العالم في2007: 2007 عرف استمرار موجة الإرهاب في المغرب من دون سقوط أبرياء

تواصل محاكمة الخلايا الإرهابية.. والدولة اعتبرت أن البلد ما زال مهددا به

TT

لعل ما ميز العام الجاري بالمغرب، هو استمرار موجة الارهاب، التي ضربت مدينة الدار البيضاء على مراحل، ومدينة مكناس (وسط) ، بيد انه من حسن الحظ والطالع ان تلك الهجمات الارهابية لم تسقط ارواحا باستثناء الانتحاريين الذين قاموا بها.

وتلا ذلك تجند كافة المصالح الأمنية والاستخباراتية لجهة لتفكيك الخلايا المشكلة، ومقاضاة المشتبه فيهم. في وقت واصلت فيه وزارة الداخلية التأكيد على أن المغرب ما زال مهددا بالإرهاب.

وقال شكيب بن موسى وزير الداخلية المغربي، نهاية الشهر الماضي بمجلسي البرلمان «إن مصالح الامن تنسق فيما بينها للقيام بعمليات استباقية ضد خلايا إرهابية قيد التشكل، درءا لأي خطر محتمل، لكون الارهاب ما زال قائما يهدد سلامة الدولة والمجتمع»، مستندا في ذلك على وجود عناصر متشبعة بالعنف وبآيديولوجية التطرف تقوم بنشر افكارها على نطاق واسع».

وتبقى المفاجأة في عام 2007، ألا وهي عودة بعض المعتقلين المفرج عنهم، الذين قضوا بضعة أعوام في السجن، لتورطهم في قضايا الارهاب، الى مسرح الاحداث، وكأن فترة السجن لم تشكل لديهم عبرة يتعضون منها. ففي11 مارس (اذار) الماضي، قام المعتقل السابق عبد الفتاح الرايضي، الذي افرج عنه بمقتضى عفو ملكي بتفجير نفسه بمقهى انترنت يقع بشارع الادارسة في حي سيدي مومن الهامشي بمدينة الدارالبيضاء، وهو الحي الذي خرج منه انتحاريو الدار البيضاء ليوم 16 مايو (ايار)2003.

وانطلقت الشرارة حينما دخل الرايضي مقهى انترنت، للاتصال ببوابات الكترونية اصولية، الامر الذي فطن له ابن صاحب المحل، الذي دخل في نقاش مع الرايضي، تحول الى مشاداة، قبل ان يضغط الرايضي على زر حزامه الناسف، ليحدث انفجار مهول اصيب على إثره زميله يوسف الخودري بجروح، حيث اعتقلته مصالح الامن في وقت لاحق بعد فراره، وتوجهه الى مستشفى سيدي عثمان لتلقي الاسعافات، وكان اعتقال الخودري صيدا ثمينا، مكن مصالح الامن من التعرف على مربط خيل باقي الارهابيين. وفي 9 أبريل (نيسان) الماضي، تمكنت مصالح الامن الى تحديد مخابئ لجأت اليها باقي مكونات الخلية الارهابية بحي الفرح، إذ حاول بعض عناصرها الفرار، بيد انهم وجدوا رجال الامن والاستخبارات والمواطنين، بالمرصاد لهم.

وفي خضم عملية الفر والكر، بين الامن والارهابيين، فجر انتحاري آخر نفسه، يوم 10 ابريل الماضي، في حين قتل انتحاري آخر برصاص رجال الامن، ولاذ ثالث بالفرار، لكنه اعتقل بعد ملاحقة مستمرة، وأسفرت هذه الأحداث التي دامت طيلة يومين بحي الفرح، وحي النسيم بمدينة الدارالبيضاء، عن سقوط مفتش الشرطة محمد زنبيبة وانتحار ستة إرهابيين، وإصابة 45 بجروح متفاوتة الخطورة، وحجز 12 كيلو غراما من المتفجرات، اضافة مواد سامة وكيمائية مركبة، وقنينات غاز، وكتب دينية مفخخة، وأقراص مدمجة تظهر مدى تأثر الارهابيين بالآديولودجيات المتطرفة، وخرائط تحدد مواقع حيوية.

وبعدما اعتقد المغاربة أن خطر الإرهاب قد ولى، قام الشقيقان محمد وعمر ماها، بتفجير نفسيهما يوم 14 أبريل الماضي، بشارع مولاي يوسف بمدينة الدار البيضاء، قرب القنصلية الاميركية، والمركز اللغوي الاميركي. وتمكنت مصالح الامن من إلقاء القبض على انتحاري ثالث، الذي رمى بحزامه الناسف في احد العمارات المهجورة. وبعد تفجيرات ابريل عادت الاجواء في المغرب الى طبيعتها، ومضت الأمور تسير بشكلها المعتاد، بيد ان الارهاب سيضرب هذه المرة مدينة اخرى هي مكناس الواقعة وسط المغرب. واندهش المغاربة كثيرا، لتصرف المهندس الدكالي، الذي كان يعيش في وضعية اجتماعية مريحة، ويتقاضى راتبا شهريا جيدا، ويملك بيتا وسيارة، اضافة الى حصوله على امتيازات مادية كثيرة، نظرا لاشتغاله بقسم الضرائب بوزارة المالية، وهو ما جعل البعض يشبهه بعبد الكريم المجاطي عضو تنظيم «القاعدة»، الذي لقي حتفه على يد قوات الامن السعودي في منطقة الرس.

وإذا كان شهر مارس الماضي نذير شؤم في المغرب، فإنه مع ذلك شكل حدثا استثنائيا لدى مصالح الامن المغربية، إذ تمكنت من إلقاء القبض على سعد الحسيني زعيم الجناح العسكري لتنظيم الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة، التي يقال انها تقف وراء تفجيرات 16 مايو 2003. وفي خضم ذلك شهدت محكمة الاستئناف بسلا المجاورة للرباط المختصة في قضايا الارهاب، خلال عام 2007، محاكمة مرحلين من غوانتانامو، حيث قضت بإدانتهم بالمنسوب اليهم في المرحلة الابتدائية، بأحكام تراوحت بين 5 و10 أعوام، لكنها برأتهم في المرحلة الاستئنافية، نظرا لغياب الأدلة الكافية، ولظروفهم الصحية.

وشهد عام 2007 ايضا، تسلم المغرب لعدد من المشتبه في تورطهم بقضايا الارهاب، من دول تربطها بالمغرب اتفاقيات تبادل المجرمين، وجرى تنظيم إنابات قضائية خاصة من قبل قضاة اسبان، كما انطلقت محاكمة خلية عملت على تجنيد مغاربة للجهاد في العراق، والانضمام الى تنظيم «القاعدة» في بلاد الرافدين. وايضا محاكمة خلية كانت تنشط في منطقة الساحل والصحراء، وكان من ضمنها مغاربة لهم صلة بتنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الاسلامي، ناهيك من محاكمة خلية «انصار المهدي» التي تضم في صفوفها نساء ورجال أمن ودركا، وأئمة مساجد، ورجال استخبارات، وهي خلية يتزعمها حسن الخطاب، الذي سبق له أن قضى عقوبة بالسجن بعد تفجيرات الدار البيضاء ليوم 16 مايو 2003.