زيارة القذافي تتسبب في أزمة حكومية وساركوزي يتدخل للدفاع عن ضيفه

الرئيس الفرنسي: قيمة العقود الموقعة بين باريس وطرابلس تصل إلى 10 مليارات يورو

ساركوزي أثناء استقباله القذافي في الإليزيه أمس (ا.ب)
TT

سعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس في لقاء مع الصحافة لم يكن مقررا سابقا وأعقب اجتماعه الأول مع الزعيم الليبي معمر القذافي في قصر الأليزيه، الى احتواء الانتقادات المتكاثرة التي انصبت على الزيارة من اليمين واليسار ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ومن وزراء في الحكومة بينهم وزير الخارجية برنار كوشنير ووزيرة الدولة لحقوق الإنسان راما ياد. وبدا أن ساركوزي اضطر للتدخل شخصيا بعد الحملة السياسية والإعلامية غير المسبوقة التي استهدفت القذافي. وتكاثرت الأصوات التي انتقدت الزعيم الليبي.

وكان القذافي قد وصل الى مطار باريس بعد ظهر أمس، حيث استقبلته وزيرة الداخلية ميشال أليو ماري. وكان مقررا سابقا وبشكل رسمي أن يستقبله وزير الهجرة والهوية الوطنية بريس هورتفو. لكن يبدو أن الجانب الليبي أبدى امتعاضه من ذلك مما دفع الرئاسة الى تكليف وزيرة الداخلية التي تعرف القذافي منذ أن كانت وزيرة للدفاع وقامت بزيارة ليبيا منذ عامين.

وانتظر الصحافيون طويلا تحت المطر، في باحة قصر الأليزيه، الزعيم الليبي الذي وصل متأخرا حوالي الساعة عن الموعد الأساسي. واستقبل ساركوزي الزعيم الليبي الذي اختار زياً ليبياً تقليدياً عند أسفل درج القصر حيث صافحه ورافقه الى الداخل. ومساء عاد القذافي الذي ينزل في قصر الضيافة المعروف باسم قصر مارينيي حيث تم نصب خيمته المزركشة في حديقتها، إلى الأليزيه لتوقيع مجموعة من الاتفاقيات والعقود. وأتبع ذلك بحفل عشاء رسمي على شرف القذافي والوفد المرافق له. ويقع قصر مارينيي على بعد عدة أمتار من القصر الرئيسي ولا يفصل بينهما سوى طريق ضيقة.

وهذه المرة الثانية التي يدخل فيها ساركوزي قصر الأليزيه. وكانت المرة الأولى عام 1973 عندما كان جورج بومبيدو رئيسا للجمهورية. ووقتها أيضا، قامت حملة على بومبيدو بسبب «سياسته العربية» وبسبب بيع ليبيا أسلحة فرنسية متطورة بينها طائرة ميراج أف 1 مازالت في الخدمة في سلاح الطيران الليبي. وقال ساركوزي: «إن فرنسا تستقبل رئيس دولة تخلى نهائياً عن السعي الى امتلاك القنبلة النووية وقرر تسليم مخزونه (من المواد النووية) الى المنظمات الدولية وترك نهائيا الإرهاب واختار تعويض ذوي الضحايا».

وبينما أشار نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام الى أن القيمة الإجمالية للعقود ستصل الى ثلاثة مليارات يورو، فإن ساركوزي أعطى رقما أضخم من ذلك بكثير، إذ أشار الى أن قيمة العقود ستصل الى 10 مليارات يورو. ومن بين العقود التي وقعت أمس عقد لبيع ليبيا محطة نووية ستستخدم لتحلية مياه البحر ومجموعة من العقود العسكرية وأخرى مدنية.

وهاجم الرئيس الفرنسي منتقدي زيارة القذافي بعنف شديد ووصفهم بـ«معطي الدروس» الذين «يتمتعون بصباحهم ويرشفون قهوتهم في حي سان جيرمين» الذي يرتاده المثقفون. ويبدو أن ساركوزي كان يستهدف الفيلسوف الفرنسي برنار هنري الذي انتقد زيارة القذافي بكلمات قاسية، حيث تساءل «كيف تستقبل فرنسا قاتلا من طراز القذافي؟». وأدت زيارة القذافي الى شبه أزمة داخل الحكومة الفرنسية بسبب تصريحات وزير الخارجية برنار كوشنير ووزيرة الدولة لحقوق الإنسان راما ياد التي أثارت زوبعة من الاحتجاجات داخل الأكثرية اليمينية.