بغداد: صراع مجالس الصحوة على النفوذ والمال ينذر بحرب داخلية تعجل بتفكيكها

المجاورون للأعظمية يخشون دخولها رغم «ثوارها».. وصحوة «الفضل» توصف بـ«قطاع طرق»

TT

بعد تنامي نفوذ عناصر مجالس الصحوة في معظم مناطق البلاد خاصة في بغداد، بدا أفراد وقادة تلك المجاميع المسلحة الذين كان بعضهم حتى وقت قصير يقاتلون القوات الأميركية والأجهزة الامنية الحكومية، هم الجهة صاحبة السلطة الفعلية في المناطق والأحياء التي تسيطر عليها، مما جعلها تتصادم في أحيان عديدة مع قوات الأمن العراقية من الجيش والشرطة او حتى مع القوات الاميركية في حال حصل تضارب مصالح بين أفراد تلك المجالس.

فقد أكد أحد رجال الصف الثاني في مجلس الصحوة لمنطقة الاعظمية في بغداد لـ«الشرق الاوسط» أن خلافات بسيطة حدثت بين قادة وأفراد الصحوة أدت الى مواجهات مسلحة فيما بينهم، ينقسم على ضوئها عناصر الصحوة في المنطقة الى فريقين. وقال الرجل ذو الملامح السمراء والذي طلب الاشارة اليه باسم «ابو عمر» إن هذه الخلافات «تنذر بحرب داخل المجلس، فكل فريق يريد أن يستحوذ على أكبر قدر من السلطة وعملية اتخاذ القرار في المسائل التي باتت تعتبر من صلاحية مجلس الصحوة في ظل غياب تام لأي دور حكومي يذكر في المنطقة»، موضحا أن من أسباب هذه الخلافات التي تنشب بين قادة مجلس الصحوة في المنطقة هي تصارعهم حول مسألة تعيين العناصر التي تريد الانخراط في هذا التشكيل المسلح.

«أبو عمر» أوضح أن رجال الصحوة في منطقته يفضلون إطلاق تسمية «ثوار الأعظمية» على تنظيمهم ولا يحبذون كثيرا تسمية مجالس الصحوة، مبينا أن البعض منهم كان لوقت قريب يعتبر من أشد أعداء القوات الأميركية التي كانت تضعهم في قائمة أبرز المطلوبين اليها.

وكشف «ابو عمر» الذي كان يعمل ضابطا برتبة ملازم في إحدى الاجهزة الامنية للنظام السابق، عن وجود أشقاء لقادة وأفراد تنظيم مجلس الصحوة معتقلين حاليا في سجون الحكومة، وتلك التي تشرف عليها القوات الأميركية، وان اتصالات تجري من اجل إطلاق سراحهم.

وأكد «ابو عمر» وعدد من اهالي الاعظمية أن عبارات الترحيب بالزوار التي كتبت على جدران المنازل في احياء مختلفة من منطقة الأعظمية كـ«ادخلوها بسلام أمنين» أو «ادخلوا الاعظمية مدينة السلام» او «الاعظمية ترحب بكم»، لم تشجع سكان المناطق الاخرى حتى القريبة منها من دخول المنطقة والتجوال فيها كما كان عليه الحال في السابق، وذلك بسبب السمعة السيئة التي يتصف بها العديد من افراد مجلس الصحوة في المنطقة وتلطخ اياديهم بدماء الأبرياء عندما كانت أعمال العنف قائمة على قدم وساق قبل عام تقريبا. وأوضح أبو عمر أن قائد الصحوة في الأعظمية يدعى رياض السامرائي وهو ضابط كبير في استخبارات الجيش السابق وكان مرافقا لرئيس الوقف السني في العراق الشيخ احمد عبد الغفور السامرائي الذي شجعه على اخذ زمام الامور في المنطقة وبسط نفوذه فيها بعد ان تغلغلت عناصر مرتبطة بجهات خارجية لا تريد الخير للعراقيين وهدفها خلق الفتنة الطائفية بين ابناء البلد الواحد.

وأكد أن التنظيم الذي يتشكل معظمه من شباب هم أبناء المنطقة مرتبط بالاميركيين مباشرة ولا توجد اي صلة له بالاجهزة الامنية الحكومية؛ فالرواتب والتجهيزات والسلاح يقدمه الاميركيون لقادة التنظيم الذين بدورهم يوزعونه على الافراد والعناصر التابعين لهم.

قد يكون حال منطقة الأعظمية أفضل نوعا ما عن حال حي الفضل الذي تشكلت فيه هو الآخر مجلس صحوة يقوده عادل المشهداني؛ وهو ضابط كبير في جهاز الاستخبارات في عهد النظام السابق، فلا تزال عمليات الخطف والتسليب والترهيب تحدث في اماكن متفرقة من الحي الذي يطل على شوارع رئيسة بالعاصمة بغداد تحت مرأى ومسمع قوات الامن التي لا تبعد سوى أمتار معدودة عنهم، والكثير من المارة لا يفضلون المرور في الشوارع التي يقيم فيها رجال صحوة الفضل نقاط تفتيش، وخصوصا شارعي الجمهورية والكفاح الشهيرين، وبالتالي فانهم يسلكون طرقا بعيدة افضل من وقوعهم تحت رحمة من وصفوهم بـ«قطاع الطرق»؛ فبعد الاصطدامات والمواجهات المسلحة التي تكررت باستمرار بين عناصر الصحوة في الحي وبين نقاط التفتيش العسكرية التي وضعتها السلطات العراقية على مداخل ومخارج الحي الذي يفصل بين منطقة باب المعظم وسوق الشورجة، والتي كانت تنتهي بمصالحة القوات الأميركية لرجال الصحوة مع الجنود العراقيين الذين يتم نقلهم وإبعادهم عن نقاط التفتيش بعد الحادث مباشرة، قام عناصر الصحوة في المنطقة بفرض أتاوات وضرائب على اصحاب المحلات والمارة وأصحاب سيارات النقل وشحن البضائع مقابل السماح لهم بالمرور او العمل في المناطق الخاضعة تحت سيطرة جماعات الصحوة.

وشكا عدد من أصحاب الشاحنات وأخرى مخصصة لنقل الركاب والمتبضعين من تصرفات افراد صحوة الفضل الذين يطلبون منهم مبالغ من المال مقابل السماح لهم بالتوقف في ساحة لوقوف السيارات تعود ملكيتها للدولة ويسيطر عليها الآن عناصر الصحوة، وان من يرفض الدفع فان العقوبة ستطوله امام انظار الجميع. وقال رجل مرور في تقاطع باب المعظم «ان عددا من أصحاب سيارات الحمل الصغيرة التي تنقل البضائع من والى سوق الشورجة يتعرضون للابتزاز من قبل عناصر مجلس صحوة الفضل، وفي حال رفض صاحب السيارة أو من يقودها دفع رشاوى وأتاوات لهم فانه يتعرض للإهانة والسب وفي بعض الاحيان الى تنزيل حمولته والمنع مستقبلا من دخول المنطقة او المرور من خلالها».