بري يستأنف اتصالاته بعد «لا جلسة» الثلاثاء المقبل وفتفت يؤكد رفض الحكومة تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية

5 إيجابيات ترفع مستوى الآمال بـ«حلحلة» للأزمة اللبنانية

TT

بات في حكم المؤكد ان جلسة البرلمان اللبناني المقررة الثلاثاء المقبل لن تعقد، بسبب مقاطعة نواب المعارضة لها، مما يعني ان رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يدخل القاعة العامة ولن يفتتح الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، خلفا للرئيس اميل لحود الذي تنتهي ولايته ـ الممدة ثلاث سنوات ـ في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ويأمل «سعاة الخير» بمرور الجلسة باجواء ايجابية تسمح بمعاودة اطلاق الحوار وفقا لآلية بري، التي تتضمن لقاءات مع البطريرك الماروني نصر الله صفير ومع النائب سعد الحريري، في محاولة لبلورة صيغة حوار قد يدعو اليه حول «الملف الرئاسي».

ورغم الاجواء السلبية التي خلفها اغتيال النائب انطوان غانم الاربعاء الماضي، فان 5 مؤشرات ايجابية ظهرت امس، بدأت منذ الصباح مع الغاء رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية»، سمير جعجع، مؤتمرا صحافيا كان من شأنه رفع نسبة التوتر السياسي، ثم «افراج» النائب وليد جنبلاط عن خبر اتصال اجراه به بري قبل يومين وعده جنبلاط في ختامه بـ«معاودة الاتصال به في الوقت المناسب»، ثم اتصال هاتفي اجراه النائب ميشال عون بعائلة النائب الراحل غانم وزيارة تعزية قام بها وفد من التيار (كان الرئيس امين الجميل رفض استقبال عون بعيد اغتيال نجله بيار اواخر العام الماضي)، ثم عودة السفير السعودي عبد العزيز خوجة الى بيروت واعلانه ثقته بان الاستحقاق الرئاسي «سيمر بسلام»، مشددا على اجرائه في «موعده وحسب الطرق الدستورية وفي المجلس النيابي». واخيرا الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس الاعلى لـ«حزب الكتائب» (الذي ينتمي اليه غانم) امين الجميل لبري.

وقال المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل الذي شارك في الاجتماع لـ«الشرق الاوسط»، ان هناك «محاولة لاستيعاب الوضع حتى يوم الثلاثاء، باعتبار ان الاتفاق صعب التحقيق قبل ذلك الموعد»، جازما بعدم انعقاد الجلسة ومشككا بنزول كل نواب «14 اذار» الى الجلسة، موضحا ان بري «لن يدخل القاعة اذا لم يكتمل نصابها». لكنه اشار الى ان بري سيستأنف مباشرة بعد الجلسة مساعيه واتصالاته، مؤكدا ان مبادرته الرامية الى التوافق «ما تزال قائمة». ورأى الخليل ان الجميل «مقتنع مثل بري بانه لا تزال هناك فرصة حل ويجب اغتنامها».

اما الجميل فقد قال انه اجتمع مع بري «لنجد الحلول السياسية لوقف هذا المسلسل في اقرب وقت ولايجاد مخرج للازمة الخانقة التي نعيشها». وتمنى الجميل ان تكون جلسة الثلاثاء المقبل مدخلا لحل الازمة. وقال: «فلتكن هذه الجلسة جلسة تشاور، واذا تم النصاب فيكون ذلك جيدا واذا لم يتم تكون جلسة تشاور بين جميع القيادات التي تعود لتلتقي في المرة الاولى وتستلهم ارواح جميع الشهداء الذين نستذكرهم في هذه المناسبة وتكون هذه الجلسة لقاء وطنياً ونسرع للحل في اقرب وقت ولا بد ان نكون عندما نلتقي معاً كلبنانيين مع مصلحة البلد ومع كيفية اخراجه من هذا المستنقع الخطير الذي يتخبط فيه منذ فترة طويلة. وهذه الجلسة في 25 سبتمبر (ايلول) تؤسس لمشاورات ولقاءات ومبادرات سريعة تبلور مبادرة الرئيس بري، وفي النهاية نتفاهم على رئيس جمهورية يستطيع ان يجمع الناس ويكون رأس الحربة للدفاع عن سيادة الوطن ومصالحه العليا وبالطبع يكون بداية بلسمة الجرح اللبناني وجروح اللبنانيين».

