مدير «وعد»: لن نبني سراديب ومخابئ تحت الضاحية و«حزب الله» يلتزم إعادة البناء إذا تخلفت الدولة

قال لـ«الشرق الاوسط» إن من «الغباء» محاولة إيجاد شرخ بين «المقاومة وأهلها»

مدير مشروع «وعد» المهندس حسن الجشي («الشرق الاوسط»)
TT

اكد مدير مشروع «وعد» لاعادة اعمار الضاحية الجنوبية لبيروت المهندس حسن الجشي لـ«الشرق الاوسط» ان «حزب الله» لن يقيم اي بنية تحتية تتضمن ملاجئ وسراديب في الضاحية عند اعادة اعمارها، كاشفا ان مبنى شورى «حزب الله» القديم تم تلزيم اعادة بنائه الى شركة يمتلكها مسيحيون غير مقربين من الحزب. وأكد ان الحزب يلتزم اعادة الضاحية الجنوبية «اجمل مما كانت» وأنه مستمر في العمل لإعادة البناء ولو تأخرت الحكومة اللبنانية في دفع التعويضات للسكان، شاكيا من وجود «عرقلة رسمية» لعمل المشروع. وقال: «انه غباء سياسي اذا كانوا يعتقدون ان هذا يخلق شرخا سياسيا بين المقاومة واهلها».

وفي ما يأتي نص الحوار:

* كيف انطلقت فكرة «وعد»؟

ـ قبل انتهاء العدوان الاسرائيلي كان هاجس اعادة اعمار الضاحية قائما لدى القيادات المعنية. وبعد انتهاء العدوان مباشرة حصلت لقاءات متعددة بين الدولة اللبنانية والمعنيين بالمنطقة من قوى سياسية. وصدر القرار 146 الذي يحدد آلية التعويضات للناس في 31/10/2006. وقد جاء هذا القرار ليقول ان الدولة لن تقوم بعملية اعادة الاعمار، وانها ستكتفي بدفع التعويضات من الهبات التي قدمتها الدول المانحة. بعد هذا القرار حصل لقاء جمع الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله والمتضررين في منطقة الضاحية الجنوبية الذين بلغ عددهم نحو 5 آلاف متضرر في لقاء عام وخرجوا بطرحين، احدهما ما عرف بـ«الصيغة الاولى» التي تقضي بان تقوم الناس بقبض تعويضاتها وتعيد اعمار منازلها بنفسها، وبما ان المال لن يكفي لان التعويضات لم تكن بالقدر المطلوب، فيكون سماحة الامين العام متكفلا بدفع ما تبقى لاستكمال البناء. اما الصيغة الثانية فهي ان يقوم الناس بتوكيل مؤسسة «جهاد البناء» بإعادة الاعمار فتقبض الاموال من الدولة وتدفع الكلفة الاضافية. بعد الجلسة تم توزيع استمارات على المتضررين لمعرفة الخيار الذي يفضلونه فكانت النتيجة بعد اسبوع ان مجموعة كبيرة من الناس تجاوزت الـ70 في المائة فضلت الصيغة الثانية، فكان ان اطلقت «جهاد البناء» مشروع «وعد» لاعادة اعمار الضاحية الجنوبية. وجهاد البناء هي جمعية انمائية تتعاطى الشأن الاعماري والإنمائي منذ عقود.

* بالارقام، كم من المباني ستعيد «وعد» اعمارها؟

ـ هناك 68 مبنى اختار مالكوها ان يعيدوا اعمارها ويتلقوا المساعدة الاضافية من «حزب الله» و196 مبنى سيعيد «حزب الله» بناءها. وهناك 20 مبنى عبارة عن مراكز تجارية او محطات محروقات وخلافه، وهي لا تقع تحت مسؤوليتنا.

* لماذا تسمية «وعد»؟

ـ انه الوعد الذي اطلقه الامين العام ابان الحرب بإعادة الضاحية اجمل مما كانت.

