زيباري لـ«الشرق الأوسط»: التقسيم المطروح في الكونغرس غير الفيدرالية.. ونرفضه

وزير الخارجية العراقي: التمديد المقبل للقوات المتعددة الجنسية سيكون الأخير.. وسنسعى لاتفاق ثنائي مع أميركا

وزير خارجية العراق هوشيار زيباري
TT

أكد وزير خارجية العراق هوشيار زيباري معارضته تقسيم العراق إلى ثلاث ولايات أو مناطق، كما جاء في قرار الكونغرس الأخير الذي طالب بتقسيم العراق الى ثلاث مناطق على أساس طائفي وعرقي. واعتبر زيباري القرار غير ملزم للحكومة العراقية وانه «نتاج الجدل السياسي الداخلي الدائر في الولايات المتحدة حول المسألة العراقية». واضاف زيباري في حديث لـ«الشرق الأوسط» في نيويورك، «ان هذا القرار يختلف بالتأكيد عن الفيدرالية التي اختارها العراقيون في دستورهم». واضاف «كل العراقيين متفقون على عدم التقسيم وحتى الفيدرالية، التي اقرها الدستور ستكون على أساس جغراقي، وليست على أساس عرقي وطائفي». وفي ما يلي نص الحديث الذي تم في نيويورك:

* هل لحكومة بغداد أي موقف من القرار الذي اتخذه الكونغرس الأميركي بتقسيم العراق إلى ثلاث ولايات على اساس عرقي وطائفي؟ ـ القرار غير ملزم، على الرغم من أنه حصل على أصوات هائلة، وكان مطروحا منذ فترة طويلة، وحتى من قبل المرشحين للرئاسة، وأن فكرة القرار لا تصب باتجاه تقسيم العراق، على العكس مما صورته وسائل الإعلام. وهذا القرار بالتأكيد يختلف عن الفيدرالية التي اختارها العراقيون في دستورهم، ولكن مسألة الفيدرالية لم يتم الاتفاق عليها من حيث عدد المناطق وكيفية بناء النظام الفيدرالي. وعلي القول إن كل الطوائف العراقية والقوميات والأقليات، بغض النظر عن اتجاهاتها السياسية، ليست مع تقسيم البلد ولا في تجزئة البلد إلى ثلاث مناطق. وما يجري حاليا هو نقاش حاد سياسي حول العراق داخل الولايات المتحدة وأن المسألة العراقية لم تعد محظورة على السياسة الخارجية الأميركية، وأصبحت جزءا من النقاش الداخلي للسياسة الأميركية. وكما هو واضح أن كل مجموعة سياسية تحاول طرح تصوراتها واستراتيجتها للخروج من هذا المأزق، وان فكرة تقسيم العراق الى ثلاث مناطق فيدرالية متأتية من أنه إذا لم يتمكن العراقيون من التعايش معا، فالحل ضمن تصور أصحاب القرار هو فصل كل هذه الجماعات الإثنية والطائفية في المناطق التي تعيش فيها. وحيث تكون هناك حكومات تابعة للإقليم مع حكومة مركزية تتولى قضايا الدفاع والأمن. واعتقد أن هذا القرار غير صالح لأن كل العراقيين متفقون على عدم تقسيم البلد، وحتى الفيدرالية التي اقرها الدستور ستكون على أساس جغرافي وليس على أساس طائفي أو عرقي، أو على اساس سني وشيعي وكردي وعربي وهذه مسألة تعالج دستوريا وفق ما نص عليه الدستور.

* يقال إن بعض الجهات والأطراف العراقية قد ساهمت أيضا في بلورة القرار الذي اتخذه الكونغرس الأميركي. ـ ان مسألة الفيدرالية موجودة في الدستور وأصحاب القرار لم يأتوا بهذا المشروع من فراغ أو من بنات افكارهم، ولكن تنفيذ طريقة هذا النظام الفيدرالي هو شأن عراقي وليس تابعا للكونغرس أو لجهات أخرى لتخطط أو تصنف الأمور على هواها، وهذه قرارات تعود الى الشعب العراقي والى البرلمان. وإن هذا القرار غير الملزم هو احد الحلول المطروحة للخروج من المأزق العراقي، وهو نتيجة لتصاعد أعمال العنف والاقتتال الطائفي والإثني في الكثير من مناطق العراق. ومن المشاكل التي يواجهها هذا المشروع هو كيف سيعالج مدنا أو مناطق يتكون سكانها من كل الأطياف العراقية. * باعتبارك وزير خارجية العراق هل أنت مع هذا القرار أو ضده؟ ـ انا لا استطيع أن اكون ضد أو مع هذا القرار وكل ما بينته لك هو شرح الخلفية وراء فكرة التقسيم، ولكن أؤكد لك بأني تماما ضد فكرة التقسيم، وفي الوقت ذاته انا مع النظام الفيدرالي، وهذا النظام نحن من يقرره وليست أية جهة خارجية. * لوحظ أن لقاء الرئيس الأميركي جورج بوش مع رئيس الوزراء نوري المالكي كان قصيرا وتجنب بوش والمالكي اسئلة الصحافين وكأنه مؤشر على برودة العلاقة بين بوش والمالكي؟ ـ اللقاء استغرق أكثر من ساعة كاملة وقد شاركت في اللقاء وبحث فيه بعض القضايا الأساسية.