واعرب الجميل عن اعتقاده بوجود «فرصة لكي يتم التفاهم». وقال: «نحن نعرف تماما انه اذا لم تحصل انتخابات فسيكون هناك فراغ خطير، لذلك علينا الا نفكر الآن في ارقام وفي حلول قيصرية، دعونا نركز في هذه المرحلة على المصلحة الوطنية ونؤسس لوفاق ولمصالحة. واعتقد اننا نحن اللبنانيبن كلنا واحد. ومرة اخرى اقول اذا سقط الهيكل لن يوفر احدا من 14 او 8 آذار ولن يخرجا منتصرين اذا ما سقط». واشاد الجميل ببري الذي «يسعى الى الخير دائما وقد اطلق هذه المبادرة». وقال: «ان تواصله مع القيادات السياسية كافة هو ايضا عنصر خير. لقد التقينا مع بعضنا البعض كقيادات في 14 آذار أخيرا وكانت الاجواء ايجابية، واعتقد ان النائب سعد الحريري سيتواصل مع الرئيس بري... وايضا حصل اتصال مع وليد جنبلاط، وهذا يبين ان هناك اكثر من شعرة معاوية بين الناس». واضاف: «علينا ان نفهم تماما ان لبنان ليس ملك الاحزاب ولا الحركات ولا ملك التيارات. لبنان هو ملك اللبنانيين وكل هذه التضحيات من قبل كل الاطراف علينا ان نوظفها لمصلحة لبنان».

وردا على سؤال عما اذا كان طلبه خلال تشييع غانم برعاية عربية ودولية يعني تدويل الاستحقاق الرئاسي، قال الجميل: «لبنان مدوّل على اي حال. فكل هذه القرارات الدولية والاهتمام الدولي واضحة، ونحن لا نخترع البارود. القضية مدولة والشغل الشاغل لمجلس الامن لبنان. وامس صدر عن مجلس الامن بيان وهناك تصريح للامين العام للامم المتحدة، كأن لبنان هو شغلهم الشاغل».

وكان بري، الذي تلقى اتصالا هاتفيا من النائب ميشال عون، التقى رئيس الكتلة الشعبية النائب الياس سكاف الذي شدد على ضرورة التوافق في الاستحقاق الرئاسي، قائلا: «نحن طبعا مرشحنا العماد عون واي تغيير عنه لن يحصل الا بالتنسيق مع العماد عون ومن خلال المجلس النيابي ورئيسه».ورأى سكاف ان تأليف حكومة ثانية لا يحل المشكلة. وقال: «هذه مغامرة ومخالفة للدستور وللتصريحات والبيانات التي صدرت عن البطريرك وبعض النواب في الاكثرية، لا اعتقد حصول ذلك بالقوة لأنه يخلق مشكلة كبيرة بين النواب وكذلك بين الشعب اللبناني، لأن الانتخاب بالنصف زائد واحدا ليس من مصلحة احد».

واعرب السفير السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة، بعيد عودته الى بيروت امس، عن «ثقته بان الانتخاب الرئاسي اللبناني سيمر بسلام»، ودعا اللبنانيين الى «منع أيدي الشر من العبث بالبلد»، مؤكدا «ان المملكة لا تتدخل في الشؤون اللبنانية، لكنها تقوم بمساع خيرة من اجل مساعدة اللبنانيين على الخروج بالازمة من عنق الزجاجة». وقال: «من المؤكد وجود جهات لا تريد الاستقرار للبنان، وهذه الجريمة من دون شك بشعة. جريمة سياسية تريد فعلا التأثير على الاستحقاق الرئاسي. ولحسن الحظ الزعماء في لبنان أدركوا الموضوع، واعتقد انهم مصممون على إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده، وعلى المضي به، وانا على ثقة تماما انهم سينجحون وسيسود الخير».

لكن خوجة نفى وجود مبادرة سعودية وقال: «المسعى السعودي هدفه ان يلتقي اللبنانيون مع بعضهم البعض». واضاف: «انا اعتقد ان القضية لبنانية، موضوع سيادي لبناني، والمملكة تتحرك وتتدخل للمصالحة وللخير، وليس للتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، وانما اذا كان هناك من مسعى خير كما جرت عادة المملكة بين الاطراف وهم على علاقة طيبة مع المملكة، فنحن نستغل هذه المحبة وهذه الثقة مع الجميع لنشجع الجميع على التآخي والحوار والتخلص من هذه الازمة». وشدد على ان «المملكة تدعم حصول الاستحقاق في موعده وحسب الطرق الدستورية وفي المجلس النيابي».

واشار الى ان تصريح وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عن شرطة دولية لحماية النواب «هو اقتراح». وقال: «أنا على ثقة بأن الاستحقاق الرئاسي سيمر بسلام ويجب ان يكون هناك تصميم وعزيمة، وان وجدا فلا خوف على اللبنانيين ولبنان».