* ما هو الوضع القانوني لـ«وعد» تجاه الدولة والمؤسسات الرسمية؟

ـ «وعد» هي مشروع وليست مؤسسة، نحن لسنا ايضا مؤسسة تبغي الربح أو تقوم بأعمال مقاولات. نحن مشروع اطلق من قبل «جهاد البناء» وهي جمعية مرخصة بموجب علم وخبر قانوني ولها ان تطلق مشاريع، فأطلقت هذا المشروع، مع صلاحيات لمديره بان ينفذه وفق القوانين المعمول بها في لبنان. كما ان المشروع يمتلك توكيلات خاصة باعادة الاعمار وقبض التعويضات. «وعد» تقوم عمليا بإدارة ومراقبة عملية الاعمار. علما ان كل المصاريف التي ستدفع خلال السنتين وكلفة الهيكلية الادارية للمشروع ستتحملها «جهاد البناء» وليس المواطنون.

* كم تبلغ كلفة «وعد» الادارية خلال السنتين؟

ـ نحن نقدرها بنحو 6 ملايين دولار.

* كيف ستتخطون رفض المؤسسات الرسمية دفع التعويضات للمشروع بدلا من الناس؟

ـ هذه المشكلة لم تحل بعد. الحكومة لم تصدر قرارا بمنع الدفع بواسطة التوكيلات لاننا سنطعن بالقرار امام القضاء الاداري حينها لأنه قرار غير قانوني فحق التوكيل امر مشروع. ما يحصل الان هو عمل استنسابي.

* كيف كان تعاون المؤسسات الرسمية اللبنانية معكم؟

ـ هناك عرقلة واضحة. هناك بعض المؤسسات الرسمية متجاوب، لكن بالقرار السياسي العام هناك عرقلة. ولهذا طرحنا فكرة ـ كممثلين للمالكين ـ بان تقوم الدول المانحة التي دفعت الاموال مشكورة ووقفت مع الناس، بمباشرة عملية اعادة الاعمار والقيام بالتلزيمات وخصوصا ان الخرائط جاهزة لدينا، على ان نتولى عملية الاشراف كممثلين للمالكين.

* هناك شكوى من كثرة المخالفات في البناء ما قد يعرقل عملية اعادة الاعمار؟

ـ المباني كلها قائمة على عقاراتها الخاصة وفيها سندات رسمية. المخالفات تكاد لا تذكر.

* كم هي نسبة التعويضات المصروفة من الدولة حتى اليوم؟

ـ قليلة جدا. في المباني المهدمة لم تتجاوز النسبة حتى الان الـ15 في المائة مما يجب ان يُدفع للناس، وهذا يعني عمليا ان الدولة ستعوض الناس خلال 8 سنوات اذا استمرت بهذه الوتيرة. لقد مرت فترة سُرعت فيها وتيرة دفع التعويضات ثم عادت فتعثرت. ولا اعرف اذا كان للامر علاقة بالأوضاع السياسية.

* ماذا ستفعلون اذاً، هل ستكملون البناء على حسابكم؟

ـ لدينا التزام حيال الناس. نحن نعتبر ان المال الاساسي يجب ان يأتي من خلال الدولة ولهذا يجب ان تصرف هذه الاموال لأن حبسها عن مستحقيها لن يكون في مصلحة الدولة اللبنانية، بل العكس لان المواطن يصبح اكثر تشكيكا بانتماء هذه السلطة. هذا غباء سياسي. اذا كانوا يعتقدون ان هذا يخلق شرخا سياسيا بين المقاومة وأهلها فهم مخطئون، انا الاحظ ان الناس تزداد تعلقا لان لا ثقة لديها بالدولة التي عملت بطريقة خاطئة فخسرت مرتين، الرهان والناس.

* ماذا عن المصادر الاخرى؟

ـ هناك بعض المؤسسات والجمعيات في الدول العربية والاسلامية تقوم مشكورة بالتبرع بالمواد العينية. حتى المواطنين. بالامس اتصل بنا احد الاخوة السعوديين من مكة المكرمة وابلغنا انه سيرسل تبرعا للمشروع، رافضا ان يذكر اسمه.

* بكم تبرع؟

ـ مهما كان المبلغ زهيدا نحن نعتز به ونفتخر، لان قيمته المعنوية اكبر من المادية.

* ما هو الحجم المتوقع للاموال؟

ـ كلفة المشروع هي نحو 370 مليون دولار. واذا دفعت الدولة من دون عوائق وحجج يفترض ان تعوض بنحو 200 مليون دولار. والباقي يدفعه «حزب الله» بعد حسم التبرعات.

