ابنة تشي جيفارا مندهشة من انتشار صور والدها على ملابس نسائية

قالت إن صوره تستخدم بطرق بعيدة تماما عن مثله الثورية

سائحة تتفحص بطاقات بريدية مطبوع عليها صورة تشي جيفارا في سانتا كلارا بكوبا (نيويورك تايمز)
TT

تقول أليد جيفارا مارتش ابنة تشي جيفارا البالغة 46 عاما، انها يمكن أن تستوعب موضوع المنتجات التي تظهر عليها صورة تشي من قمصان التي شيرت، وحلقات المفاتيح والبطاقات البريدية والرسوم والتي تباع في مختلف انحاء كوبا، ناهيكم من أنحاء العالم المختلفة، على الأقل فإن بعض هذه المنتجات تمجد تشي حقا كما تقول، ولكنها أضافت انها لا تفهم ان تظهر صوره في قطع الملابس الداخلية للنساء.

في يوم الاثنين كانت محاطة بآلاف من المعجبين بتشي، وهم يرتدون صورته هنا في سانتا كلارا، حيث تحفظ رفات والدها، وحيث تجلس في الصف الأمامي من احتفال لإحياء الذكرى الأربعين لمصرعه. وحضر الاحتفال راؤول كاسترو الرئيس بالوكالة. وقرأت رسالة من شقيقه الأكبر كاسترو، الذي ابتعد عن السلطة في أغسطس (آب) 2006 بعد جراحة طارئة، والذي شبه في رسالته رفيقه في السلاح بـ«زهرة انتزعت من ساقها قبل الأوان».

ولكن وسط كل الاحتفال، فإن ما خطر في ذهن أليدا هو استخدام الرجل الذي كانت تناديه (بابي) بطرق تقول انها بعيدة تماما عن مثله الثورية، مثل وضع مصمم صورة تشي على البكيني. والحقيقة انه بعد 40 عاما على رحيله، فان تشي الذي ولد باسم ارنستو جيفارا دي لا سيرينا، هو أداة تسويق بقدر هو ايقونة ثورية عالمية. وهو ما يطرح سؤالا حول ما الذي يعنيه بالضبط الانتشار الواسع لصورته، التي تعكس النظرة العميقة واللحية غير المتناسقة والبيرية المزينة بنجمة، في عالم رأسمالي؟

وحتى في كوبا، وهي إحدى آخر المعاقل الشيوعية، يستخدم تشي للحصول على دولار وللحصول على فكرة. ويعترف صاحب محل كوبي لبيع قمصان التي شيرت المعلقة على جدار «انه يحقق المبيعات». ولكنه هنا على الأقل يستخدم أيضا لالهام الجيل الجديد من الكوبيين. فطلاب المدارس يرددون اسمه كل صباح ويحيونه قائلين «نريد أن نكون مثل تشي». ويجري ذكر اقتباسات منه، بالطريقة التي يجري بها ذكر اقتباسات من فيدل كاسترو تقريبا.

وقال انريك أولتوسكي، نائب وزير الأسماك والمعاصر لكلا الرجلين «لا ريب انه عندما يموت فيدل يوما ما، فإن صورته ستكون مثل صورة جيفارا». ولكن حالة تشي الأسطورية كثوري وطني لا تمتد في كل مكان حتى وان كانت صورته تفعل ذلك. فعندما وضعت متاجر «تارغت» في الولايات المتحدة صورته على محفظة تحمل سي.دي العام الماضي. فإن النقاد الذين يعتبرونه قاتلا ورمزا للاستبداد، ضغطوا على الشركة لسحب المنتج.

وقالت صحيفة «بزنس ديلي» في افتتاحية لها «وماذا بعد؟ حقيبة ظهر تحمل صورة هتلر؟ آنية تحمل صورة بول بوت؟ جوارب نسائية تحمل صورة بينوشيت»، ووصفت استخدام الصورة باعتباره مثالا على «أناقة الطاغية». وصورة تشي الشهيرة تلك، التي التقطها المصور الكوبي ألبرتو كوردا دياز، التقطت يوم الخامس من مارس (آذار) عام 1960، خلال جنازة جماعية لعشرات من الكوبيين الذي قتلوا في تفجير قارب حملت كوبا المسؤولية عنه للولايات المتحدة. وأصبحت الصورة شهيرة بعد ظهورها في مجلة ماتش عام 1967، قبل اسابيع قليلة من مقتل تشي على يد جنود في بوليفيا بدعم من وكالة المخابرات المركزية الأميركية.

