حكومة أحمدي نجاد تشن هجوما على خاتمي بسبب «حوار الحضارات»

إيران وألمانيا تنتقدان تصريحات بوش حول «حرب عالمية ثالثة»

TT

في سابقة نادرة، شن المتحدث باسم الحكومة الايرانية غلام حسين الهام هجوما عنيفا على الرئيس الايراني السابق الاصلاحي محمد خاتمي، مؤكدا انه اذعن للولايات المتحدة باقتراحه المتعلق بـ«حوار الحضارات». ويأتي هذا الهجوم على خاتمي قبل اشهر من الانتخابات التشريعية المتوقعة في 14 مارس (آذار) 2008 حيث تريد المجموعات الاصلاحية والمعتدلة بقيادة الرئيسين السابقين محمد خاتمي واكبر هاشمي رفسنجاني ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي، العودة الى الساحة السياسية. وكان خاتمي قبل تسليمه السلطة الى محمود احمدي نجاد، انتهج سياسة انفتاح مشددا على الحوار بين الحضارات والثقافات لتقريب ايران من الغرب. وقال الهام «مع هذه الخطة، انحنينا امام نظام الهيمنة (الولايات المتحدة) بقولنا «اننا متخلفون وعلينا ان نتعلم الديموقراطية» من الغربيين. وأضاف امام طلاب جامعة «شهيد»: «عندما شددت ايران على هذه الخطة، برهنت عن سلبية واذعان». ورأى ان نتيجة مثل هذه المقترحات هي ان الولايات المتحدة وضعت ايران في صفوف دول «محور الشر».

يذكر ان فاطمة رجبي، زوجة الهام، التي نشرت كتابا بعنوان "احمدي نجاد، معجزة القرن الحادي والعشرين"، اشتهرت في الاشهر الاخيرة اثر انتقادها خاتمي ورفسنجاني بالاسم. حتى ان الهام نفسه وجه انتقادات لرفسنجاني الذي حذر اخيرا من «الوضع الحساس» في البلاد بسبب الملف النووي والضغوط الغربية. وقال الهام «هؤلاء الناس يريدون الاستمرار (سياسيا). ان ايران اليوم اكثر قوة من اي وقت مضى والتهديدات اقل تأثيرا».

الى ذلك، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان الحوار المباشر هو طريقة أفضل لحل الازمة الدبلوماسية بشأن الطموحات النووية الايرانية من التهديد باللجوء الى القوة العسكرية او فرض عقوبات. وأدلى بوتين بهذا التصريح خلال جلسة سنوية للرد على اسئلة المواطنين الروس تذاع على الهواء مباشرة.

وقال بوتين «الحوار المباشر مع زعماء الدول بشأن المشاكل المتراكمة هو دائما أكثر ايجابية وأقصر الطرق للنجاح بدلا من سياسة التهديدات والعقوبات ناهيك عن حسمها من خلال استخدام القوة». واعتبر الرئيس الروسي الشائعات التي سرت حول احتمال وقوع هجوم انتحاري يستهدفه في ايران كان يهدف الى «نسف» زيارته لهذا البلد و«الحوار المباشر» مع طهران. وأضاف «اما بالنسبة للتهديدات.. فهي تسيء الى التواصل الدولي لان الحوار المباشر يأتي بنتائج افضل والطريق الاقصر نحو النجاح مقارنة مع سياسة التهديدات والعقوبات والضغط العسكري».

من ناحيته، قال الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إن زيارة بوتين إلى طهران كانت تحمل «رسالة الصداقة والتعاون». وأكد احمدي نجاد في تصريح للصحافيين على هامش المؤتمر العام للمجلس الأعلي للمحافظات أن الرئيس الروسي لم يقدم مقترحا حول الأزمة النووية الإيرانية.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن احمدي نجاد في معرض رده على سؤال في هذا الصدد القول «إن بوتين لم يقل شيئا». وأضاف «لكل من الجانبين رسالة وهي رسالة الصداقة والتعاون الثنائي، ولقد أكدنا نحن الطرفان أننا عازمون على الحوار بإرادة وتصميم».

ووصف احمدي نجاد أجواء المحادثات بين إيران وروسيا بأنها كانت «ودية». وأكد أن روسيا ستقوم بإكمال محطة بوشهر النووية مشيرا إلى أن «بوتين أعلن أيضا في تصريحه للصحافيين بأن روسيا ستكمل العمل في إنشاء محطة بوشهر». وقال إن «إكمال العمل في محطة بوشهر هو على عاتق الروس ونحن نعتقد بان هذا الأمر سيتحقق».

ويأتي ذلك متناقضا مع تصريحات كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي لاريجاني بأن بوتين قدم لإيران «رسالة خاصة» بشأن البرامج النووية الإيرانية. وقال لاريجاني إن «محتويات الرسالة سيكشف عنها في الوقت المناسب».

