مسؤول أميركي: إسرائيل تستطلع منشآت نووية تعتقد أن كوريا الشمالية أمدت سورية بها

وزير الإعلام السوري لـ«الشرق الأوسط»: بدعة أميركية جديدة .. ولماذا يستعجلوننا؟

TT

قالت دمشق أمس، إن الاتهام الاميركي بوجود تعاون نووي بين كوريا الشمالية وسورية «بدعة جديدة ومحاولة للتغطية على المأزق الاسرائيلي وتقديم الذرائع» بعد الغارة الاسرائيلية. واكتفى وزير الاعلام السوري محسن بلال، ردا على استفسار «الشرق الاوسط» بشأن تكتم دمشق على موقع واهداف الغارة الاسرائيلية بالقول «الأمور تأتي في أوانها المناسب.

جاء ذلك بينما واصلت إسرائيل أمس سياسة التزام الصمت التام إزاء الانباء التي أكدها مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون حول شنها لضربة جوية داخل الاراضي السورية في الاسبوع الماضي بينما قال مسؤول آخر في الادارة الاميركية لنيويورك تايمز، ان الطيران الاسرائيلي نفذ مؤخرا تحليقا استطلاعيا فوق الاراضي السورية و«التقط صورا لمنشآت نووية محتملة يعتقد الاسرائيليون ان كوريا الشمالية أمدت سورية بموادها». وأضاف المسؤول الاميركي ان الاسرائيليين يعتقدون بان كوريا الشمالية «تخزن بعض معداتها النووية في سورية».

وقد رفض متحدث باسم الحكومة الاسرائيلية مجددا، أمس، التعليق على الغارة التي قدمت سورية بشأنها احتجاجا الى الامم المتحدة اتهمت فيه اسرائيل بالعدوان «والانتهاك السافر» لمجالها الجوي، فيما وصف الرئيس الاسرائيلي شيمعون بيريس الامر بانه «حليب مهدور»، دون ان يعطي تفاصيل ما حدث بالفعل، وأصر على ان اسرائيل ترغب في إقرار السلام مع سورية.

وقدمت سورية شكواها الى مجلس الأمن عبر العضو العربي فيه، قطر، حسب ما قال مسؤولون في الامم المتحدة، وناقش الأعضاء مساء اول من امس الاحتجاج ولكن لم يصلوا الى نتيجة بشأنه. وتقول الرسالة السورية التي وزعها سفير سورية لدى الامم المتحدة بشار الجعفري: إن الطائرات الاسرائيلية ألقت ذخيرة لم تسبب ضررا ماديا.

وكان مسؤول في البنتاغون قد قال أول من أمس، إن إسرائيل نفذت بالفعل ضربة جوية في سورية بعد منتصف ليلة الاربعاء من الاسبوع الماضي هي الاولى من نوعها منذ العام 2003.

وفيما اكد البنتاغون ان الطيران الاسرائيلي نفذ «غارة واحدة على الاقل» على هدف في شمال شرقي سورية، قال انه لم تتضح بعد طبيعة هذا الهدف ولا مدى الاضرار التي تكون قد لحقت به.

وفيما كان الاعتقاد السائد ان الغاية من التحليق الاسرائيلي فوق شمال شرقي سورية هو اختبار نوعية ومدى الصواريخ التي تنشرها دمشق في المنطقة، ذكر مسؤولون في الادارة الاميركية ان من المرجح ان تكون الاهداف التي قصفها الطيران الاسرائيلي مخابئ اسلحة مرسلة من ايران الى حزب الله في لبنان عبر الاراضي السورية ـ علما بان دوائر الاستخبارات الاميركية تؤكد بان ايران تمد حزب الله بالعتاد والذخيرة برا، وبصورة متواصلة، عبرالاراضي السورية. وقال مسؤول ان «الاسرائيليين يحاولون القول للسوريين: لا تدعموا تعزيز حزب الله في لبنان.