ولم يتلق كوردا، الذي توفي عام 2001 عن عمر 72 عاما، أية أموال مقابل ذلك، ولكنه قاضى وكالة اعلان بريطانية على استخدامها الصورة في حملة للترويج للفودكا. وحصل على تعويض بقيمة 50 ألف دولار، تبرع بها لشراء دواء للأطفال. وأليدا وعائلتها أيضا حاولوا منع تسويق صورة تشي بطرق يجدون انها بغيضة. وتقول انهم اتصلوا مع محامين في نيويورك لم تشخصهم لمتابعة الشركات التي تعتقد العائلة انها تسيء استخدام الصورة، ليس بهدف مقاضاتهم على الأضرار، وانما بهدف الطلب منهم التوقف عن ذلك. وقالت «نحن لا نسعى الى المال. كل ما نريده هو عدم الاساءة اليه. يمكن أن يكون شخصا عالميا ولكن احترموا الصورة».

وقد أثرت قوة نجومية تشي على أبنائه الأربعة الأحياء، الذي يحمل احدهم اسم ارنستو جيفارا، وكان يقود دراجته النارية، الشبيهة بدراجة والده، الى مكان النصب التذكاري. وكان الكوبيون يعانقون أبناء جيفارا في الشارع والسياح يعبرون عن الفضول عندما يعرفون هويتهم. وقال ألفريدو مورينو، 32 عاما، وهو مكسيكي وقف لالتقاط صورة مع أليدا «لا يمكنني ان أعبر لك عما تعنيه هذه اللحظة بالنسبة لي». وبينما كان مورينو يمضي بكلامه، طلبت منه اليدا أن يتوقف عن كلمات التباهي التي يقولها. وأوضحت قائلة «أنا ابنة تشي، ولكنني لست تشي».

والحقيقة ان أليدا طبيبة أطفال وأم لاثنين يفضلان البدلات على الملابس العسكرية. وهي تشبه أما تهتم بأبنائها أكثر منها امرأة ثورية. وشقيقتها طبيبة بيطرية. وأحد الأشقاء يدير مركزا مكرسا لتشي في هافانا. ثم هناك أرنستو المعجب بهارلي ديفيدسون. وكلهم يستدعون من جانب الحكومة الكوبية بين حين وآخر، من اجل المساعدة في استمرار إرث والدهم. وليس من الصعب ملاحظة شيء من الانهاك في كل هذا، خصوصا الآن، عندما تقوم كوبا والكثير من دول اميركا اللاتينية باحتفالات كبرى لتمجيد ذكرى رحيله والاحتفال في يونيو (حزيران) المقبل بعيد ميلاده الثمانين. وقالت أليدا «لا يمكنني ان أكون في كل الأماكن. لا أستطيع ان أقسم نفسي». وتسافر اليدا في مختلف انحاء العالم لتتحدث في مؤتمرات ذات علاقة بتشي. وفي أحد المؤتمرات في ايطاليا علمت بعد توقيعها على قمصان تي شيرت لبعض الشباب أنهم فاشيون. وقالت بحسرة «انهم لا يعرفون شيئا عنه». وقالت انها التقت ذات يوم بجون كنيدي الابن في أوروبا، وناقشت معه مسألة ان يكون المرء من ذرية رجل مشهور. وسمته «شخصا جميلا»، وقالت انها كانت قادرة على تمييزه عن والده، الذي أمر بغزو خليج الخنازير في محاولة لاسقاط الحكومة التي ساعد تشي على اقامتها في كوبا. ولكن عندما يصل الأمر الى السياسة الخارجية الأميركية يبرز التشابه مع والدها حقا. ويتدفق الكلام الغاضب عندما تناقش الحرب في العراق. وتسمي الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا على مدى خمسين عاما «قاسيا وأحمق وغير منطقي».

* خدمة «نيويورك تايمز»