* وما هو الحجم المتوقع للتبرعات؟

ـ مفتوحة، هناك مواد عينية، لكننا نترك هذا الموضوع لأصحاب العلاقة لإعلانه اذا ارادوا، فمنهم من يريد ابقاء الصدقة «صدقة السر».

* هل يخاف هؤلاء من الحظر الاميركي المفروض على «جهاد البناء» والى اي مدى اثر هذا القرار عليكم؟

ـ القرار ظالم طبعا لأنها مؤسسة انمائية لم تمارس يوما غير البناء والتنمية. قد يكون بعض المتبرعين لا يريدون ذكر الاسماء ربما لهذا السبب. لكن هذا لا يوقف بعض الغيارى عن التبرع، نحن لن نذكر اسماء المتبرعين في جميع الاحوال الا اذا اعلنوا عن ذلك بأنفسهم. اما في ما يتعلق بعمل المؤسسة فلا اثر يذكر للقرار لان المؤسسة شرعية في لبنان ولا عمل لدينا مع الاميركيين.

* هل ستواصلون التزام مطلع العام 2009 كموعد لإنهاء المشروع اذا تأخر دفع التعويضات؟

ـ نحن نعمل وفي بالنا ان الدولة ستدفع لأنه واجبها وخصوصا ان المال ليس من الخزينة بل من التبرعات وعلى الدولة ان تعطي الامانة لأصحابها.

* هل كانت هناك اي محاذير سياسية في التعاطي مع الشركات التي لزمت اعادة الاعمار.

ـ كان لدينا همان. الاول اعادة الناس الى منازلها بسرعة والثاني الجودة في العمل. الهيئة الاستشارية التي انجزت المخطط التوجيهي مؤلفة من كبار المهندسين من مختلف المناطق والمذاهب والاتجاهات السياسية. قسمنا المنطقة الى مربعات اعطيت الى 30 مكتباً استشارياً من الشمال الى الجنوب. فلم يكن هناك محظور، بل المعيار الاساس هو ان يكون مكتبا رائدا في مجال العمارة وقادرا على التسليم في الوقت المحدد. ولهذا كان ابناء المنطقة اقلية في هذه العملية بسبب عدم وجود شركات تتمتع بالمواصفات المطلوبة.

* هل ستكون هناك معاملة خاصة لمؤسسات «حزب الله» المدمرة؟

ـ الضاحية الجنوبية هي منطقة سكنية. هناك بعض المكاتب التي امتلكها او استأجرها الحزب. نحن معنيون بإعادة الابنية كما كانت ولن نهتم بشاغليها. وعموما نحن لسنا معنيين بالمباني غير السكنية.

* ماذا عن المعايير الامنية، هل ستكون هناك بنية تحتية تحت الارض أو سراديب لمواجهة احتمال تكرار الحرب؟

ـ لم تأخذ اي شركة من شركات «حزب الله» مشروعا حتى الان. الشركات هي من مختلف المناطق والعاملون فيها يرون كل ما يحصل. مثلا مبنى شورى «حزب الله» القديم (القيادة الاساسية للحزب) كان من نصيب احدى الشركات التي يمتلكها مسيحيون. وقد قام هؤلاء بالحفر ويعملون بشكل طبيعي جدا. لقد تبين من خلال العدوان ان الملاجئ لا تحمي، بل هي مقابر جماعية، ولا توجد امكانية لمقاومة القنابل الذكية التي استخدمها الاسرائيليون والقنابل الفراغية. الحل ليس بالملاجئ، بل بالخطة الدفاعية للبنان كله، وليس الضاحية فقط. اسرائيل قد تضرب اي مكان آخر فالاسرائيلي لم يوفر بيروت سابقا. نحن معنيون كلبنانيين باقامة خطة دفاعية، لا ان نبني ملاجئ ونختبئ فيها.

* الا توجد اي اعتبارات امنية؟

ـ لو كانت كذلك لاستقدمنا شركات خاصة، لكننا فتحنا الباب امام الجميع وهذا دليل على ان لا شيء لدينا نخفيه.