المدعي العام يطلب تحقيقا مستقلا في الانتخابات الكينية.. والرئيس مستعد للحوار

الجيش الأوغندي في حالة استنفار خوفا من تمدد العنف... والمعارضة تؤجل المظاهرة المليونية إلى الثلاثاء

أحد أنصار رايلا أودينغا خلال تظاهرة أمس في نيروبي (أ. ب)
TT

مع تفاقم الاضطرابات في كينيا عقب اعلان اللجنة الانتخابية فوز الرئيس مواي كيباكي بولاية رئاسية ثانية، دعا المدعي العام في كينيا اموس واكو امس الى اجراء تحقيق مستقل في الانتخابات في وقت ألغت فيه المعارضة تظاهرة «مليونية» كانت دعت إليها أول أمس لتقديم «رئيس الشعب» للامة أي اعلان فوز زعيم المعارضة رايلا اودينغا في الانتخابات الرئاسية، حرصا منها «على عدم حقن النفوس أكثر». وفي خطوة لمحاولة تهدئة الاوضاع، اكد كيباكي استعداده للحوار «بعد عودة الهدوء» الى البلاد. وقال في مؤتمر صحافي في نيروبي: «انا مستعد لإجراء حوار مع الاطراف المعنية ما ان يسود الهدوء وتنخفض الحرارة السياسية بشكل كاف لالتزام بناء ومثمر» من كل الاطراف. واضاف ان «الحكومة بذلت كل ما في وسعها من اجل تأمين الامن (..) ان الذين يستمرون في انتهاك القانون يجب ان يتحملوا مسؤولية اعمالهم» امام القضاء.

ودعا المدعي العام الكيني اموس واكو الى اجراء تحقيق «مستقل» في الانتخابات العامة. وقال في بيان: «من الضروري (..) ان يجري تعداد صحيح للبطاقات الصالحة المرسلة (الى اللجنة الانتخابية من مراكز التصويت)»، على ان يقوم به «شخص او جهاز مستقل وان توافق عليه» كل الاطراف.

واعتبر ان في الامكان القيام بمثل هذا التعداد من دون قرار قضائي. الا انه ذكر ان المحكمة الدستورية وحدها يمكنها الغاء نتيجة الانتخابات. وأشار الى ان «مستوى الاحتجاجات العنيفة لم يسجل من قبل» في البلاد، متخوفا من تطور الامور الى «كارثة لا يمكن التكهن بها».

ودفع استمرار الاضطراب في كينيا الى اعلان الجيش الأوغندي حالة استنفار قصوى في صفوفه أمس بعدما أثارت أعمال العنف التي هزت كينيا المجاورة مخاوف من احتمال انتقال العنف عبر الحدود. وتأثرت أوغندا بالفعل بالاضطراب في كينيا حيث ارتفعت أسعار النفط بصورة كبيرة في ظل نقص مستلزمات الطاقة في البلاد. وتعتمد أوغندا على ميناء كينيا المطل على المحيط الهندي للحصول على البنزين إلا أن اندلاع العنف أدى لتعليق عمليات نقله.

وقال المتحدث باسم الجيش بادي أنكوندا خلال مؤتمر صحافي: «لقد وضعنا جنودنا في حالة استنفار قصوى لحماية أرواح شعبنا وممتلكاتهم. واتخذنا تدابير احترازية وهذا يتضمن تأهب جنودنا».

وبالعودة الى تظاهرة المعارضة في كينيا أمس، فبعد وقت قليل من بدء التجمع الذي دعت اليه الحركة الديمقراطية البرتقالية المعارضة والذي كانت حظرته الشرطة في متنزه في وسط العاصمة، أعلنت المعارضة الغاءه وتنظيم تجمع حاشد بديل يوم الثلاثاء. وقال وليام روتو احد زعماء الحركة: «سننهي تجمعنا اليوم الان لاننا في الحركة الديمقراطية البرتقالية شعب مسالم. وسوف نعقد تجمعا سلميا في الثامن من يناير... لا نريد ازهاق ارواح اخرى. معركتنا ليست بيننا وبين الكينيين العاديين لكنها بيننا وبين مواي كيباكي».