إلا ان مسؤولا أميركيا آخر قال ان الطيران الاسرائيلي نفذ مؤخرا تحليقا استطلاعيا فوق الاراضي السورية و«التقط صورا لمنشآت نووية محتملة يعتقد الاسرائيليون ان كوريا الشمالية أمدت سورية بموادها». وأضاف المسؤول الاميركي ان الاسرائيليين يعتقدون بان كوريا الشمالية «تخزن بعض معداتها النووية في سورية».

وقال المسؤول الاميركي، الذي رفض الكشف عن اسمه للصحيفة، إن «الاسرائيليين يعتقدون ان كوريا الشمالية تبيع ايران وسورية ما تبقى لديها» من عتاد نووي. واضاف انه لم يتضح ما إذا كانت الغارة قد اسفرت عن تقديم أي ادلة تثبت هذا الاعتقاد الاسرائيلي.

وفي هذا السياق نقلت وكالة رويترز للانباء عن «مصدر دبلوماسي أميركي»، لم تكشف عن اسمه، قوله إن منطقة دير الزور، اي المنطقة التي قالت دمشق ان الذخائر الاسرائيلية سقطت فيها، هي منطقة يشتبه مسؤولون اميركيون انها تشهد «شكلا من أشكال التعاون مع كوريا الشمالية بشأن الاسلحة النووية». وقال المصدر الدبلوماسي ان «الشكوك تدور حول قيام كوريا الشمالية باسناد عمليات لتخصيب اليوارنيوم إلى دمشق». لكن مسؤولا اميركيا آخر ومسؤولين سابقين في المخابرات الاميركية استبعدوا ذلك واعتبروه صعبا من الناحية التقنية. وفي فيينا قال دبلوماسيان كبيران مقربان من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، انهما لم يسمعا بأي شكوك جادة عن صلات نووية بين سورية وكوريا الشمالية.

من جانبه، اعتبر وزير الاعلام السوري محسن بلال في تصريحات لـ «الشرق الاوسط» عبر الهاتف ان الاتهام الاميركي بوجود تعاون نووي بين كوريا الشمالية وسورية «بدعة اميركية جديدة ومحاولة للتغطية على المأزق الاسرائيلي وتقديم الذرائع» بعد الغارة الاسرائيلية.

وقال وزير الاعلام في اتصال هاتفي من دمشق «يبدو ان لدى الأميركيين قدرات كبيرة للتأليف والنشر والتوزيع الا ان عليهم ان يعوا ان هذه «المسلة» اصبحت صدئة ولم تعد قابلة للاستخدام».

واعتبر ان الاعلان الاميركي «يأتي للتغطية على المأزق الاسرائيلي لأن اسرائيل لم تستطع حتى الان نشر المعلومة حول عملية القرصنة الجوية التي ارتكبتها ضد سورية والاميركيون يجيبون نيابة عن الاسرائيليين ويقدمون لهم الذرائع».

وتابع قائلا «انها آخر بدعة اميركية بعد الكذبة الكبرى في العراق، ويبدو كما يقول المثل الشعبي ان «حليمة رجعت لعادتها القديمة» في اختلاق الامور».

وردا على سؤال حول سبب امتناع دمشق حتى الان عن الكشف عن معلومات حول طبيعة الموقع الذي استهدفته الغارة وتثبت حدوث الغارة الاسرائيلية على اراضيها والاضرار التي ألحقتها، اكتفى وزير الاعلام السوري بالقول «الأمور تأتي في أوانها المناسب، لم يستعجلون علينا؟ الاسرائيليون انفسهم لم يصرحوا حتى الان عن وقوع العملية، نحن على الاقل أصدرنا بيانا عسكريا حددنا فيه مسار عملية القرصنة الجوية الاسرائيلية».

وردا على سؤال حول طبيعة الرد السوري المرتقب على هذه الاتهامات، اكتفى بالقول «كل أمر يأتي في أوانه المناسب، لكل سؤال جواب في حينه وفي وقته».

