الحرس الثوري الإيراني يهدد الخليج بعمليات انتحارية.. عند الضرورة

تقرير وكالة الطاقة يصدر في 12 نوفمبر.. وإسرائيل تتهم البرادعي بدعم إيران مدفوعاً بالتزامه الإسلامي

ايرانيان يمران بجانب السفارة الاميركية سابقا والتي اغلقت قبل 28 عاما واعتقل موظفوها مدة 444 يوما وقد حول الايرانيون جدرانها الى جداريات ضد الولايات المتحدة (أ. ف.ب)
TT

حذر مسؤول رفيع المستوى في الحرس الثوري الايراني من ان الميليشيا الاسلامية (الباسيج) يمكن ان تشن «عند الضرورة» عمليات انتحارية في الخليج، مع تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة. ويأتي ذلك وسط عاصفة انتقادات هبت امس على مدير وكالة الطاقة الذرية، محمد البرادعي، الذي قال في حوار مع محطة «سي إن إن» الأميركية، اول من امس، انه ليس هناك دليل على أن نشاطات إيران النووية تحولت من مدنية الى عسكرية. وجاءت أعنف الانتقادات للبرادعي من اسرائيل وفرنسا التي قالت إن طهران أقرب لتطوير قنبلة نووية مما يعتقد البرادعي.

وقال الجنرال علي فدوي، قائد سلاح البحرية في الحرس الثوري، «عند الضرورة يمكن ان نستخدم عناصر على استعداد للشهادة». وأضاف «ان روح (الشهادة) هذه موجودة اليوم في قلب كل عناصر الحرس الثوري». وتابع «ان كل عنصر من الباسيج، مثل الشهيد فهميده، يمكن ان يقوم بأعمال كبيرة. ان منطقة الخليج ومضيق هرمز في وضع يجعل عملية صغيرة ذات انعكاسات كبيرة». وكان فدوي يشير الى محمد حسين فهميده وهو فتى ايراني، 13 عاما، اشتهر في الحرب الايرانية ـ العراقية (1980-1988) حين فجر حزاما ناسفا كان يرتديه، في دبابة عراقية في مدينة خورمشهر (جنوب غرب) التي احتلها الجيش العراقي. وقوات «الباسيج» موضوعة تحت امرة الحرس الثوري. وأضاف فدوي «مع توقيع اتفاق بين سلاح البحرية في الحرس الثوري والباسيج، بات هناك تعاون وثيق بين هاتين القوتين لن تكون نتائجه منظورة إلا حين يرتكب الاعداء حماقة ويهددون وطننا بجدية». وعمدت السلطات الايرانية قبل نحو شهر الى وضع قوات الباسيج التي تعد نحو عشرة ملايين عنصر تحت الامرة المباشرة للجنرال محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري. ويعتبر مضيق هرمز ممرا استراتيجيا بين الخليج وبحر عمان يمر عبره ما لا يقل عن ربع انتاج النفط في العالم. وقال المسؤول الايراني ان «هذا يعزز اهمية الخليج الفارسي ومضيق هرمز». وفيما رفضت الخارجية الإيرانية التعليق لـ«الشرق الاوسط» على تصريحات فدوي، موضحة أنها تحتاج الى دراسة التصريحات قبل التعليق عليها. قال مسؤول إيراني لـ«الشرق الاوسط»: «تصريحات فدوي ليست وجهة نظر رسمية. كما أنها ليست جديدة. جزء من عقيدة الحرس الثوري الدفاع عن اراضي إيران بأي وسيلة». وتابع المسؤول الذي لا يستطيع الكشف عن هويته «ربما العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على طهران دفعت الحرس الثوري لرد فعله هذا». الى ذلك، رفض وزير الدفاع الفرنسي تصريحات البرادعي التي ذكر فيها انه لا يوجد دليل على ان ايران تعمل على انتاج سلاح نووي، قائلا ان المعلومات التي لدى فرنسا «على النقيض من ذلك». وكان البرادعي قد قال اول من امس انه لا تزال أمام طهران سنوات قبل ان تكون لديها القدرة على انتاج أسلحة نووية، وان وكالته ليس لديها ايُّ دليل على ان ايران تسعى لتصنيع قنبلة.

