إسلام آباد: محادثات مشرف وبوتو تعثرت.. لكنها لم تفشل

باكستان تجدد رغبتها في التوصل إلى اتفاق حول تقاسم السلطة

TT

قالت الحكومة الباكستانية امس إنها ما زالت راغبة في التوصل لاتفاق تقاسم سلطة مع رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو التي أعلنت تعثر المباحثات الجارية في هذا الشأن، مؤكدة عزمها العودة إلى البلاد.

وكانت بوتو قد أعلنت خلال مؤتمر صحافي في لندن فشل التوصل لاتفاق تقاسم السلطة مع الرئيس برويز مشرف، مؤكدة عزمها العودة إلى باكستان. وأكد نائب وزير الإعلام الباكستاني طارق عظيم، امس أن حكومة إسلام أباد ستواصل المباحثات القائمة منذ شهر رغم تصريحات بوتو.

وأشار عظيم إلى أنه «من الواضح أن وضع مطالب وتحديد مواعيد نهائية لن يساعد في هذا الشأن»، في إشارة إلى الضغوط التي تمارسها بوتو على مشرف لتحديد إطار زمني لتخليه عن منصبه العسكري. وأضاف «المحادثات ستتواصل، لكن أعتقد أن عليها فهم أن هناك العديد من العوامل الأخرى ـ هي بوتو ليست العامل الوحيد الذي يحدد الاتفاقيات النهائية». وأوضح أن أي اتفاق بين مشرف وبوتو يجب أن يحظى بدعم حزب «رابطة باكستان الإسلامية» الحاكم.

ويطلب مشرف دعم حزب بوتو فيما يستعد لولاية رئاسية أخرى، فيما تطالب الأخيرة في المقابل إسقاط تهم الفساد عنها وإجراء تعديلات دستورية تتيح لها تولي رئاسة الحكومة للمرة الثالثة.  وكانت بوتو قد أشارت خلال المؤتمر الصحافي إلى أن حزبها سيعلن موعد عودتها بحلول الرابع عشر من الشهر الحالي، مشددة على أن الوقت قد حان لإنهاء حياة المنفى والعودة للبلاد.

وحملت بوتو بعض أعضاء الحزب الحاكم مسؤولية تعثر المفاوضات، إلا أن مصادر حكومية ذكرت أن المحادثات توقفت بسبب مطالبها بأن يتخلى مشرف عن منصبه العسكري قبل أن يسعى لإعادة انتخابه. كما اتهمت بعض أعضاء الحزب الحاكم بدعم مليشيات طالبان.

ويتعين على مشرف تعديل الدستور لتسهيل عودة بوتو إلى السلطة. ويتطلب ذلك التعديل أغلبية الثلثين في البرلمان.

وسيحول فشل المفاوضات بين الجانبين دون عودة بوتو لاستئناف نشاطها السياسي، فيما سيمثل ضربة قوية لمشرف الذي حكم باكستان على مدى ثماني سنوات.

وبجانب الأزمة السياسية يلاحق إخفاق القوات الباكستانية في كبح المليشيات المتشددة الموالية لطالبان، الرئيس الباكستاني، مما يثير تساؤلات بشأن مدى فعالية الحليف الأقوى للولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب.

ومن المحتمل ان يقضي اي اتفاق بين الاثنين بوتو ومشرف بتنحي مشرف عن منصبه كقائد للجيش قبل ان يرشح نفسه لإعادة انتخابه رئيسا بين منتصف سبتمبر (ايلول) ومنتصف اكتوبر (تشرين الاول)، كما يمهد الطريق لعودة بوتو التي تواجه اتهامات بالفساد للعمل السياسي والمشاركة في الانتخابات العامة المقرر ان تجري نهاية العام.

والاثنان حليفان طبيعيان يعارضان التشدد الإسلامي ويحبذان إصلاحات السوق الحرة.

ويود الغرب أن يرى تعاوناً بين المعتدلين في دولة تمتلك سلاحاً نووياً تقف في الخط الأول من الحرب ضد تنظيم «القاعدة» ومهمة إنهاء مشكلة طالبان في افغانستان.

وتواجه باكستان خطر عدم الاستقرار والفوضى مع تراجع شعبية مشرف وتزايد التحديات القانونية لحكمه فيما يستعد رئيسا الوزراء السابقان بوتو ونواز شريف للعودة الى الوطن.

ويقول بعض المحللين ان هوة عدم الثقة بين مشرف وبوتو عميقة لدرجة تحول دون التوصل لاتفاق عريض بينهما ولكن آخرين يقولون انهما يحتاجان لبعضهما بعضا.

وقال المحلل السياسي نسيم زهرة لرويترز «سيحاول الاثنان حتى النهاية. لا اعتقد ان المفاوضات انتهت». وتابع «انها ضرورة سياسية للاثنين في ضوء اهدافهما.. الاول يريد البقاء في السلطة والثانية تريد العودة بفعالية كبيرة للساحة السياسية».

ويحتاج مشرف لمساندة زعيمة ذات شعبية كبيرة مثل بوتو ليعزز موقفه قبل ان يسعى لإعادة انتخابه، وبصفة خاصة في ظل تعهد خصمهما القديم رئيس الوزراء السابق المنفي نواز شريف بالعودة في العاشر من سبتمبر وتحدي مشرف.

ويلزم الدستور مشرف بالتخلي عن قيادة الجيش، وهو القاعدة الرئيسية لسلطته بحلول نهاية العام. ثم يحتاج لتأييد بوتو لإجراء تعديل دستور يلغي بندا يحظر على الموظفين العموميين الترشح لتولي منصب عام لمدة عامين من تاريخ استقالتهم.

ويشعر أعضاء كثيرون في حزب الرابطة الاسلامية الحاكم في باكستان بالقلق لاحتمال عودة خصمهم القديم بوتو لانتزاع السلطة منهم. وقال المحلل السياسي، حسن عسكري رضوي «يمكن ان تقدم بوتو دعما قويا لمشرف، ولكن لا تستطيع ان تحل محل حزب الرابطة الاسلامية لانها من وجهة نظره لا يعتد بها».

وفي حالة فشل مشرف في إبرام اتفاق مع بوتو ربما يلجأ لأحزاب اسلامية ولكنها تبدي فتورا بعدما نقض تعهده بالتخلي عن قيادة الجيش عام 2004. وكملاذ أخير، قد يعلن حالة الطوارئ او يفرض أحكاماً عرفية، واستبعد مشرف ذلك ولكن المخاوف من اخذه خطوة عنيفة تلوح في الأفق.