واشنطن: قاض يمنع إعادة معتقل في غوانتانامو إلى تونس خشية تعرضه للتعذيب

TT

اتخذت قاضية اتحادية في واشنطن، قرارا غير مسبوق من شأنه عرقلة خطط أميركية لإعادة معتقل تونسي في غوانتانامو إلى وطنه.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» في عددها الصادر امس، أن القاضية أمرت السلطات الأميركية بتعليق عملية ترحيل محمد عبد الرحمن إلى وطنه، بدعوى أنه قد يعاني هناك من «أذى يصعب علاجه».

وأصدرت القاضية غلاديس كيسلر من المحكمة الجزئية لمقاطعة كولومبيا، وهي المحكمة التي تختص بالدعاوى القضائية الواقعة في نطاق العاصمة الأميركية، حكمها قبل أيام في الدعوى. وكشف النقاب عن هذا الحكم أول من أمس في واشنطن. ويعد قرار القاضية كيسلر أمراً غير مسبوق، ويعتبر أول تدخل قضائي مباشر في قضية تتعلق بأحد معتقلي غوانتانامو، حيث تتحفظ الولايات المتحدة على قرابة 330 شخصاً بدعوى انتمائهم إلى تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان. وقال محامي المعتقل التونسي ويدعى محمد عبد الرحمن: «إنها المرة الأولى التي يمنح فيها القضاء معتقلاً أي حق ملموس، وفي هذه الحالة هي حق عدم تعريضه للتعذيب من قبل الحكومة التونسية»، وفقا لوكالة الأسوشييتد برس .ويعد هذا القرار الأول من نوعه منذ حاول الكونغرس نزع صلاحيات القضاء الأمريكي فيما له صلة بالسجناء. ولا يزال هناك نحو 330 معتقلا في القاعدة العسكرية الاميركية الكائنة في خليج غوانتانامو، الذي يقع في جزيرة تستأجرها الولايات المتحدة من كوبا. يذكر أن عددا من كبار المسؤولين الأميركيين أعربوا عن رغبتهم في إغلاق المعتقل الموجود في هذه القاعدة، ولكن محاولات محاكمة أبرز المشتبه في أنهم إرهابيون ممن يقبعون في هذا المعتقل، تعثرت جراء مشكلات قانونية تتعلق باللجان العسكرية التي جرى تشكيلها لتولي هذه المهمة.

وسعت الولايات المتحدة لترحيل العديد من المعتقلين إلى بلدانهم الأصلية، غير أن حكومات هذه البلدان رفضت في أغلب الأحيان تسلم هؤلاء المعتقلين. وقالت «واشنطن بوست» نقلا عن مسؤولين أميركيين إنه في معظم حالات المعتقلين الذين جرى ترحيلهم بالفعل إلى بلدانهم الأصلية والبالغ عددهم قرابة الـ450 معتقلا، والذين أفرجت حكومات بلدانهم عن بعضهم بينما أبقت البعض الآخر وراء القضبان، حصلت الولايات المتحدة على ضمانات بأن يلقى هؤلاء المعتقلون معاملة ملائمة.

ودفع محامي المعتقل التونسي محمد عبد الرحمن بأن موكله قد يعذب أو حتى يقتل على يد النظام الحاكم في تونس، صاحب السجل المثير للجدل، في ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان. وخلال فترة اعتقال عبد الرحمن في غوانتانامو، حوكم هذا الرجل في بلده بالفعل غيابيا، وأدين بتهم تتعلق بالإرهاب وحكم عليه بالسجن 20 سنة.

وعلى الرغم من ذلك، إلا أن قرار القاضية الاتحادية الذي صدر قبل أيام سيسري مؤقتا لحين إصدار المحكمة الأميركية العليا حكما في ما إذا كان سيمثل معتقلو غوانتانامو أمام المحاكم الأميركية أم لا. ويشار إلى أن عبد الرحمن هو واحد من بين مجموعة لا بأس بها من المعتقلين ممن فضلوا البقاء في المعتقل الأميركي على العودة إلى أوطانهم الأصلية. وقالت «واشنطن بوست» إن اثنين من المعتقلين التونسيين ممن جرى ترحيلهم بالفعل إلى وطنهم، أكدا من خلال محامين أنهما تعرضا للتعذيب بعد أن عادا إلى وطنهما.

وجاء الكشف عن قرار القاضية الاتحادية بشأن محمد عبد الرحمن في نفس اليوم، الذي رفضت المحكمة الأميركية العليا الاستئناف الذي تقدم به المواطن الألماني اللبناني الأصل خالد المصري للنظر في دعواه التي يتهم فيها وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) باختطافه وإرساله إلى أحد سجون أفغانستان. ويمثل هذا الحكم المرة الثالثة التي يرفض فيها النظام القضائي الأميركي نظر القضية التي أقامها المصري. وأرجعت المحكمة العليا قرارها برفض نظر القضية لأسباب متعلقة بالأمن القومي.

ويقول المصري إنه جرى تعذيبه على يد محققين أميركيين أثناء احتجازه الذي استمر خمسة أشهر، بعد اختطافه في مقدونيا، وذلك في الوقت الذي تؤكد فيه الولايات المتحدة أنها لا تعذب المشتبه بهم في «الحرب على الإرهاب». وكان المصري قد أطلق سراحه في ألبانيا في مايو (أيار) عام 2004.

وأقام المصري دعواه القضائية ضد رئيس المخابرات المركزية السابق جورج تينيت، وطالب بتعويض قدره 75 ألف دولار عن الأضرار التي لحقت به. وكان المصري قد أكد أن هدفه من إقامة الدعوى، هو حمل الإدارة الأميركية على الاعتذار له، وليس الحصول على الأموال.