اتفاق على تشكيل لجان تبحث إقامة الدولة الفلسطينية

أولمرت وعد عباس بإطلاق أسرى وعودة مبعدين * أحزاب اليسار تدعم أولمرت لمواصلة جهود السلام

زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت تصافح ابو مازن (أ ف ب)
TT

اتفق الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في اجتماعهما امس على اقامة لجنة وزارية مشتركة لدراسة وووضع الصيغ المناسبة للاتفاق حول اقامة دولة فلسطينية في ثالث لقاء بين الرجلين منذ السادس من أغسطس.

ودعا اولمرت وعباس الى «حل على اساس دولتين» لتسوية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني في ختام قمة بينهما في القدس. وجاء في بيان مشترك صدر عن المسؤولين «نؤكد من باب الاسهام في المؤتمر الدولي المقرر التزامنا من اجل حل على اساس دولتين (اسرائيلية وفلسطينية) تعيشان جنبا الى جنب بسلام وأمان» حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال نمر حماد مستشار عباس السياسي لـ«الشرق الاوسط» ان اللجان الوزارية والفنية ستبحث النقاط محل الخلاف في وجهتي النظر الفلسطينية والاسرائيلية بهدف التوصل الى مسودة اتفاق نحو الدولة الفلسطينية».

وحسب حماد، فان اسرائيل تريده اتفاق مبادئ عاما بينما تصر السلطة على ان يكون اتفاق اطار يضع تفاصيل الدولة، ويرى حماد انه رغم الخلاف فان الاتفاق على تشكيل اللجان يعتبر اعترافا بالدولة والسلطة، وعودة جادة للمفاوضات منذ طابا».

وقد اعلنت ميري ايسن الناطقه باسم الحكومة الاسرائيلية في اعقاب الاجتماع الذي استمر ساعتين ونصف الساعة بمنزل اولمرت بالقدس الغربية عن اتفاق الزعيمين على ضرورة المساهمة بشكل إيجابي في إنجاح المؤتمر الدولي للسلام والعمل من أجل تحقيق رؤية حل الدولتين.

وقالت ايسن ان الطاقم الاسرائيلي الذي سيبحث التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين سيتشكل من 4 شخصيات، 2 من مكتب رئيس الوزراء، وواحد من وزارة الخارجية، والاخير من وزارة الدفاع الاسرائيلية.

كذلك، اعلنت ايسن تفعيل لجان وزارية اخرى تعنى بالشؤون الحياتية اليومية للفلسطينيين، ويتولى الاشراف عليها مباشرة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي حضر لقاء عباس ـ اولمرت للمرة الاولى وشرح خلال غداء عمل اقامه اولمرت خطة وزارته الامنية والاقتصادية، وسبل تفعيل لجان الوزارات الفلسطينية ـ الاسرائيلية. من جهته، اكد صائب عريقات مسؤول دائرة المفاوضات في منظمة التحرير ان اولمرت وافق على الافراج عن دفعة من المعتقلين في الاسبوع الاول من رمضان كما تعهد لعباس بانهاء ملف المبعدين الى غزة عبر ادراجهم على قائمة المطاردين الذين اوقفت اسرائيل ملاحقتهم في الضفة الغربية على ان تبحث قضية المبعدين الى دول اوروبية في وقت لاحق، خلافا لتصريحات سابقة كانت اكدت عدم نية الافراج عن معتقلين.

وحسب عريقات، فقد تم الاتفاق على انهاء ملف الفلسطينيين المقيمين في أراضي السلطة دون هويات وعددهم اكثر من 54 ألف مواطن على ان تمنح التصاريح لـ5 آلاف منهم في المرحلة الأولى.

وقال عريقات ان الرئيس تطرق مرة اخرى لقضية الحواجز الاسرائيلية، لكن اولمرت قال انه ينتظر خارطة ازالة الحواجز الاسرائيلية من وزير دفاعه باراك خلال ايام قبل بت الأمر. وأكد عريقات على تفعيل اللجان الوزارية على مستوى كل الوزراء لمناقشة كل القضايا. وقال ان عباس توقف عند الحاجات الانسانية لاهالي قطاع غزة وتلقى وعدا من اولمرت بعدم معاقبتهم جماعيا.