وعندما سئل عن تصريحات البرادعي، قال ايرفيه موران وزير الدفاع الفرنسي في مؤتمر صحافي بابوظبي «معلوماتنا التي تدعمها دول اخرى تتعارض مع تصريحات البرادعي». ولم يذكر موران اي تفاصيل عن المعلومات التي بحوزة بلاده. وترفض ايران اتهامات بأنها تسعى لانتاج قنابل نووية. وأضاف «اذا.. كان البرادعي على صواب فحينئذ ليس هناك ما يدعو ايران لمنع البرادعي والوكالة الدولية للطاقة الذرية من اجراء عمليات التفتيش. اذا كان البرنامج النووي مخصصاً للاغراض المدنية فحسب فلماذا يتم منع عمليات التفتيش الدولية». وقال موران ان باريس تريد ان يتم فرض عقوبات على ايران رغم ان مثل هذه العقوبات ستؤثر بالسلب على المصالح الفرنسية. وقال «نتمنى تطبيق عقوبات اقتصادية ومالية جديدة من المجتمع الدولي.. هذه العقوبات يمكن ان تنفذ حتى ولو على حساب الاقتصاد الفرنسي، فنحن كما تعرفون لدينا مصالح مهمة لشركتي توتال ورينو في ايران». وتابع «ولكن بالنسبة لنا فان القضية النووية الايرانية هي قضية جوهرية لاستقرار منطقة الشرق الاوسط. والارادة السياسية الفرنسية حاسمة في هذا الموضوع». وأبقى البيت الابيض على اتهاماته لايران بانها تسعى لامتلاك السلاح النووي على الرغم من اعلان البرادعي عدم امتلاكه اي دليل يدعم هذه الاتهامات. واكدت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو انه اذا كان بلد ما يخصب اليورانيوم فهو يفعل هذا لصنع سلاح نووي. وقالت للصحافيين «إليكم بلد يخصب اليورانيوم ويحوله، والسبب الذي يدعو احدهم الى فعل هذا هو الوصول الى السلاح النووي، وبالتالي فان ايران تمثل اكبر تحدٍّ لأمننا القومي عندما يتعلق الامر بالاسلحة النووية». وفي القدس، شددت اسرائيل على وجوب فرض عقوبات جديدة على ايران منتقدة في الوقت عينه البرادعي لتأكيده عدم وجود ادلة على صنع ايران قنبلة نووية. وبدأت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني زيارة رسمية الى بكين تسعى خلالها الى الحصول على موافقة الصين على ان يفرض مجلس الامن الدولي سلة ثالثة من العقوبات على طهران بسبب رفضها تعليق انشطتها لتخصيب اليورانيوم. وقالت ليفني في تصريح خلال لقاء مع باحثين في بكين اوردته وسائل الاعلام الاسرائيلية ان «الوقت حان لتوسيع العقوبات وتبني مجلس الامن الدولي، الذي تشغل فيه الصين مقعدا دائما، قرارا جديدا اكثر فاعلية». واضافت في الجامعة الشعبية في بكين «علينا ان نرتفع فوق المصالح الوطنية والاعتبارات الاقتصادية، وان نفكر في العواقب الخطرة التي تشكلها ايران نووية على الكوكب». وحذرت ليفني من ان تكر السبحة في الشرق الاوسط اذا ما اصبحت ايران دولة نووية، مما سيؤدي الى اضعاف الدول العربية «المعتدلة». كما انتقد وزير الشؤون الاستراتيجية افيغدور ليبرمن في حديث للاذاعة العامة البرادعي. وقال الوزير اليميني المتطرف المكلف تنسيق الحملة الاسرائيلية على ايران «بدلا من محاربة البرنامج النووي الايراني، يسعى البرادعي الى تبرئته وتبريره». واتهم ليبرمن البرادعي، المصري الأصل، بأنه «مدفوع باعتبارات آيديولوجية وبالتزام تجاه العالم الاسلامي». وفيما وصف مسؤول كبير بالوكالة الدولية للطاقة الذرية التعاون مع ايران بأنه «جيد» قبل محادثات امس مع مسؤولين ايرانيين بشأن انشطة طهران النووية، قال مسؤول بوكالة الطاقة الذرية لـ«الشرق الأوسط» ان التقرير المرتقب سيصدر في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وذكر مسؤول أبى أن يكشف عن اسمه، أن حديث البرادعي لــ«سي ان ان»، لا يمكن اعتباره مؤشرا لما سيأتي في التقرير، موضحا انه إذا كانت خطة العمل بين طهران والوكالة تسير بشكل جيد، فان هذا سيكون ايجابياً. ويأتي ذلك فيما اعلن مسؤول اميركي كبير في ابوظبي انه ناقش الدفعة الاخيرة من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على ايران مع مسؤولين في دولة الامارات العربية المتحدة، أحد ابرز شركاء الجمهورية الايرانية التجاريين. وقال نائب وزير الخزانة الاميركي، ديفيد ماكورماك، لصحافيين في ابوظبي «تحدثنا معهم في خصائص مرتبطة بالاعلان الذي تم قبل بضعة ايام» من اجل مساعدتهم على «ان يفهموا بشكل افضل توجه السياسة الاميركية».

ولم يعط ماكورماك الذي التقى مسؤولين ومستثمرين في ابوظبي معلومات اضافية عن محادثاته في ايران. إلا انه قال ان واشنطن ترغب في ان تؤدي هذه العقوبات الى «تحركات في المستقبل من دول اخرى، وان تلفت الشركات المتعاملة مع ايران الى الاخطار المحتملة للانشطة النووية وتمويل الارهاب». ويلتقي ماكورماك اليوم مع مجموعة من رجال الاعمال في دبي التي تعتبر مركز اعمال مهماً بالنسبة الى ايران. وتوجد حوالي 10 آلاف شركة ايرانية في دبي. وبلغ حجم التبادل التجاري بين ايران والامارات العربية عام 2006 احد عشر مليار دولار. وتقدر الحسابات الايرانية المودعة دبي بحوالي 300 مليار دولار، بحسب مجلس الاعمال الايراني في دبي.