* ما هي القضايا التي بحثها هذا اللقاء؟ ـ من القضايا التي بحثها الاجتماع، التقرير الذي قدمه قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس والسفير الأميركي لدى العراق رايان كروكر الى الكونغرس. وكان هناك نوع من الارتياح، لأن التقريرين ساهما في تهدئة الموجة التي سبقت التقريرين من النقد والهجوم على الإدارة وعلى الحكومة في العراق. وقد خفف تقرير الجنرال بترايوس والسفير كروكر من حدة الهجوم، وقد ساهم في دفع الآخرين للتفكير بواقعية أكثر. وما طرح هو الاعتراف بصعوبة الوضع الراهن في العراق والتحديات التي تواجهها الإدارة الأميركية والخسائر التي تتكبدها قواتها والتكاليف الباهظة. كما أن انسحاب القوات الأميركية من العراق ليس الخيار الأفضل لمصالح الولايات المتحدة ولمصلحة العراق والمنطقة ككل. وقد جرى التأكيد في الاجتماع على أن هذا التقدم، الذي جرى وحصل في المجال الأمني، إذا لم يحافظ عليه من خلال تقديم خدمات وبتحرك حكومي سريع في المناطق التي تم تطهيرها من القاعدة وحصلت فيها معالجات أمنية. وجرى التأكيد على أن تتبنى الحكومة سياسة لتقديم الخدمات ولإعادة الأعمار، وقد تقود هذه السياسة الى انقلاب في هذا التقدم الذي حصل. والمسألة الثانية التي بحثت في لقاء بوش مع المالكي، هو التحرك الدبلوماسي الحاصل مع دول الجوار والاجتماع القادم لدول الجوار الذي سيعقد في استانبول. والقضية الثالثة التي طرحت في الاجتماع هي الترتيبات والمعاهدات البعيدة المدى بين العراق واميركا. في نهاية هذه السنة ستتم مراجعة قرار مجلس الأمن الذي منح تفويضا دوليا لعمل القوات المتعددة الجنسيات في العراق، وأثناء مراجعة القرار سنقوم بالتفاوض مع مجلس الأمن، وسنطلب التمديد لمدة سنة أخرى، وفي الوقت ذاته نطلب إدراج بند في قرار التمديد عن المفاوضات التي سيدخلها العراق مع الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاقية أمنية بعيدة المدى مع أميركا لتلبية حاجيات العراق من الناحية الأمنية بشكل ثنائي، نضمن رفع القرارات الخاصة بالعراق من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ونسعى إلى الوصول إلى اتفاقيات ومعاهدات أمنية على غرار الاتفاقيات الأمنية الثنائية بين أميركا والسعودية والكويت والإمارات والبحرين وقطر ومصر، خارج الالتزامات والولاية التي حددها مجلس الأمن في قراراته. وهذه المفاوضات حول المعاهدة الأمنية سوف تستغرق وقتا طويلا وقد تصاحبها بالتأكيد مفاوضات ومحادثات طويلة وشاقة، لأنها سوف تشمل بحث مسائل السيادة والحصانات، وكذلك ستشمل مهمة القوات ومسألة حاجات العراق الأمنية ودور القوات الأميركية في التدريب والتأهيل. وبالتأكيد بحث كل هذه القضايا سيستغرق وقتا طويلا وربما سيكون التمديد للقوات المتعددة الجنسيات في العراق آخر تمديد لها من قبل مجلس الأمن.