يذكر ان اسرائيل تربط بين التوصيات التي سيرفعها وزير الدفاع أيهود باراك بناء على توصيات جيشه وبين ما سمته " سلة مبادرات حسن النية " تجاه الفلسطينيين ليتم اتخاذ القرار في ذلك داخل الحكومة الإسرائيلية ،وفقا لبيان صادر عن المتحدثة باسم أولمرت.

وكانت وكالة رويترز للانباء نقلت عن مسؤولين اسرائيليين وفلسطينيين ان المحادثات التي جرت سعت لتمهيد الطريق أمام زيارة معتزمة الاسبوع المقبل تقوم بها وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس.

وكان الرئيس الفلسطيني اعرب عن أمله في التوصل الى "اطار" اتفاق لاقامة دولة فلسطينية خلال محادثاته مع أولمرت لكنه أقر بوجود عقبات.

وفي حديث أذيع عشية الاجتماع قال عباس ان اطار الاتفاق يجب ان يطرح في مؤتمر السلام الذي ترعاه الولايات المتحدة في نوفمبر في خطوة قد تمهد الطريق أمام مفاوضات الوضع النهائي للتوصل الى اتفاق سلام.

وقال عباس لتلفزيون «ار.ايه.اي» الايطالي «أنا متفائل. لكني لا أعرف ما هي العقبات...لدينا عقبات كثيرة.. ما هي التي ستواجهنا. نأمل ان نتمكن من تخطي كل أنواع العقبات».

من جانب آخر، تلقى رئيس الوزراء الاسرائيلي دعما من جهة غير متوقعة هي أحزاب المعارضة اليسارية وحركة «سلام الآن» وأوساط متنفذة في حزب العمل، وذلك بهدف تشجيعه على الاستمرار في مفاوضات السلام مع الرئيس الفلسطيني.

وقد بادر الى هذه الخطوة عضو الكنيست يوسي بيلين، رئيس حزب «ميرتس» اليساري في اجتماع بمشاركة جميع نواب حزبه وقادة حركة «سلام الآن» وعدة حركات سلام أخرى. وقال بيلين انه ورفاقه هاجموا حكومة أولمرت منذ اعلانها الحرب في لبنان وطالبوا بإسقاطها بسبب شن تلك الحرب. ولكن الجهود السياسية التي يبذلها أولمرت لتصحيح وضعه توحي بأنه ينوي تصحيح سياسته. ومن المفروض أن يدير هذه المفاوضات بشكل مريح. وفي الوقت الذي يصب اليمين المتطرف جهودا كبيرا لاسقاط حكومة أولمرت قبل أن تتمكن من التوصل الى اتفاق اعلان المبادئ، وفي الوقت الذي بدأت هذه الجهود تؤثر على أوساط في قيادة حزب «كديما» والوزراء، ينبغي على أنصار السلام أن يهبوا لنصرة أولمرت وتشجيعه على المضي قدما في هذه الجهود.

وأعلن النائب حاييم أورون، أحد أقطاب حزب «ميرتس»، ان دعم أولمرت سيقتصر على القضية السياسية السلامية. فإذا تراجع أولمرت أو تراخى أو نكث بوعوده، سيعود حزبه الى المعارضة النشطة للحكومة وسينضم الى الجهود لإسقاط أولمرت وحكومته. أما إذا أبدى استعدادا مخلصا لإنجاح هذا المسار السياسي، فإنه سيتلقى كل الدعم بما في ذلك التصويت معه في الكنيست.

وبدأ بيلين وأورون وعدد من الشخصيات الجماهيرية في حركة السلام اتصالات مع حزب العمل الاسرائيلي برئاسة وزير الدفاع، ايهود باراك، لاقناعه بالتخلي عن برنامجه السابق لتقصير عمر هذه الحكومة. وقالوا في لقاءاتهم مع عدد من أقطاب حزب العمل ان قرارهم السابق بالانسحاب من الحكومة في حالة عدم استقالة أولمرت بعد صدور تقرير لجنة فينوغراد للتحقيق في الاخفاقات في حرب لبنان، كان قرارا صحيحا في حينه. ولكن الظروف اختلفت اليوم. وبدا أن أولمرت جاد في توجهه للتوصل مع أبو مازن الى اعلان مبادئ. وفي حالة كهذه يصبح اسقاط الحكومة عملا غير مسؤول يلحق الضرر بعملية السلام.