وتحدى رايلا اودينغا الشرطة وخرج من مقر المعارضة في تظاهرة لمطالبة كيباكي بالتنحي بعد انتخابات متنازع عليها في كينيا أكبر اقتصاد في شرق افريقيا والحليف الرئيسي للغرب في جهود مكافحة تنظيم القاعدة. ووصف اودينغا الرئيس كيباكي بانه «لص نفذ انقلابا مدنيا»، وقال للصحافيين انه مستعد لقبول وساطة دولية واقترح تشكيل حكومة انتقالية لاقتسام السلطة تقوم بالتحضير لإعادة الانتخابات. واضاف: «يجب الا تستمر اكثر من ثلاثة اشهر... الشعب لن يقبل في خنوع هذا التزوير للانتخابات من الحكومة».

وخرج الالاف من منطقة كيبيرا الفقيرة الموالية للمعارضة وغيرها من الاحياء الفقيرة بعد الفجر متجهين الى حديقة اوهورو أو حديقة الحرية بالسواحلية في نيروبي من اجل المظاهرة المزمعة التي حظرتها حكومة كيباكي. وحينما أوقفتهم شرطة مكافحة الشغب جلس المتظاهرون في الشارع وعرقلوا حركة المرور. ومع تصاعد التوترات أحرق المحتجون عددا من السيارات والمباني. واستخدمت الشرطة الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، واطلقت النار في الهواء وركعت جموع المتظاهرين وهم يهتفون «اقتلونا». وقال مسؤول كبير في الشرطة في ولاية نيانزا (غرب) ان برلمانيين في الحركة الديموقراطية البرتقالية التي يتزعمها رايلا اودينغا وهما اولاغو اليوش وشابير شابير، اعتقلا لانهما «حضا انصار الحركة على التظاهر في المدينة». وكانت الحكومة أرسلت ليل أول أمس تحذيرات عبر رسائل هاتفية قصيرة، جاء فيها ان «توجيه رسائل حقد تحث على العنف هو انتهاك يمكن ان يؤدي الى ملاحقات». من جهة أخرى، بعث الرئيس الاوغندي يوويري موسيفيني بتهانيه الى الرئيس الكيني مواي كيباكي على اعادة انتخابه الذي تطعن فيه المعارضة. وبذلك اصبحت اوغندا اول دولة افريقية تعبر عن تأييدها لانتخاب كيباكي. وكان سكوت معظم الزعماء الافارقة بعد اعلان كيباكي فائزا في الانتخابات قد ابرز المخاوف بشان التزوير المزعوم في الانتخابات التي اعقبها اسبوع من العنف. وقال جون ناجندا مستشار موسيفيني الاعلامي في بيان امس: «تحدث الرئيس موسيفيني الى الرئيس كيباكي هاتفيا لتهنئته على اعادة انتخابه رئيسا». وكان موسيفيني نفسه فاز في انتخابات شابتها مزاعم بالتزوير في العام 2005.

والدولة الاخرى التي هنأت كيباكي هي الولايات المتحدة بعد ساعات من ادائه اليمين يوم الاحد، غير ان مسؤولين اميركيين عبروا منذ ذلك الحين عن القلق للعنف الانتخابي والمخالفات في فرز الاصوات في الانتخابات الكينية. وثارت دعوات دولية الى المصالحة في بلد اشتهر بديمقراطيته المزدهرة وعرف بأنه صانع سلام في قارة تخنقها الحروب الاهلية. ومن المرجح ان تضر هذه الفوضى بالسياحة أكبر مصادر الدخل في كينيا اذ تدر نحو 800 مليون دولار سنويا. وأضرت بالفعل بأسواق المال والسلع الاولية في الدولة المنتجة للشاي والبن. وهبطت العملة المحلية الشلن الى ادنى مستوى لها في ستة اسابيع. وهوت ايضا الاسهم بينما تأجلت مزادات السلع الاولية.

وعلى صعيد آخر وصل أمس الى كينيا القس والناشط الجنوب أفريقي ديزموند توتو في محاولة لجمع المرشحين معا لإيجاد حل للمأزق السياسي الذي يهدد استقرار أكبر اقتصاد في شرق أفريقيا.