الاستخبارات الأميركية تسعى للحاق بالانترنت

مواقع بديلة ومدونات لربط 100 ألف من العاملين بالأجهزة الأمنية

TT

يشبه جواسيس أميركا، المراهقين الأميركيين، فكلهم يتكلمون بلغة مشفرة، ويورطون أنفسهم في مشاكل إذا لم تتم مراقبتهم عن كثب.

وللوكالات الاستخباراتية شيء شبيه بالشبكة في الذهن مع مساعيهم للتكيف مع تكنولوجيات الشبكة الانترنتية، بينما أصبح ملايين من المراهقين ماهرين في هذا الميدان. والفكرة هي محاولة حل مشكلة المشاركة في المعلومات التي ورثها الوسط الاستخباراتي والتي بسببها توجه الانتقادات له، خصوصا بما يتعلق الفشل في كشف هجمات 11 سبتمبر (أيلول) قبل وقوعها.

وفي ديسمبر (كانون الأول) قال مسؤولون إن وكالات الاستخبارات ستقدم موقعا سريا شبيها بموقع «MySpace» وموقع «Facebook» حيث يتبادل مستخدمو الموقع الأخير فيما بينهم المعلومات وأخبار النميمة، كذلك هو الحال مع أفراد الاستخبارات الذين سيكونون قادرين على مقارنة الملاحظات حول صور الأقمار الصناعية الملتقطة للمواقع النووية في كوريا الشمالية، أو المتردين العراقيين أو الصواريخ الصينية، ويسمى هذا الموقع الاستخباراتي بـA-Space.

ومن المتوقع أن تتضمن مكتبة «الاستخبارات الوطنية» تقارير ترسل عن طريق كل وكالة استخباراتية وتقدم على طريقة موقع أمازون.كوم اقتراحات: إذا كنت تحب المعلومة عن احتياطيات النفط في فنزويلا أو عن روسيا، وستتوفر المدونات (البلوغات) للعاملين في حقل الاستخبارات الآخرين. وقال مكتب مدير الاستخبارات القومية مايك ويرثايمر: «نحن نرى الانترنت يتجاوزنا. نحن نسعى للحاق به».

وقال المتشككون إن هذا البرنامج الجديد قد يبقي المحللين بعيدين عن استخدام الأدوات. واعترف ويرثايمر أن بعض المديرين لا يشجعون العاملين معهم كي يضيفوا انسكلوبيديا الويب خوفا من فقدان وكالاتهم الإطراء جراء كشوفاتهم.

وتتطلب أدوات الويب ثورة ثقافية. وما زالت المعلومات الجوهرية بـ«المعلومات الحساسة المحصورة» وعزل هذا النوع من المعلومات عن الجمهورية، يوفر حماية ضد التسريبات والمندسين إلى داخل المؤسسات الاستخباراتية.

لكن هجمات 11 سبتمبر، كشفت عن كيف أن المعلومات المختزنة والمعزولة عن الآخرين قابلة لأن تتسبب في كارثة كبيرة. وفي تقرير كتبه المفتش العام لوكالة الاستخبارات المركزية، وتم الكشف عن الشهر الماضي جرى وصف للعيوب الموجودة بين أوساط الاستخبارات الأميركية، حيث ان وكالة الاستخبارات القومية رفضت مشاركة المعلومات التي تم التنصت لها من «القاعدة» مع «سي.آي.ايه». بالمقابل قامت الأخيرة بعدم إعطاء معلومات لمكتب التحقيقات الفيدرالي معلومات عن خاطفين اثنين شاركا لاحقا بهجمات 11 سبتمبر، وهي فشلت في الطلب من وزارة الخارجية لوضع اسميهما ضمن قائمة المراقبة حسبما قال التقرير. ولمنع هفوات كهذه أسس الكونغرس منصب مدير للاستخبارات القومية في أواخر عام 2004 لربط أنشطة 16 وكالة استخباراتية ضمن مؤسسة واحدة. ويعمل مركز مكافحة الإرهاب القومي، باعتباره نقطة استقطاب للمعلومات التي تحمل تهديدا ما للولايات المتحدة. هناك الآن آمال كبيرة في أن الأوساط الافتراضية، التي تربط العاملين في عالم الاستخبارات البالغ عددهم 100 ألف شخص، يمكن أن تساعد على جعل المشاركة في المعلومات عملية آلية بالنسبة للجواسيس كما هو الحال بالنسبة لطلاب المدارس المتوسطة. وسيناقش مسؤولو الوكالة وسائل الشبكة الجديدة مع خبراء من القطاع الخاص الأسبوع الحالي في لقاء مفتوح بشيكاغو. ورحب خبراء الاستخبارات عموما بالتكنولوجيا الجديدة ولكن بعضهم حذر من أنها ليست الدواء الشافي.

