الروسية ـ طويلة المدى القادرة على حمل أسلحة نووية ـ في دوريات حراسة في أنحاء العالم مما دفع مقاتلات حلف شمال الاطلسي الى أن تحذو حذوها.

كما أجرت روسيا تجارب اطلاق على صواريخ طويلة المدى، وقالت تقارير رسمية ان الصاروخ قادر على التحليق من طرف روسيا الى الطرف الاخر خلال أقل من نصف ساعة.

كذلك فان الجيش الاحمر السابق يعيد تجهيز نفسه بالمعدات مع زيادة النفقات الدفاعية بين 20 و40 في المائة سنويا منذ تولي بوتين السلطة عام 2000.

قال بيتر فلستيد رئيس تحرير مجلة «جينز ديفنس ويكلي» في مكالمة هاتفية «بصفة عامة فان القدرات العسكرية الروسية أقل كثيرا من خمسين في المائة مما كان يملكه الاتحاد السوفياتي».

وأضاف «استئناف القاذفات لطلعاتها الجوية كان أمرا يتعلق بمكانة روسيا وله دلالة دبلوماسية أكثر من كونه قدرة عسكرية حقيقية».

ووصفت وزارة الخارجية في واشنطن معاودة القاذفات الروسية الظهور بأنه قيام روسيا باخراج «الطائرات القديمة من سباتها»، في اشارة الى أساس أسطول موسكو المكون من الطائرات توبوليف 95 التي حلقت لاول مرة عام 1952.

وقال كريستوفر لانجتون وهو كولونيل متقاعد يعمل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن «لا داعي أن يقلق الغرب بصورة كبيرة». وأضاف «أغلب ما تنتجه روسيا من صناعتها العسكرية مخصص للتصدير من أجل الحصول على العائدات. كميات صغيرة توجه للسوق المحلية».

وفي الجيش أصبحت أغلب الدبابات عتيقة للغاية، اذ تقول أرقام المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، انها تعود الى الستينات والسبعينات. ولدى البحرية الروسية حاملة طائرات واحدة فقط تعمل بعد احالة خمس حاملات أخرى الى خارج الخدمة وبيعها الى الصين والهند في التسعينات.

وعلى الرغم من الوعود باعادة امداد الجيش بالمعدات اللازمة، يقول محللون ان النسخ الاحدث التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة من الاسلحة الحالية ما زال يجري تخاطفها في الخارج قبل استخدامها في الداخل.

وقال روسلان بوخوف مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات في موسكو «أول مشتر للطائرة (المقاتلة) ميغ 29 المحدثة هو اليمن والثاني هو اريتريا».

ويقول خبراء دفاعيون انه بخلاف القوة النووية الاستراتيجية لموسكو، التي كانت تلقى تمويلا جيدا في التسعينات، فان أغلب الجيش في حاجة الى التغلب على سنوات من الاهمال.

وتشير معلومات رسمية الى أن روسيا بدأت برنامجا مدته ثماني سنوات بتكلفة 189 مليار دولار، لاستبدال نحو نصف المعدات العسكرية الحالية بحلول عام 2015 بما في ذلك صواريخ توبول ـ م الحديثة والطائرات الحاملة للصواريخ والمركبات والسفن.

غير أن يفجيني بندرسكي، وهو محلل بارز في مركز باور آند انتريست نيوز ريبورت في واشنطن، الذي يتلقى تمويلا خاصا، قال ان هذا الانفاق السخي على الجيش يخفي جوانب نقص أخرى، مثل مدى كفاءة القوة البشرية. كما أنه ساعد على اخفاء المشكلات الاجتماعية المحلية في روسيا. ومضى يقول «الذي نشهده الآن هو نمط يشبه للغاية ما كان يحدث في الاتحاد السوفياتي. في الظاهر تبدو روسيا قوية للغاية خاصة في مجال الطاقة، ولكن ليست هذه هي الحال فعليا. ان الفجوة تزيد بين الاغنياء والفقراء.. الوضع في الريف مروع». ويرى محللون سياسيون ودفاعيون أن تصريحات بوتين الجريئة ربما تهدف إلى التأثير على الناخبين قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال الأشهر المقبلة. واتفق على هذا الرأي جايلز ميريت مدير مركز أهداف الأمن والدفاع، وهو مركز بحث مقره بروكسل، قائلا «بوتين يسعى للتأثير في الاخرين». وأضاف «الكثير من مواقفه موجهة لجعل الناس يقولون ان روسيا قوة عظمى حقا، من دون أن تكون لديه أهداف بعينها في ذهنه».

ويقول الكرملين ان التعبئة العسكرية التي يقوم بها يجب ألا تقلق أي أحد. ويقول أيضا ان ميزانية الدفاع في 2007 - 2008 أقل من نصف ميزانية بريطانية وأقل من عشر ميزانية الولايات المتحدة.

وقال ديميتري بسكوف المتحدث باسم الكرملين «التغيير في الانفاق العسكري الروسي لا يذكر على الاطلاق مقارنة بالتعبئة العسكرية للولايات المتحدة أو بريطانيا العظمى». ومضى يقول «لقد مررنا بفترة طويلة حقا من نقص التمويل للبرامج العسكرية، ولا بد من تعويض هذا بالطبع. بدأ كل شيء يعود للاحوال العادية».

وقال فلستيد من جينز ديفنس ويكلي، ان أكبر متاعب قد يواجهها الغرب ربما لا تكون القوات المسلحة الروسية، ولكن بعض زبائنها ممن يشترون أسلحتها، مثل ايران أو فنزويلا أو روسيا.

وأردف قائلا «ما زالت روسيا تملك تقنيات مهمة لا نملكها نحن في الغرب. اذا ما وجدت تلك الانظمة الجوية الحديثة طريقها من الاتحاد السوفياتي السابق الى أماكن مثل ايران فسيكون لهذا أثر كبير».