وردا على سؤال آخر لـ «الشرق الاوسط» حول الانفجار الذي وقع في يوليو ( تموز) الماضي في ثكنة عسكرية في مدينة حلب قال وزير الاعلام السوري: ان «البيان الذي تصدره الدولة السورية صادق لا لبس فيه ولا مراوغة ولا اجتهاد في صدقه». وكان انفجار ضخم هز ثكنة عسكرية في مدينة حلب في يوليو الماضي وادى الى مقتل ما لا يقل عن 15 جنديا. وقد ردت دمشق اسبابه الى «ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق»، مؤكدة انه ليس عملا تخريبيا، في حين اشارت تقارير الى ان الحادث جاء على خلفية اشتباكات متكررة بين قوات الامن ومسلحين متطرفين في السنوات القليلة الماضية تصفهم دمشق على انهم «مجموعات تكفيرية». من جهة اخرى ووسط الغموض المحيط باهداف الغارة الجوية الاسرائيلية في سورية، أعلنت الحكومة الاسرائيلية حالة تأهب واسعة في صفوف قوات الجيش الاسرائيلي المرابطة في هضبة الجولان السورية المحتلة منذ العام 1967 «تحسبا لهجوم سوري». وقد اتخذ هذا الاجراء، الذي يعتبر الأول من نوعه منذ سنوات طويلة، في أعقاب ما اعتبرته تل ابيب «تهديدات صادرة عن دمشق»، تقول إن سورية سترد في القريب على الاختراق الاسرائيلي العدواني للأجواء السورية، فجر الخميس الماضي.

وقد اجتمع قائد اللواء الشمالي في الجيش، غلانت، مع قادة الفرق والوحدات في الشمال وقال لهم ان «أمن المواطنين في اسرائيل في فترة الأعياد متعلق بمدى يقظتكم واستعدادكم للرد على أي عدوان من الشمال». وزار رئيس الأركان، غابي اشكنازي، القواعد العسكرية على طول الحدود الاسرائيلية مع سورية ولبنان.

وحاول الجيش طمأنة مئات ألوف الاسرائيليين من السكان ومن المستجمين في الشمال بمناسبة عيد رأس السنة العبرية، بالقول ان هذه احتياطات أمنية تتم في أعقاب التهديدات السورية «على سبيل اليقظة، ولا تعني بالضرورة ان حربا ستنشب». وأكد العديدون من المعلقين العسكريين بان احتمالات الحرب بعيدة، إلا انهم في الوقت نفسه التفتوا الى تصريحات مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، الذي قال يوم الأول من أمس ان الرد السوري على الاعتداء الاسرائيلي لم يأت بعد وأنه سيأتي في القريب.

وكانت أجهزة المخابرات الاسرائيلية الداخلية (الشاباك) والخارجية (الموساد)، قد بدأت حالة استنفار في السفارات والقنصليات الاسرائيلية في جميع أنحاء العالم وكذلك في مقرات المؤسسات اليهودية، تحسبا من «عمليات ارهابية تنفذ من عناصر موالية لسورية وايران ردا على الأنباء المنشورة في العالم حول اختراق طائرات اسرائيلية للأجواء السورية». وقد تم رفد عناصر المخابرات الموجودة في تلك المرافق بمئات العناصر الإضافية. وتم التنسيق مع أجهزة مخابرات غربية في هذا الشأن.

وفيما تواصل وسائل الاعلام الاسرائيلية متابعة الموضوع من خلال التغطية الواسعة لما ينشر في وسائل الاعلام العربية والأجنبية حظي بابراز خاص الاستنكار الذي أصدرته كوريا الشمالية للاختراق الاسرائيلي، والذي تسبب في اثارة الشكوك في واشنطن بأن الطائرات الاسرائيلية قامت بتصوير موقع سوري تستعد كوريا لإقامة مفاعل نووي فيه.