وشخصت ايمي زيغارت، الأستاذة المساعدة للسياسة العامة في جامعة كاليفورنيا بلوس انجليس، ومؤلفة كتاب «التجسس الأعمى: سي.آي.أيه وأف.بي.آي وأصول الحادي عشر من سبتمبر»، 23 لحظة حين كان بامكان «سي.آي.أيه» و«أف.بي.آي» ايقاف الخطة. ولكنها قالت انها رأت «فرصة تقرب من الصفر» من أن الشبكة يمكن أن تحدث فارقا لن ضباط الاستخبارات لم يدركوا أهمية المعلومات التي بحوزتهم.

وقالت زيغارت «أعتقد انا نبالغ في تأكيدنا على ما يمكن أن تفعله التكنولوجيا. ان الأمر الأكثر اهمية هو ما يحدث داخل عقول الناس». وعندما اصبح مارك لونثال مساعد مدير «سي.آي.أيه» لشؤون التحليل والانتاج عام 2002 شرع في دراسة التقارير التي كتبتها الوكالة، ووجد أن العوائق الأمنية والتكنولوجيا غير المتطورة والحجم الكبير جعل المهمة صعبة.

وقال لونثال، الذي ترك الوكالة عام 2005 انه «اذا كان «أيسبيس» و«انتليبيديا» يجعلان من الأسهل على المحللين والاداريين معرفة ما يجري انتاجه عبر اللوحة، فإن ذلك سيكون شيئا عظيما». ولكنه قال ان لديه شكوكا. واضاف «قلقي بشأن المدونات هو خلط الرأي بالخبرة. والاستخبارات هي خبرة».

وتبقى مسألة ما إذا كان «أيسبيس» سيسمح للمحللين بوضع صفحات شخصية، يمكن أن يراها الآخرون مسألة بحاجة الى اتخاذ قرار بشأنها. ويشعر الإداريون بالقلق من تبديد الوقت على الشبكة كما هو الحال مع قلق الآباء. ولكن مؤسسيها يقولون ان «أيسبيس» ستوحد رسائل البريد الالكتروني السرية ووظائف الدردشة وتسمح بتحرير جماعي للوثائق وتوفر للمحللين أن يطبعوا اسما ويكتشفوا في الحال ما الذي فعلت بشأنه الوكالات الواسعة النطاق.

وسيكون متخصص بالصومال، على سبيل المثال، قادرا على الارتباط بنظرائه في وكالات أخرى، ويرسل معلومات الى مدونات حول شرق أفريقيا، ويحصل على انذار عندما يجري تغيير صفحة انتليبيديا حول مقاديشو.

ويقول المسؤولون، ممن هم على دراية بأن مثل هذا النظام يمكن أن يكون عرضة للتدخل، ان الكومبيوتر سيوقف المستخدمين الذين ينزلون الكثير من المعلومات أو يسعون بصورة متكررة الى الحصول على معلومات خارج نطاق مجال عملهم، كما ان شركات بطاقات الاعتماد المصرفية تدقق التعاملات للكشف عن عمليات الاحتيال.

ولكن بعض التقليديين ما يزالون يخشون من ان شبكة التجسس، يمكن أن تكشف عن أسرار البلد لمتطفلين.

وقد سمي كريس راسموسين، المحلل الذي تحول إلى «مدير معرفة» في وكالة الاستخبارات الجيوفضائية القومية، «خائنا» وقورن بألدريتش اميس من «سي.آي.ايه» في تعليقات تركت في مدونته الداخلية، وفقا لما قاله في حديث له في مايو (أيار) الماضي. ولكن راسموسين، 32 عاما، الذي كلف العمل شأن نصف الموظفين العاملين في مجال الاستخبارات خلال السنوات الخمس الماضية، لم يردعه شيء. ومن أجل مكافحة التطفل فإن وحوالي 30 من موظفي الاستخبارات المماثلين، يحرسون انتليبيديا لإزالة أسماء الوكالة وتغييرها الى أخرى.

وقال ويرثيمر، الذي قضى 20 عاما كرياضي يحل الشفرات في وكالة الأمن القومي، انه على دراية بالعوائق، ولكنه رأى علامات مشجعة. وقال انه عندما تحدث أزمة وتظهر مقالة على انتليبيديا، فإنه «خلال ساعات قليلة نحصل على مساهمات جميع الوكالات، البالغ عددها 16 وكالة».

* خدمة «نيويورك تايمز»