سعاد حسني سندريلا السينما المصرية رحلت في لندن بعد صراع مع المرض

TT

القاهرة «الشرق الأوسط» انطفأت أمس الشمعة الأخيرة في حياة سعاد حسني «سندريلا» السينما المصرية والعربية، بعد صراع مرير مع المرض امتد لسنوات في أحد المستشفيات بلندن وعن عمر يناهز الـ57 ربيعا.

وبعد قطع التلفزيون المصري ارساله ليذيع نبأ وفاة سعاد حسني انتشرت حالة من الحزن والأسى في أوساط الشارع المصري والأسر التي عاشت أول أمس سهرة فنية ممتعة مع فيلم «الزوجة الثانية» أحد أهم أفلام السينما المصرية.

وكان الرئيس المصري حسني مبارك قد أمر بسرعة اتخاذ الاجراءات لعودة جثمان الفنانة الكبيرة الى مصر، ومن المتوقع أن تودع سعاد حسني الى مثواها الأخير حشود ضخمة من محبيها وعشاقها من المصريين والعرب.

ولدت سعاد حسني في منطقة الفوالة بالعتبة عام 1944في اسرة فنية مارست الفن هواية واحترافا في فروع مختلفة. واشتهر والدها محمد حسني البابا باسم حسني الخطاط كنية بكونه خطاطا كبيرا في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي.

وكانت سعاد حسني واحدة من سبعة عشر أخا وأختا معظمهم غير أشقاء، وقد عاشت مع أمها في شبرا بعد افتراق والدها عن والدتها وتنوعت مواهب أخوتها بين الغناء والتلحين والعزف والرسم والنحت، ومرئيسن هؤلاء جميعا اشتهرت نجاة الصغيرة كمطربة وعز الدين حسني كملحن، ولم تساعد الظروف بقية الأخوة والاخوات على النجاح والشهرة رغم تفوقهم.

في وسط هذا الزحام الاسري نشأت الطفلة سعاد وتعلقت بالفن في فترة مبكرة من حياتها حين غنت مع الاذاعي الشهير «بابا شارو» في الاذاعة المصرية وكان عمرها لا يزيد على 7 سنوات اغنية «أنا سعاد أخت القمر.. بين العباد حسني اشتهر». وذلك بعد أن فازت في طفولتها بلقب «ملكة جمال الاطفال» حين كانت بصحبة اسرتها في مصيف الاسكندرية واقام فندق «سيسل» مسابقة لاختيار ملكة جمال الاطفال واختارت الصغيرة ان تشارك في المسابقة بملابس الفلاحة المصرية ففازت بالجائزة الأولى.

وحمل شهر مارس (آذار) 1959مولد نجمة جديدة في السينما المصرية، وذلك عندما عرض فيلم «حسن ونعيمة» بطولة الوجه الجديد سعاد حسني والفنان محرم فؤاد ورشحها لبطولة الفيلم الفنان الراحل عبد الرحمن الخميسي بعد أن شاهدها أثناء زيارته بيت اسرتها المخرج بركات الذي كان يبحث عن وجه جديد يقدمه للسينما من خلال الحكاية الشعبية المعروفة «حسن ونعيمة».

عاشت سعاد حسني رحلة فنية خصبة حافلة بالعطاء المتميز والمتنوع قدمت خلالها 82 فيلما من بينها «اشاعة حب» و«الزواج على الطريقة الحديثة» و«البنات والصيف» و«شيء من العذاب» و«أين عقلي» و«الاختيار» و«الكرنك» و«الحب في الزانزنة» و«الحب الضائع» و«القاهرة 30» و«موعد على العشاء» و«الجوع» و«خلي بالك من زوزو» و«الزوجة الثانية».

وقررت سعاد حسني الاعتزال عقب فشل فيلم «الدرجة الثالثة» اخراج شريف عرفة التي قامت ببطولته امام أحمد زكي حيث اصابها الفشل بنوع من الاكتئاب لكنها عادت مرة ثانية للسينما لتقدم آخر اعمالها على الاطلاق وهو فيلم «الراعي والنساء» مع أحمد زكي ويسرا واخراج علي بدرخان.

تزوجت سعاد حسني في بداية مشوارها الفني من المصور السينمائي صلاح كريم لكن زواجهما لم يستمر طويلا، ثم تزوجت من المخرج علي بدرخان حيث بدأت قصة حبهما مع تصوير فيلم «نادية» وكان بدرخان وقتها يعمل مساعدا لوالده المخرج أحمد بدرخان واستمر زواجهما 11عاما ثم انفصلا الا ان انفصالهما لم يمنع من تعاونهما الفني حيث قدم لها العديد من الافلام من بينها «الراعي والنساء» وبعد علي بدرخان تزوجت من زكي فطين عبد الوهاب ابن الفنانة الراحلة ليلى مراد الا ان زواجهما كان سريا بسبب معارضة والدته ثم انفصلت عنه وتزوجت أخيرا من كاتب السيناريو ماهر عواد واستمر الزواج الى أن رحلت، هذا بخلاف شائعة زواجها من عبد الحليم حافظ والتي أكدها الموسيقار كمال الطويل والكاتب مفيد فوزي بينما نفاها آخرون ومن بينهم مجدي العمروسي.

وكانت آخر اعمالها التي سجلتها بصوتها رباعيات صلاح جاهين وتمت اذاعتها منذ سنوات في اذاعة الشرق الأوسط.. وكانت في الفترة الأخيرة تسجل عددا من الحلقات لصالح احدى المحطات العربية لتغطية نفقات علاجها، بعد أن رفضت عروضا من بعض الشخصيات والجهات والحكومات العربية لعلاجها على نفقاتها. ومنذ اقامتها في لندن في السنوات الأخيرة دأبت على تغيير أرقام تليفوناتها وابتعدت عن أماكن تجمع العرب، لكنها برغم ذلك كانت تتابع الحركة الفنية في مصر وعلى اتصال دائم مع عدد كبير من الفنانين وكان عندها حلم دائم بالعودة الى القاهرة لتقديم عمل مسرحي كبير.

وكان آخر اتصال جماهيري مباشر لها مع القاهرة منذ عامين من خلال رسالة صوتية مسجلة مع مراسلة التلفزيون وقتئذ في لندن «رولا خرسا» وتمت اذاعتها في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي قبل عامين.

حصلت سعاد حسني على عدد من الجوائز من أهمها جائزة أحسن ممثلة عام 1971 في أول مهرجان قومي للأفلام الروائية عن فيلم «شروق وغروب»، كما حصلت على جائزة خاصة من وزارة الثقافة عن دورها في فيلم «الزوجة الثانية» .1968 وفازت سعاد حسني بجائزة أحسن ممثلة من جمعية الفيلم عام 1975 عن فيلم «أين عقلي»، وجائزة المهرجان الثاني للجمعية عام 1977 عن فيلم «الكرنك».

وفي عام 1979 حصلت على شهادة تقدير في عيد الفن من الرئيس الراحل أنور السادات لعطائها الفني المتميز.