عناصر في الحرس الثوري الإيراني تخطف مسؤولا بارزا في وزارة الأمن

TT

خطف رجال استخبارات الحرس الثوري الايراني رضا ملك احد مديري وزارة الامن والاطلاعات في ايران، من بيت احد اقاربه، حيث كان يختفي منذ الاسبوع الماضي. وملك من كوادر وزارة الامن المؤسسين، الذي تولى مناصب امنية رفيعة منذ تشكيل الوزارة قبل 18 عاما.

وكشف قريب لملك لـ«الشرق الأوسط» ان المسؤول الامني لعب دورا مهما في الكشف عن خفايا اغتيال العشرات من المثقفين والكتاب ورجال المعارضة. ونائبه سعيد امامي الذي انتحر في السجن بعد اعتقاله بأمر الرئيس محمد خاتمي. وعلم ان ملك كان عضوا في اللجنة الامنية الخاصة التي كلفها وزير الاستخبارات السابق دري نجف آبادي بالتحقيق مع عدد من كبار مسؤولي الوزارة المتهمين بقتل زعيم حزب الشعب الايراني داريوش فروهر وزوجته واربعة من الكتاب والمثقفين في عام 1988 بعد سنة من انتخاب محمد خاتمي. وقد اختلف ملك مع رئيس اللجنة جواد آزاده، مساعد نجف آبادي، حول سبل التحقيق مع المتهمين بحيث رفض تعذيبهم وأخذ الاعتراف منهم بالقوة بسبب تعارض ذلك مع القيم الدينية والاخلاقية.

وبعد عزل دري نجف آبادي وتعيين علي يونسي من قبل خاتمي، وزيرا للامن والاستخبارات عاد ملك الى مركز عمله وواصل تزويد خاتمي بملفات مهمة حول ممارسات بعض كبار المسؤولين.

وخلال الاشهر الاخيرة بعث ملك بعدة رسائل الى رئىس السلطة القضائية ومكتب «مرشد الثورة«، آية الله علي خامنئي طالب فيها بفتح تحقيقات حول بعض الشخصيات البارزة في النظام من معارضي خاتمي والاصلاحات مثل احمد جنتي ومحمد يزدي وعسكر اولادي، لكنه لم يتلق ردا على رسائله حسب قول قريبه.

وعقب فوز خاتمي في الانتخابات الرئاسية بعث رضا ملك برسالة من اكثر من سبعين صفحة الى آية الله خامنئي تحدث فيها عن قضايا مثيرة شهدها في وزارة الامن، لا سيما في عهد فلاحيان «من التخطيط لأعمال ارهابية وقتل وخطف المعارضين وترويع المواطنين داخل وخارج البلاد واستغلال بيت المال وممارسات شاذة وغير اخلاقية منافية للدين والقيم».

وسلط ملك في رسالته الضوء على سنوات ما بعد الامام الخميني وحتى فوز خاتمي في عام 1997، معتبرا هذه السنين «سنوات اختفاء القيم والاخلاق من سماء دائرة السلطة وحلول مظاهر الفساد والاسراف والتبذير مكانها. وجاء في رسالته ايضا ان الناس «يترحمون على عهد الشاه بحيث يشاهدون اكثر من بلاط واحد، والعشرات من الشاهات يعيشون في قصور الف ليلة وليلة ويركبون اولادهم السيارات المصفحة المذهبة، وفور شعورهم بألم في الرأس يتوجهون الى لندن وجنيف وباريس، بينما 60 في المائة من الشعب يعيشون تحت خط الفقر».

ودعا رضا ملك آية الله خامنئي الذي تعرف عليه حسبما جاء في رسالته منذ ان كان شابا في مدينة مشهد، حيث حضر دروسه (اي دروس خامنئي) دعاه لمناصرة خاتمي ودعمه في مواجهة «عفاريت مدرسة حقاني وجمعية المؤتلفة»، مشيرا الى ان خريجي مدرسة حقاني (مدرسة دينية في قم تخرج منها العديد من مسؤولي القضاء والامن في ايران) المسيطرين على القضاء اداروا ظهورهم للدين، بحيث لا تمت قراراتهم بصلة الى الدين والقانون». والتمس ملك بأن يوافق المرشد على «اجراء استفتاء حر في البلاد حول مدى تمسك الشعب بالنظام»، مؤكدا ان نسبة المؤيدين للنظام بوضعه الراهن لن تتجاوز خمسة في المائة، وذلك في وقت يدعم 80 في المائة من الايرانيين الرئيس محمد خاتمي «فلذا يجب الا توهم نتائج الانتخابات احدا بأن المشاركة الضخمة للشعب هي بمعنى حماية الشعب للنظام، كلا، ان الشعب قال اربع مرات منذ مايو (ايار) 1997 انه يعارض الوضع الشاذ القائم، فيما يدعم الاصلاحيين وعلى رأسهم خاتمي».

وعلمت «الشرق الأوسط» ان مرشد الثورة رفض اعتقال ملك الاسبوع الماضي لما اثار احد مسؤولي السلطة القضائية الامر معه، وعليه فان قيام رجال استخبارات الحرس هذا الاسبوع بخطف ملك من بيت قريب له في منتصف الليل ونقله الى مكان مجهول، يدل حسب مصادر «الشرق الأوسط» على ان هناك اجهزة امنية في ايران تمارس عملها بصورة مستقلة ومن دون استئذان وزير الامن ولا حتى مرشد الثورة.

ويعد ملك المسؤول الامني الثالث في الاسابيع الاخيرة الذي يكشف عن اسرار الوزارة واعمال وانشطة بعض المسؤولين وجميعهم من المحافظين والمعارضين لخاتمي والاصلاحيين.

وكانت «الشرق الأوسط» انفردت عشية الانتخابات الايرانية بنشر رسالة مدير الحملة الانتخابية لفلاحيان وأحد اقرب مستشاريه حول ملفات وزير الامن السابق السرية. ويوجد المذكور حاليا برفقة زوجته فاطمة بنائي بروجني في دولة اوروبية. وقالت فاطمة بروجني لـ«الشرق الأوسط» ان عددا من كبار مسؤولي وزارة الامن يشعرون مثل رضا بأن الوقت قد حان لكي يخاطبوا الرأي العام ويكشفوا عن اسرار بيت الاسرار المظلم (اللقب الذي اطلقه على وزارة الأمن الصحافي الايراني المعتقل اكبر كنجي).