* هل سيحدد القرار الجديد جدولا زمنيا لانسحاب القوات المتعددة الجنسيات من العراق؟ ـ سوف لن يحدد جدولا زمنيا لانسحاب القوات وقد يشمل على فقرة تدعو إلى تخفيض القوات المتعددة الجنسيات. فالقرار يمدد ولاية القوات ولكن يضمن في بنوده حق العراق في الوصول إلى ترتيبات ثنائية بين العراق وأميركا من أجل رفع العراق من الفصل السابع الذي يفرض جملة من الشروط والالتزامات، على اعتبار أن العراق ما زال ساحة حرب، وهذا الأمر سيحررنا من الكثير من الالتزامات. * هل من الممكن أن توضح لنا ما هي الالتزامات؟ ـ اضرب لك مثلا بمسائل تتعلق بالسيادة، فالمجال الجوي للعراق من يسيطر عليه الآن؟ اكيد الجواب هو القوات الأميركية هي التي تسيطر عليه وكذلك هي التي تسيطر على معابر الحدود والتحكم بالخروج والدخول الى العراق. ويضاف الى ذلك مسألة الحصانة التي تتمتع بها القوات الأميركية الآن، فالذي يحاكمها ويحاسبها حين تمارس الانتهاكات هو الحكومة الأميركية وليس الحكومة العراقية.

* هل تم في اللقاء بحث ما يسمى بالنقاط الثماني التي طالب بها الكونغرس لتنفيذها من قبل حكومة المالكي؟ ـ أن هذه النقاط هي أهداف عراقية بالأساس، فمسألة المصالحة الوطنية وقانون اجتثاث حزب البعث والمراجعة الدستورية وحل الميليشيات والخدمات وتسريع القوانين المطلوبة، هي في حقيقة الأمر من الأهداف العراقية. وهم (الأميركيون) لا يفهمون أن هذه القضايا لا يمكن إخضاعها إلى جداول شكلية، وهي تحتاج إلى وقت، ونحن لا نتعامل معها من خلال حكم الأغلبية 50 +1. وما نسعى إليه هو تحقيق توافق وطني شامل لهذه المسائل لأنها قضايا وجودية لها علاقة بمستقبل البلد وبمصير هذا الشعب وبكيفية التعايش وتقاسم السلطة والثروات. وطالما أن هذه المسائل تحتاج الى توافق وطني فهي تحتاج إلى وقت أكثر حتى يتم التوصل إليه.

* بعد انسحاب حزب الفضيلة والكتلة الصدرية والتوافق من الحكومة العراقية جرى الحديث عن سحب الثقة من حكومة المالكي، هل سيشهد البرلمان هذه العملية؟ - هذ طروحات يجري تداولها وقد طرحت من قبل بعض الشخصيات السياسية والبرلمانية، ولكن الحكومة ما زالت تتمتع بالمصادقة وما زالت تتمتع بالدعم السياسي، سواء من خلال التحالف الرباعي «الذي ضم الحزبين الكرديين والمجلس الإسلامي الأعلى وحزب الدعوة»، ومن خلال البيان السياسي الذي صدر عن القادة السياسيين الخمسة في 26 اغسطس (آب) وهو بيان مهم جدا. ويضاف الى ذلك عودة بعض الوزراء الى الحكومة بالضد من قرارات كتلهم السياسية. فالحكومة ما زالت تمارس وظيفتها ولديها النصاب القانوني، وصحيح يجب عليها التحرك بشكل أسرع لأن توقعات الناس أكثر وفي كل مجالات الأمن والخدمات. وعليك أن لا تنس ان هذه الحكومة تعمل في ظل ظروف قاتلة من الهجمات الإرهابية ومن القتل اليومي ومن تدمير البنى التحتية ومن التخريب المنظم والمدروس.

