السفير الأميركي: واشنطن لن تتدخل في اختيار الرئيس المقبل ونحترم ما يريده المصريون

قال إن الخلافات بين أصدقاء ونفى أن يكون مصدر الشائعات أو أن بلاده طلبت إرسال قوات للعراق

TT

أكد فرانسيس ريتشاردوني السفير الأميركي في القاهرة أن الولايات المتحدة لا تؤيد مرشحاً دون آخر لرئاسة مصر، أو تحاول فرض نظام معين، موضحاً أن هذا شأن الشعب المصري، والإدارة الاميركية تحترم ما يريده الشعب، ولن يكون هناك تدخل من جانب الولايات المتحدة في تحديد مستقبل مصر، مشدداً على أن المصريين هم المسؤولون عن اختيار الرئيس المقبل وعن شكل انتقال السلطة، كما نفى السفير الاميركي أن تكون بلاده طلبت من مصر إرسال قوات عسكرية إلى العراق خلال العامين الأخيرين أثناء عمله كسفير لبلاده في القاهرة مؤكدا أن ذلك لم يحدث.

وحول الوضع الإيراني قال ريتشاردوني الذي كان يتحدث مساء أول من أمس بالإسكندرية (شمال)، أمام اجتماع الغرفة التجارية الأميركية بمصر، أن الرئيس بوش يضع كافة الخيارات على المائدة ولم يستبعد منها أي خيار لكننا نصر على إيجاد طريقة دبلوماسية لإدارة الصراع بين إيران والعالم وقد اخترنا أن نكون متفائلين وملتزمين بالعمل لإقرار السلام.

ووصف ريتشاردوني العلاقات بين مصر وبلاده بأنها «جيدة ومتينة ووطيدة، تقوم على أساس الاحترام، نافياً وجود أسباب سياسية وراء عدم زيارة الرئيس مبارك للولايات المتحدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام»، وقال معلقاً «إن الدعوة دائما مفتوحة للرئيس المصري لزيارة الولايات المتحدة»، وأضاف: لا نمارس ضغطا لدعوته، لأن رئيس مصر يعد صديقا للولايات المتحدة، وتابع قائلا: لم يتم توجيه دعوة للرئيس مبارك لحضور مؤتمر السلام الذي دعا الرئيس الأميركي جورج بوش لعقده في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لأنه حتى الآن لم يتم تحديد مستوى التمثيل في المؤتمر، وما إذا كان التمثيل على مستوى الوزراء أو رؤساء الوزراء، أو رؤساء الدول.

وجدد السفير الاميركي نفيه القاطع لأن يكون هو مصدر شائعات حول صحة الرئيس المصري حسني مبارك، قائلا: «أشعر بالإحباط والحزن لهذه الشائعة التي تناولتها الصحف المعارضة والمستقلة والحكومية أيضا دون أن تتحقق من صحتها أو تحاول سؤال السفارة الاميركية عنها». وحين تحدث ريتشاردوني عن مسألة تناول الكونغرس الاميركي لقضايا تخص مصر بنوع من الحدة خاطب أعضاء الغرفة التجارية قائلا: «إن الجدل في الكونغرس عند مناقشة القضايا المصرية قد يبدو عنيفا وحادا، ولكن هذا هو شأن الجدل والنقاش في المجتمعات الديمقراطية .. لن تغيروننا ولن نغيركم».

وأشار إلى وجود خلافات تطرأ بين الحكومة المصرية والكونغرس بسبب ما يصدره أعضاء الكونغرس من انتقادات لمصر حول حقوق الإنسان والديمقراطية. وبرر السفير هذه الانتقادات بقوله «إنهم (أعضاء الكونغرس) لا يعرفون الواقع في مصر ولا يدركون تفاصيل الصورة، فما وصلهم (مثلا) عن أيمن نور أنه رشح نفسه أمام الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية وخسر ثم وجهت اليه تهما جنائية، وتم الحكم عليه بالسجن خمس سنوات، .. أعضاء الكونغرس لا يعرفون تفاصيل أكثر من ذلك أوأقل».

