أوروبا ترفض تأييد خطة البرادعي للحل مع إيران.. وبحث عقوبات جديدة

لاريجاني: مسألة وقف تخصيب اليورانيوم باتت من «الماضي»

لاريجاني خلال تصريحاته للصحافيين في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

هل تجاوز الدكتور محمد البرادعي صلاحياته، مديرا عاما، لوكالة الدولية الذرية، بعقده خطة عمل جديدة مع ايران تمنحها فسحة من الوقت لتقديم كل ما تطلبه الوكالة من معلومات ووثائق سرية حول برنامجها النووي بدون ان يطرح خطته تلك للنقاش والرفض او القبول امام مجلس امناء الوكالة؟. هذا السؤال اصبح القضية الاولى في محور جلسات اجتماع مجلس امناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية المنعقد بمقرها بالعاصمة النمساوية فيينا منذ يومين. وفيما أكد البرادعي للصحافيين أمس، حق كل دولة في الادلاء برأيها، وان لكل الحق في ان يقول ما يشاء، الا انه تجنب الرد، بشكل مباشر على سؤال ما إذا كان قد غادر قاعة الاجتماعات اول من امس لغضبه من البرود وعدم الحماس والانتقاد الذي عكسه خطاب الاتحاد الاوربي الذي القاه رئيس الدورة الحالية، مندوب البرتغال، تجاه الخطة التي عقدها البرادعي مع ايران، لاسيما ان الخطاب الاوروبي سار في ذات النهج الاميركي الرافض للخطة. كما تحث المندوب الاميركي لدى الوكالة، جريجوري شولتز، متهما البرادعي بتجاوز الصلاحيات المخولة له من قبل الدول اعضاء الوكالة.

ورفض بيان الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة لمجلس الامناء التصديق على خطة البرادعي، وركز بدلا من ذلك على مطالبة ايران بالالتزام بقرارات مجلس الامن. واشار الى تعهدها بان تجيب عن اسئلة حول انشطتها النووية الماضية والمستترة. وجاءت رسالة الثلاثي الاوروبي امس سلبية بدرجة أكبر. وفرنسا والمانيا وبريطانيا هي من بين ست دول كبرى رعت قرارين فرضت الامم المتحدة بموجبهما عقوبات على ايران. وقال السفير الالماني كلاوس بيتر جوتفالد متحدثا باسم الثلاثي الاوروبي «نحن قلقون من الطبيعة التعاقبية لخطة العمل. ومن الممكن ان تستخدم لتعطيل الايضاحات المتعلقة بقضايا مهمة». وقال جوتفالد امام اجتماع مجلس الامناء «كنا نفضل توجها يوفر جهودا متوازية. اذا راوغت ايران او عطلت الايضاحات... خطة العمل ستفشل». وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدول الاوروبية الكبرى ان الاتفاق صرف الانظار عن مطالب مجلس الامن بان توقف ايران تخصيب اليورانيوم وتسمح بعمليات تفتيش اوسع من اجل تبديد الشكوك في نواياها النووية. ويخشى الغرب من ان تسعى ايران لامتلاك أسلحة نووية، لكن طهران تنفي ذلك، وتقول ان برنامجها سلمي. وتلزم «خطة العمل» التي تم التوصل اليها في 21 اغسطس (اب) الماضي ايران بالرد على اسئلة الوكالة خلال فترة تقريبية لا تتجاوز بضعة اشهر لكنها لم تمس اعمال التخصيب التي توسعها ايران. ويعتقد زعماء في الغرب ان ايران تريد من وراء هذه الخطة كسب الوقت لتصل الى التخصيب على المستوى «الصناعي» بدون ان تتعرض لعقوبات أشد تعطلها روسيا والصين ما دام اتفاق التعاون يسير قدماً. وكان المندوب البرتغالي قد اشار في كلمته باسم الاتحاد الاوربي لما وصفه بـ«علم الاوربيين» بخطة العمل، مما يفهم منه انهم لم يستشاروا مسبقا، وان الخطة لم تطرح عليهم كمشروع يقبلونه او يرفضونه.

