بوتو تتهم أنصار ضياء الحق باستهدافها .. وإسلام آباد تستعد لمحاولات اغتيال جديدة

140 «ضحية من أجل الديمقراطية» في أسوأ هجوم انتحاري في تاريخ باكستان

TT

القى اسوأ هجوم انتحاري في تاريخ باكستان بظلاله على عودة رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي نظير بوتو الى بلادها بعد منفى استمر 8 سنوات. والغت بوتو اليوم حفلاً خاصاً بعودتها لتعقد مؤتمراً صحافياً دانت فيه بشدة الهجوم الانتحاري الذي تعرض له موكبها في كراتشي مساء اول من أمس، معتبرة ان أنصارها الذين قتلوا يجسدون «التضحية الكبرى» من اجل الديمقراطية.

ولم تصب بوتو بأذى في التفجيرات اذ كانت قد استقلت عربتها المصفحة قبل لحظات من انفجار قنبلة وعبوة ناسفة وسط الحشود التي كانت تستقبل بوتو اثناء عودتها الى كراتشي بعد ثماني سنوات في المنفى. وقال مسؤولون امنيون لـ«الشرق الاوسط» امس انهم يخشون من محاولات اغتيال جديدة ضد بوتو في الفترة المقبلة.

وصرحت بوتو في مؤتمر صحافي عقدته من مقر اقامتها أمس ان «حزب الشعب الباكستاني يدين بشدة الهجمات على موكبه السلمي الليلة الماضية (ليل الخميس الجمعة) والتي تسببت في مقتل 140 شخصاً واصابة مئات اخرين» واضافت في اول تصريح لها منذ التفجيرات ان «صلواتنا ومشاعرنا مع الذين قدموا التضحية الكبرى من اجل الديمقراطية التي لن تذهب سدى». وطالبت بوتو بفتح تحقيق في الهجوم، معلنة ان إنارة شوارع كراتشي حيث مر موكبها كانت عاطلة ما ادى الى المزيد من الارتباك في الموقع وعرقل الاجراءات الامنية مساء أول من أمس.

وعرقلت الهجمات الاستعدادات السياسية لعودة بوتو بموافقة الرئيس الباكستاني برويز مشرف، الذي كان يؤمل منها ان تحد من الاضطراب السياسي الذي اصاب البلاد منذ اشهر.

وقدم الرئيس الباكستاني مشرف أمس تعازيه لبوتو، واتصل بها هاتفيا لتقديم احر تعازيه «بعد هذا الاعتداء الارهابي» ووعد بالسعي لاعتقال الفاعلين، كما قال الجنرال رشيد قريشي. وقال مشرف في المكالمة الهاتفية «ندين كل هذه الاعمال الارهابية ويجب ألا يحاول أحد استغلال هذه الاوضاع والبدء بتبادل الاتهامات» كما اوضح الناطق باسمه. ووعد حزب بوتو بالبقاء في باكستان لخوض الانتخابات العامة في يناير (كانون الثاني) المقبل، التي تعد مهمة لاعادة الحكم المدني الى الدولة النووية البالغ عدد سكانها نحو 160 مليون نسمة.

وفي مقابلة نشرت على موقع مجلة «باري ماتش» الفرنسية، اتهمت بوتو انصار نظام الحاكم العسكري السابق محمد ضياء الحق بانهم وراء التفجيرات.

وكان الجنرال ضياء الحق قد اسقط في 1977 والد بي نظير بوتو رئيس الوزراء الاسبق ذو الفقار علي بوتو وأعدمه في 1979. وقالت بوتو «اعرف تماما من يريد قتلي. انهم وجهاء نظام الرئيس السابق الجنرال ضياء الحق الذين يقفون اليوم وراء التطرف والتعصب».

وعلى الرغم من انها اقرت بأن متطرفين اسلاميين هم على الارجح مسؤولون عن الهجوم، اكدت بوتو ان مجموعات المتطرفين لا يمكنهم العمل بدون دعم لوجستي من اشخاص في مواقع السلطة.

ووقع الهجوم بعد ساعات على وصول بوتو الى باكستان قادمة من دبي للمرة الاولى منذ 1999 بعدما رفضت التحذيرات من احتمال ان يحاول ناشطون في «القاعدة» وطالبان قتلها. وانتشرت اشلاء الجثث في كل مكان فيما كان الاطباء في مستشفيات المدينة يحاولون جاهدين انقاذ ضحايا الانفجار الذي وقع الخميس. وذكر مسؤولون طبيون ان نحو 400 شخص اصيبوا في التفجير. وألحق التفجير اضرارا بحافلة حملة بوتو الذي كان مزينا بصورها وصور والدها والتي سارت فيها بين الحشود لمدة تزيد عن ثماني ساعات.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية جواد شيما لوكالة الصحافة الفرنسية ان قنبلة القيت على الحشود قبل لحظات من تفجير انتحاري نفسه. واضاف: «الضرر من الانفجار كان كبيرا لان الانتحاري استخدم مسامير وقطعا معدنية صغيرة تسبب ضررا كالشظايا». واضاف ان الانفجار من عمل «مسلحين يقومون بأعمال ارهابية في البلاد على ما يبدو».

وحذر نائب وزير الاعلام طارق عظيم ان بيت الله محسود، زعيم الحرب الموالي لطالبان والذي يرتبط بسلسلة من الهجمات منذ يوليو (تموز)، سيشن هجمات انتحارية ضد بوتو. وبينما تزداد المخاوف من هجمات جديدة ضد بوتو، قررت الحكومة تزويدها بحراسة خاصة إذ تنوي التجول في المدن الباكستانية الرئيسية خلال الايام المقبلة. وقال وزير الداخلية الباكستاني افتاب شرباو «لقد عين الميجور امتياز لحماية رئيس الوزراء السابقة بوتو». وأضاف «اجرينا لقاءات عدة مع اعضاء حزب بوتو لابلاغهم المخاطر المحتملة ضدها وطلبوا منا تزويدها بحماية شبيهة لحماية الرئيس مشرف» ولكنه اردف قائلاً «اذا زودناها بحماية تشبه حماية الرئيس مشرف لن يمكن لها ان تتقرب من الشعب والتعاطي مباشرة مع مؤيديها». واكد مسؤولون امنيون رفيعو المستوى لـ«الشرق الاوسط» ان هناك تهديدات جديدة لهجمات تستهدف بوتو. وقال مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه «هناك مخاوف من هجمات ارهابية وانتحارية جديدة ضد بوتو وقد طلب منا التأكد من سلامتها».

وقد أمر مشرف أمس وكالات الاستخبارات الباكستانية بتقديم تقرير حول تفجيرات كراتشي خلال 48 ساعة، بعد ان اشرف على اجتماع طارئ اول من امس لقادة الامن والاستخبارات.