وأضاف السفير «لدينا اختلافات مع الحكومة المصرية في بعض الأمور وهي معروفة لكننا نعبر عن هذه الاختلافات بشكل محترم وبصراحة ووضوح وهو اختلاف بين أصدقاء والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .. إننا لا نلعب ألعابا .. إن مهمتي هي تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين لخدمة واستقرار السلام وبناء الديمقراطية وتحقيق الرخاء وخدمة الشعبين الأميركي والمصري».

وأعرب عن اعتقاده أن الانتقاد ليس أفضل أسلوب للتعامل بين الدولتين، مشيرا إلى أن الأفضل هو الأسلوب الايجابي المرتكز على الحوار، وقال «لكن هناك من يستفيد من إشعال الخلافات واستفزاز الطرفين».

من جهة أخرى، أكد السفير التزام بلاده بتقديم المساعدات العسكرية لمصر بشكل ثابت بقيمة 1.3 مليار دولار سنويا بعد اقتناع أعضاء الكونغرس بأهمية دور مصر كحجر أساس للاستقرار في المنطقة. وأشار إلى أن بلاده ترغب في الانتقال في علاقتها بمصر من تقديم المعونة الى الشراكة التجارية، وقال «سيتم تخفيض المعونة الاقتصادية بمقدار 40 مليون دولار كل عام لتصبح 455 مليون دولار هذا العام و415 مليون دولار العام المقبل الى ان تنتهي خلال عشر سنوات». وقال ريتشاردوني «إننا نسعى لكي تتحول علاقتنا بالحكومة المصرية من إعطاء المعونة إلى التجارة الثنائية، وقد حققت اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة «الكويز» دفعة كبيرة في قيمة الصادرات المصرية للولايات المتحدة من الملابس الجاهزة وصلت الى مليار دولار خلال عامين منذ توقيعها وهو مبلغ أكثر بكثير من حجم المعونة الاقتصادية لمصر خلال هذين العاميين».

وأضاف «لا شك أن المعونة الأميركية كانت مفيدة لمصر خلال الثلاثين عاما الماضية لإنشاء البنية التحتية وتنفيذ مشروعات الطرق والمياه والصرف الصحي»، وأكد أن مصر حققت تقدماً كبيراً في العديد من المجالات سواء السياسية، أو الاقتصادية، وعمليات الإصلاح مستمرة، كما أن مصر لديها كافة المقومات والمزايا التي تؤهلها للانطلاق، وأن تصبح رائدة في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالديمقراطية والسلام. ونفى السفير تقديم معونات اقتصادية للجمعيات الأهلية على أساس ديني أو المناطق التي بها أغلبية قبطية، معتبرا أن هذا في حال حدوثه سيعد انتهاكا للقانون الأميركي الذي يفصل بين الدين والدولة.

ووصف ما نشرته الصحف المصرية حول تخصيص جزء من المعونة للجمعيات القبطية بأنه «غير صحيح»، وقال «إنه اقتطاع لجزء من بيان الكونغرس في مايو (أيار) 2006، وتفسيره خارج سياقه». وأوضح أن المعونات المادية المباشرة لجمعيات المجتمع المدني في مصر لا تشكل أكثر من 10% من إجمالي المعونة الاقتصادية، وتتم بالمناقشة مع الحكومة المصرية.

وقال السفير بالقاهرة «إن مصر من دون غيرها من دول المنطقة، لديها ثروات مدنية وتاريخية بالإضافة إلى كونها دولة مستقرة سياسياً، ولديها نسيج اجتماعي قوي، ووحدة وطنية حقيقية، ودبلوماسية نشطة ونظام قضائي، وقضاة منتشرون في غالبية الدول العربية الأخرى، موضحاً أن مصر بها كافة مقومات المجتمع والحضارة في مفهومهما الواسع الحقيقي».