ورأى وزير الشباب والرياضة احمد فتفت «ان اسلوب قمع الأكثرية في لبنان مستمر». مشيرا الى «الخروق الامنية الموجودة على مساحة لبنان كلها، ما يظهر اننا معرضون في اي وقت للاغتيال»، وموضحا «ان من اول مقومات قيام الدولة هو احادية السلاح». واعتبر «ان العديد من الفرقاء في لبنان لا يزالون غير مقتنعين بكيان لبنان ويعتبرونه كذبة، لذلك لا يمكن وصف العلاقة مع سورية بأنها مشكلة بين الرئيس فؤاد السنيورة او غيره وبين سورية، بل المشكلة حول فلسفة سورية ونظرتها التاريخية الى لبنان». وشدد على انه «لا يمكن لسورية ان تعود الى لبنان الا اذا كانت هناك أطراف لبنانية موافقة على هذه العودة ومستعدة لتسهيلها وتتعامل مع سورية لتنفيذ مصالحها، ولو على حساب دماء اللبنانيين وعلى حساب مصلحة لبنان». وقال: «اننا لن نكون جزءا من المشروع الاميركي في المنطقة وهدفنا مع اميركا وفرنسا وروسيا والمجتمع الدولي هو قيام الدولة وبناؤها، بينما الطرف الآخر يسعى الى بناء ميليشيا، وهذا واضح من خلال المؤسسات التربوية الخاصة به والمؤسسات الاجتماعية والأمنية والعسكرية الخارجة عن نطاق الدولة». ولفت الى قول بري «انه لن يقبل برئيس يعارضه البطريرك صفير والحريري وجنبلاط، وكلام الشيخ عبد الامير قبلان الذي يدعو فيه الجميع الى حضور جلسة الثلاثاء وان كل من يقاطعها هو متآمر على الوطن»، معتبرا انه «كلام جيد ويحمل بارقة أمل». وقال: «اذا كانت دعوة الرئيس بري جدية، فواجب كتلته الحضور الى الجلسة، اذ ان مقاطعة الجلسة تعني عدم التجاوب مع كلام البطريرك صفير وكلام الشيخ عبد الامير قبلان». واضاف: «ان هدفنا هو انتخاب رئيس للجمهورية بالاجماع اذا أمكن، واذا لم نتمكن من ذلك فبالأكثرية المطلقة، اذ ان اسوأ ما يمكن ان يحصل هو الوصول الى تاريخ 24 نوفمبر (تشرين الثاني) من دون انتخاب رئيس، وبالتالي تتسلم الحكومة السلطة»، لافتا الى «ان الحكومة الحالية ترفض تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية». ورأى «ان هناك مخططا سياسيا للوصول الى الفراغ الدستوري وبالتالي الدخول في حال من الفوضى»، مؤكدا «ان تفسير الدستور يتم في مجلس النواب، والرئيس بري دعا في هذا الاطار الى فتح المجلس لمناقشة الخلافات القانونية والدستورية». واعلن «ان قرار قوى 14 آذار هو النزول الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، وعلى قوى المعارضة ايضا النزول والانتخاب بطريقة ديمقراطية»، مشيرا الى «ان النائب السابق نسيب لحود يمكن ان يكون رئيسا توافقيا». وميز فتفت «بين الرئيس بري المتحالف مع سورية والرئيس بري الذي ينفذ السياسة السورية، واعتقد ان السوريين ربما تغاضوا عن مبادرة بري لنسفها ورميها في ما بعد عند الطرف الآخر»، معتبرا «ان تفجير سيارة النائب غانم هدفه دفع الاكثرية الى تجذير موقفها والتصعيد ورفض المبادرة، وبالتالي القاء اللوم عليها في نسف المبادرة وتعطيلها، ومن هذا المنطق أصر فريق 14 آذار على مبدأ التوافق وأعلن انه مع التوافق انما ليس مع التسوية». وردا على سؤال، توقع «حصول المزيد من الاغتيالات في صفوف الاكثرية، لكنه اكد «ان الانتخابات ستحصل في موعدها ولو خارج مجلس النواب».

ودعا أمين سر حركة اليسار الديمقراطي النائب الياس عطا الله الى «تسريع الحوار والاتصالات الهادفة إلى انتخاب رئيس للجمهورية في المهلة الدستورية»، معتبرا ان «هناك تناقضا صارخا بين السعي والتواصل والحوار واستمرار آلة الإرهاب والقتل. وحلّ هذا التناقض يقتضي الاستجابة لكل أنواع الضمانات العربية والدولية.. كما يقتضي المسارعة الى اتخاذ خطوات ملموسة فيما خصَّ المجلس النيابي ومحيطه والطرق المؤدية إليه، وخاصة موضوع الخيم حيث يفترض من رئيس مجلس النواب التعاون مع كل السلطات والمؤسسات الشرعية لتأمين منطقة آمنة كلياً، كما التجاوب مع التدابير المتنوعة التي تضمن حياة النواب وتحديداً من الآن الى حين اتمام الاستحقاق الرئاسي».