من ناحية أخرى، قال الرئيس الإيراني إن الوقت حان كي يتحرك بعض قاده الدول الأوروبية باستقلالية. وقال احمدي نجاد «إن التحرك المستقل لبعض القادة الأوروبيين يخدم مصالحهم.. إننا نرحب باستقلالية الرأي لبعض الحكومات». وتابع أن «القادة الأوروبيين يمكنهم عبر اتخاذ هذا النهج إنقاذ شعوبهم وألا يحملوها أثمانا، ذلك لان التحرك دون استقلالية لا فائدة منه».

كما تطرق الرئيس الإيراني في تصريحاته إلى فرنسا قائلا: «علينا أن نعطي الفرصة للحكومة الفرنسية لكي تدرك القضايا بصوره أوضح». وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير حذر في تصريحات شديدة اللهجة خلال الأيام الماضية إيران ودعا المجتمع الدولي للاستعداد لشن حرب عليها. وقال الرئيس الإيراني «إننا لسنا متعجلين في هذا الخصوص ونعتقد بأن مضي الزمن بإمكانه المساعدة كي تصل الحكومة الفرنسية الجديدة إلي مكانتها». وتابع: «نأمل أن تصل الحكومة الفرنسية الجديدة بأسرع وقت ممكن إلى موقعها الحقيقي، ولا نرغب بأن تقوم بما يمس مكانة وشأن الشعب الفرنسي».

وفي اول رد فعل لها، قالت طهران امس ان تحذير الرئيس الاميركي جورج بوش من اندلاع حرب عالمية ثالثة على خلفية برنامج طهران النووي يعد بمثابة محاولة اخرى لتغطية الفشل فى سياساته فى العراق وافغانستان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية محمد علي حسينى «هذه التصريحات تعكس اهداف المحافظين الجدد فى الولايات المتحدة الرامية لفرض الهيمنة وقد تقوض على نحو خطير السلام والامن الدوليين». وأضاف المتحدث «بدلا من التلويح بالحرب والنزعة العسكرية، يتعين على الولايات المتحدة ان تصغي للطلب الدولي الداعي الى احلال السلام واحترام سيادة الدول ووحدة اراضيها».

وفي برلين، انتقد سياسي ألماني بارز وخبير في السياسة الخارجية تصريحات بوش بشدة ايضا. وقال رولف موتسينش خبير السياسة الخارجية بالحزب الاشتراكي الديمقراطي في تصريحات لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) إن هذه التصريحات تضر بالتعامل السلمي والجماعي مع الازمة النووية الايرانية التي لا يمكن حلها بالعنف. وأكد موتسينش أن من الضروري أن تقول المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل كلمة واضحة إزاء هذا الامر خلال زيارتها المزمعة للولايات المتحدة التي تلتقي خلالها بوش في نوفمبر (تشرين الثاني). وحذر السياسي الالماني من أن اندلاع حرب عالمية ثالثة في هذا «الزمن النووي» تعني «نهاية الانسانية» وقال: «رسم هذه الصورة على الحائط غير مناسب على الاطلاق بالنظر إلى التحديات الراهنة».

وفي تطور اخر، اعدم متمردان كرديان عضوان في الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني في سنانداج (غرب)، لإدانتهما بتهمة اغتيال عضو في حرس الثورة الايرانية، على ما نقلت وكالة «ايسنا» نقلا عن النيابة العامة في محافظة كردستان. واوضح بيان للنيابة ان الرجلين قتلا في ديسمبر (كانون الاول) ناصر بقلاري احد افراد حرس الثورة. ونشاط الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني الذي يدعو الى حكم ذاتي للاكراد في ايران محظور من قبل السلطات الايرانية.

ومنذ عامين تشهد محافظة كردستان وايضا محافظتا اذربيجان الغربية وخرمنشاه المجاورتان حيث يوجد اكراد، اضطرابات وعمليات مسلحة يقوم بها متمردون اكراد. وقد قتل شرطي ايراني واصيب جندي بجروح خطرة الجمعة الماضي في مواجهات مع متمردين اكراد من اعضاء حزب بيجاك المرتبط بحزب العمال الكردستاني في محافظة كردستان. وكثف بيجاك المؤيد لاستقلال كردستان، في الاشهر الاخيرة عملياته المسلحة في المحافظات الايرانية المحاذية لتركيا والعراق حيث توجد اقليات كردية هامة. وقصفت ايران في الأونة الاخيرة مناطق في كردستان العراق يستخدمها حزب بيجاك قواعد خلفية له. واتهمت ايران مرارا الولايات المتحدة بدعم بيجاك الامر الذي تنفيه واشنطن.