* هل التقى المالكي الرئيس الإيراني احمدي محمود نجاد في نيويورك؟ ـ نعم جرى لقاء بين المالكي واحمدي نجاد ومع وزراء خارجية كل دول الجوار. والهدف من هذه اللقاءات الإعداد لاجتماع استانبول لدول الجوار الذي حققناه بالتوافق، وسيكون من أهم الاجتماعات الوزارية لدول الجوار الست زائدا مصر والبحرين والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وإضافة إلى الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الصناعية الثماني. وأهمية هذا الاجتماع لدول الجوار تكمن في دراسة نتائج عمل اللجان الثلاث، التي تم تشكيلها في مؤتمر شرم الشيخ، منها اللجنة الأمنية بين العراق ودول الجوار وكذلك اللجنة الخاصة بمسألة اللاجئين والنازحين واللجنة الخاصة حول حاجيات العراق للطاقة والكهرباء من دول الجوار. لذلك سيكون الاجتماع مختلفا عن الاجتماعات السابقة التي عادة ما تنتهي بصدور بيان عنه أما اجتماع استانبول سيبحث المسائل والقضايا الجوهرية. * كيف كان لقاء المالكي بأحمدي نجاد؟ ـ اللقاء جرى على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتم فيه بحث العلاقات الثنائية ولكن لم يبحث اللقاء القضايا الجوهرية والأساسية، وهو في حقيقة الأمر لقاء هامشي مثل كل اللقاءات الأخرى التي تجري على هامش أعمال الجمعية العامة. * ما صحة التقارير الأميركية عن قيام الحرس الثوري الإيراني بتدريب وتزويد بعض الميليشيات العراقية بالسلاح؟ ـ نحن كحكومة عراقية لدينا تحفظات على السياسة الإيرانية وفي كل الاجتماعات التي عقدناها مع الجانب الإيراني وطلبنا من طهران ضرورة أن تقرن الأقوال بالأفعال وفق الاتفاقيات التي نتوصل اليها مع الحكومة الإيرانية. وطلبنا من إيران أن تقرن أقوالها بعمل على الأرض لدعم الحكومة العراقية والعملية السياسية وحثثناها على التعامل مباشرة مع الحكومة العراقية ومنع كل أشكال التدخل في الشؤون الداخلية السياسية والأمنية للعراق. ونحن دائما نفترض حسن النية وقدرنا مع إيران العيش مع بعض وأن المشاكل الناجمة عن هذا التعايش هي ليست آنية ومرحلية وليس هي حالة طارئة. لذا فان تعاملنا واسلوبنا في تناول وبحث هذه القضايا ربما يختلف عن الأسلوب الأميركي، فالعملية بالنسبة لنا تحتاج الى بناء الثقة والى الصبر والى توفر الإرادة السياسية لمعالجة كل هذه القضايا. وندرك التوتر الموجود حاليا بين واشنطن وطهران بسبب العديد من القضايا، ونحن نحاول تخفيف هذا التوتر، ونحن من بادر بالدعوة الى إجراء مباحثات مباشرة بين إيران واميركا ونجحنا في هذه المبادرة العراقية الصرفة، وقد جرى الحوار بمشاركة عراقية. ونعتقد انه كلما نجحنا في تخفيف التوتر الإيراني الأميركي سيصب في فائدتنا وأن تصفية الحسابات على الساحة العراقية سيضر بالعراق ولا يفيده ابدا. * وماذا عن الأزمة الناجمة عن اعتقال القوات الأميركية لأحد المسؤولين الإيرانيين في السليمانية، الامر الذي دفع بالرئيس جلال طالباني الى المطالبة بإطلاق سراحه، فيما قامت إيران بإغلاق المعابر الحدودية مع كردستان العراق؟ ـ الأزمة بدأت عندما قامت القوات الأميركية باعتقال احد رجال الأعمال الإيرانيين المشاركين في معرض السليمانية. وتفيد المعلومات لدى الاميركان بأن هذا الرجل هو واحد من قيادات الحرس الثوري الإيراني. ولكن لا سلطات الإقليم ولا الحكومة العراقية لديها مثل هذه المعلومات لذلك سببت لنا بعض الإحراج وجرت المطالبة بإطلاق سراحه. وقد سبق في أكثر مرة اعتقال دبلوماسيين وموظفين إيرانيين من قبل القوات الأميركية وقد تدخلنا وطالبنا بإطلاق سراحهم وقد تم بالفعل إطلاق سراح البعض منهم. لكن رجل الأعمال هذا ما زال معتقلا لدى القوات الأميركية.

* وماذا عن اغلاق المعابر الحدودية؟ ـ هذا الغلق جاء رد فعل على اعتقال رجل الأعمال الإيراني وباعتقادي أنه اضر باقتصاد المنطقة كثيرا، خاصة من الناحية التجارية، وهو نوع من العقاب للمنطقة، وفي تقديري هذا الإجراء سوف لن يساهم في خدمة العلاقات الثنائية بين البلدين. واحب التأكيد على أن سلطات اقليم كردستان لم تكن مسؤولة عن الاعتقال، وإنما القوات الأميركية هي المسؤولة وهي التي قامت بالاعتقال. وقد تعرضنا الى هذا الموضوع مع الرئيس الإيراني ولكن ليس بشكل موسع، وهم على دراية بموقفنا وأن هذا الموقف قد وصل الى الإيرانيين عن طريق القنوات الرسمية.