الديوانية سمة الكويت وعلامتها

تعود إلى تاريخ تأسيس الدولة

TT

تعتبر الدواوين ظاهرة اجتماعية كويتية بحتة، ويمكن وصفها بمنتدى سياسي وثقافي واجتماعي، حيث تنفرد بكونها ملتقى دوريا يناقش فيه روادها آخر الأخبار والموضوعات، وفيها يصنع جزء من تاريخ الكويت السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

ويعود تاريخ الديوانية في الكويت إلى بدايات تأسيس الدولة حيث كان التجار والشيوخ والقضاة يمارسون أعمالهم فيها، وتستمد الكلمة، بحسب تقرير بثته وكالة الأنباء الكويتية اشتقاقها اللغوي من كلمة ديوان، وتعني مجتمع الصحف أو الكتاب الذي تجمع فيه قصائد الشعراء، كما جاء في المنجد. أما دائرة المعارف الإسلامية فتقول إن «ديوان» مشتقة من كلمة فارسية نشأت حين نظر كسرى إلى كتاب ديوانه وهم يحسبون على أنفسهم كأنهم يتحادثون فقال «ديوانية» أي مجانين بلغة الفرس، فسمي موضعهم بذلك وحذفت الهاء لكثرة الاستعمال تخفيفا فقيل ديوان. وتنقسم الديوانيات في الكويت إلى أكثر من مجموعة، ترتبط الأولى بالأصدقاء وأفراد العائلة الواحدة، والثانية بمجتمع الأعمال والتحالفات والعلاقات السياسية، وهي فرصة لتداول المعلومات والأخبار السياسية قبل نشرها في الصحف، كما أنها فرصة لإبرام الاتفاقيات والعقود بين رجال الأعمال، وحل الخلافات الشخصية كذلك فإنها تفتح المجال أمام الأصدقاء لتبادل التهاني والتعازي في الأفراح والأتراح.

والديوانية عبارة عن غرفة مستطيلة منفصلة عن المنزل، لها باب خارجي يطل على الفناء وباب آخر على الخارج، ويتصدر مقاعدها صاحبها وروادها من يمين وشمال، ومنها ما يفتح أبوابه لرواده بعد صلاة الفجر لغاية وقت الضحى، ومنها ما يكون مسائيا، خلال الفترة بين صلاتي المغرب والعشاء، ومنها ما يكون بعد ذلك حتى مطلع الصباح.

وبحسب المناسبة تكون الديوانية، فهي ملتقى في الأيام العادية، وفي رمضان تعتبر دارا للمناسبات، وفي الأفراح صالة لاستقبال المهنئين، وحال الوفاة تكون مكانا تقدم فيه التعازي، وهكذا.

أما أشهر الديوانيات القديمة في الكويت فهي ستة دواوين موجودة في العاصمة على ساحل البحر، وهي: ديوان الخالد، ديوان الشملان، ديوان العسعوسي، ديوان النصف، ديوان الروضان، ديوان ملا صالح، أما الحديثة فتنتشر في مختلف المناطق السكنية، بل إن الكويتيين أصبحوا ينقلون هذه العادة معهم في المصايف، فهناك ديوانية الكويتيين في بيروت ولندن وغيرها من مناطق العالم، ناهيك من ديوانية السفارة الكويتية.

وسياسيا، يذكر التاريخ أن المعارضة حركت الشارع بعد حل البرلمان عام 1986، ولجأت للديوانيات فظهرت حركة ديوانيات الاثنين، نسبة إلى اليوم الذي كانت تعقد فيه، واستمرت بالانعقاد حتى جاء الغزو العراقي، وعادت الحياة للبرلمان بعد التحرير عام 1991.

ويقول الزميل عبد الله العتيبي في موضوع كتبه لجريدة الجريدة عن الديوانيات في الكويت، إن «الوسط الدبلوماسي في الكويت يحرص على زيارة الدواوين، ويعتبرها فرصة لرد زيارات الكويتيين للدبلوماسيين، وإن كانت الزيارات الدبلوماسية ليست مرتبطة بالشهر الفضيل، لكنها تزداد بصورة لافتة محاكاة للمجتمع الكويتي، حيث يتبارى الكثير من الكويتيين على زيارة أكبر عدد ممكن من الدواوين».

ويضيف العتيبي أن معظم أعضاء السلك الدبلوماسي يعرفون «مواعيد الدواوين، خصوصا المشهورة منها، وذات الثقل الاجتماعي والسياسي، ويزورونها بصورة منتظمة، ليس في رمضان وحسب، بل في المناسبات العامة والخاصة، لاسيما في الأعراس والعزاء، وتمثل بالنسبة للدبلوماسيين في الكويت فرصة للتواصل مع المجتمع ومعرفة طبيعته بعيدا عن الرسميات، وتطويرا للعلاقات بين البلدين، عدا عن كونها تفيدهم في العمل، عند كتابة تقارير واضحة إلى حكوماتهم عن تركيبة الكويت السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتسجيل تصورات المواطنين بشأن مختلف القضايا، لاسيما أن النقاشات في الديوانيات لا توفر موضوعا لا تتحدث عنه».

ومثلما لجميع دول العالم سمات تميزها وسكانها تبقى الديوانية سمة الكويت وعلامتها الفارقة.