يذكر انه ورغم التساؤلات التي تقلل من اهمية تلك الخطة، والشكوك حول التزام ايران بها، كما جاء في الكلمة الرسمية باسم الاتحاد الاوروبي، ومن قبل السفير الاميركي، ودول مثل كندا واستراليا ونيوزيلندا، الا ان السفير الالماني اكد للصحافيين تأييد كل من المانيا وبريطانيا وفرنسا، اي الدول المعروفة باسم الترويكا الاوروبية الثلاثية، لتلك الخطة، واصفا اياها ببرنامج عمل مستقبلي بين الوكالة وإيران، راجيا ان تساعد على الوصول لحل سلمي لقضية الملف النووي الايراني، مشددا على ان الدول الثلاث دعمت دوما الحوار والتفاوض مع ايران. من جانبها، وصفت السفيرة الكوبية نورما استنوز بوصفها رئيسة، لمجموعة دول عدم الانحياز الممثلة داخل مجلس الامناء «وعددها 15 دولة من مجموع 35» الهجوم على الخطة بأنها تدخل مرفوض في اسلوب وصلاحيات ادارة البرادعي لوكالة الطاقة الدولية التي انتخب بالاجماع ليكون مديرها لدورة ثالثة، موضحة في كلمتها للمؤتمرين بالأمس، ان مجموعة دول عدم الانحياز تؤيد تحركات مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتثني على خطة العمل التي نجح ووكالته في وضعها كبرنامج عمل مع ايران، رافضة الوصف بأنها مجرد «صفقة» تكسب ايران مزيدا من الوقت، معلنة انها تحظى بتأييد كل الـ115 دولة المكونة لمجموعة عدم الانحياز، وليس حفنة دول كما ردد المندوب الاميركي الذي قصر التأييد على سورية وكوبا وفنزويلا، مضيفة ان دول بقوة روسيا والصين وجنوب افريقيا تؤيد ما توصلت اليه الوكالة مع ايران من اتفاق جديد بموجبه تقدم ايران كل المعلومات التي تطلبها الوكالة، وتجيب كتابة عن كل الاسئلة التي توجهها لها الوكالة، فيما يواصل المفتشون الدوليون برامجهم وتفتيشهم لكل المواقع الايرانية النووية بما في ذلك مفاعلا اراك وناتانز. وعلى صعيد ذي صلة، حذرت ايران امس في فيينا من ان ايَّ «تدخل سياسي»، في تلميح الى مجلس الامن الدولي، سينسف الاتفاق الاخير مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال السفير الايراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي اصغر سلطانية لصحافيين لدى خروجه من اجتماع مجلس حكام الوكالة «اتركوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقوم بعملها». واضاف ان «اي تدخل سياسي بدافع ما سيعرض بالتأكيد للخطر التوجه الجديد البناء» الذي أتاح وضع جدول زمني لعمليات التفتيش للرد على اسئلة الوكالة.

وجددت ايران امس رفضها تعليق انشطتها النووية الحساسة، كما يطالب مجلس الامن الدولي، مؤكدة ان مسألة تعليق تخصيب اليورانيوم باتت من «الماضي». وقال كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي علي لاريجاني في مؤتمر صحافي «لقد ابلغنا موقفنا بوضوح حول (تعليق) تخصيب اليورانيوم». واضاف «نقول انه ينبغي ان ندرس مسارات عمل جديدة، ولن نعود الى الوراء نحو الماضي»، في اشارة الى فكرة تعليق مؤقت لانشطة تخصيب اليورانيوم التي طبقها الرئيس الايراني السابق. الى ذلك، قالت الولايات المتحدة امس انها ستستضيف اجتماعا يوم 21 سبتمبر (ايلول) للقوى الكبرى لمناقشة العقوبات التي قد يتضمنها قرار جديد لمجلس الامن لمعاقبة ايران بسبب برامجها النووية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية شون مكورميك ان اجتماع المديرين السياسيين للاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن بالاضافة الي المانيا يتوقع ان «يركز الى حد كبير على مناقشة العقوبات التي سيتضمنها قرار الامم المتحدة المقبل». وتبنى مجلس الامن الدولي ثلاثة قرارات ضد ايران، تضمن اثنان منها عقوبات وذلك بسبب رفضها تعليق تخصيب اليورانيوم.