زوج بوتو غادر باكستان إلى دبي وشريف يتهم بوش بـ«خيانة» الباكستانيين

استقالة الحاكم المسؤول عن المناطق القبلية والقريب من مشرف

TT

اعلن مسؤول حكومي باكستاني استقالة الحاكم الاقليمي، الذي يتمتع بالسلطة على المناطق القبلية (شمال غرب)، التي تشهد تمردا لمقاتلين اسلاميين قريبين من تنظيم القاعدة وحركة طالبان. وقال هذا المصدر ان الجنرال المتقاعد علي محمد جان اوراكزاي القريب من الرئيس الباكستاني برويز مشرف وحاكم الولاية الحدودية الشمالية الغربية برر قراره «باسباب شخصية ومشرف قبل استقالته». وكان اوراكزاي قد عين حاكما لهذه الولاية في 2005، وكلف اعادة الأمن في المناطق القبلية الحدودية مع افغانستان، التي لا تتبع اداريا الولاية نفسها، بل وضعت تحت اشراف الحاكم وحده. ويتصدى حوالي تسعين الف جندي باكستاني في هذه المناطق في اقليمي شمال وجنوب وزيرستان، لمقاتلين اسلاميين قريبين من القاعدة وطالبان.

ويؤكد مسؤولون اميركيون ان حركة طالبان الافغانية وتنظيم اسامة بن لادن اعادا بناء قواتهما في هذه المناطق القبلية، لشن هجمات على الجانب الآخر من الحدود، اي في افغانستان، حيث تكافح القوات الافغانية والاجنبية تمردا لطالبان. ووقع اوراكزاي في سبتمبر (ايلول) الماضي، «اتفاق سلام» مع طالبان لوقف الهجمات على افغانستان من باكستان وطرد الناشطين الاسلاميين العرب اللاجئين في المناطق القبلية. لكن الاتفاق انهار في يوليو (تموز) بعد الهجوم الدموي على المسجد الاحمر في اسلام اباد، الذي كان معقلا للاصوليين المؤيدين لطالبان. وقال الجنرال المتقاعد طلعت مسعود ان «اتفاق السلام كان فكرة جيدة، لكنه.. انتهى بتعزيز وتوسيع دائرة نفوذ المقاتلين الاسلاميين في هذه المنطقة». من جهة ثانية، تشكل منطقة جنوب وزيرستان معقل بيت الله محسود، الزعيم الاسلامي الذي اتهمته اسلام اباد بتدبير اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية بي نظير بوتو في 27 ديسمبر (كانون الاول)، لكنه نفى ذلك.من جهة اخرى، غادر زوج بوتو باكستان امس عائدا الى دبي، حيث يقيم في المنفى لزيارة عائلته، كما افاد حزبه. ويقيم ابناء آصف في دبي، وبينهم بيلاوال بوتو زرداري (19 سنة) الذي عين رئيسا لحزب الشعب الباكستاني، مع والده بعد اغتيال والدته. وكان بيلاوال قد عاد الى دبي في الاول من يناير (كانون الثاني) الحالي. ويزور آصف ايضا في دبي حماته المريضة ارملة رئيس الوزراء الباكستاني الاسبق ذو الفقار علي بوتو الذي اعدم عام 1979 في عهد نظام الجنرال ضياء الحق. وذو الفقار علي بوتو هو مؤسس حزب الشعب الباكستاني. وقال المتحدث باسم الحزب جميل سومرو لفرانس برس ان «الرئيس المساعد لحزب الشعب الباكستاني سيتوجه الى دبي مساء اليوم لرؤية افراد اسرته». واكد قيادي في الحزب انها «ستكون زيارة قصيرة» وان زرداري سيعود سريعا الى باكستان للاعداد للانتخابات التشريعية التي تقرر الاسبوع الماضي تأجيلها الى الثامن عشر من فبراير (شباط). وقد عاشت اسرة بي نظير بوتو اساسا في دبي، لاسيما الابناء منذ عزل بي نظير عام 1999 وحتى عودتها الى باكستان في اكتوبر (تشرين الاول) 2007. وامضى آصف زرداري ثماني سنوات في السجن في باكستان بين 1996 و2004 بتهمة الفساد، اقام بعدها في دبي قبل عودته منذ اشهر الى كراتشي. ولا يزال حزب الشعب الباكستاني التقدمي «المدافع عن الفقراء»، الذي أسسه بوتو الاب مرتبطا بهذه العائلة الغنية التي تملك اراضي في ولاية السند الكبرى جنوب باكستان. ويأتي ذلك فيما قال رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق نواز شريف، في مقابلة نشرت على الموقع الالكتروني لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية إن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تخون الشعب الباكستاني بدعمها الديكتاتور برويز مشرف رئيس باكستان. وقال شريف، رئيس حزب الرابطة الإسلامية جناح نواز للصحيفة إن «الشعب الباكستاني يشعر بالغثيان وخيبة الأمل بسبب تأييد بوش لرجل واحد ضد 160 مليون مواطن.. كنت دائما أعمل جيدا مع الولايات المتحدة عندما كنت رئيسا للوزراء. لكنني اليوم أشعر بخيبة الأمل». وردا على سؤال عما إذا كان يرفض أسلوب واشنطن في إدارة حملاتها على الإرهاب في باكستان، قال شريف: «كلا، أنا أشعر بخيبة أمل لأن إدارة بوش تنحاز إلى جانب ديكتاتور ضد رغبة الشعب الباكستاني».

وقال شريف إنه لا يمكن ضمان إجراء انتخابات ديمقراطية في 18 فبراير المقبل، إلا إذا تنحي مشرف عن رئاسة البلاد. وتابع: «إذا استقال سيتم حل كل شيء.. نريد أن تنظم حكومة وحدة وطنية الانتخابات، لأنه لا أحد يثق في الحكومة المؤقتة التي شكلها مشرف. نطالب برحيله».

وعلى صعيد التحقيقات في مقتل بوتو، قام المحققون من الشرطة البريطانية (سكوتلانديارد) بمعاينة الموقع الذي اغتيلت فيه في مدينة روالبندي. وفرضت قوات الأمن طوقا حول المنطقة ولم يسمح لوسائل الاعلام بالتحدث مع رجال الشرطة البريطانية، الذين قاموا بمعاينة الموقع، حيث جرى الهجوم بالنار، ثم الهجوم الانتحاري الذي أودي بحياتها. وقد وصل الفريق المكون من خمسة أفراد من المتخصصين والخبراء في الادلة الجنائية من قيادة مكافحة الارهاب بشرطة لندن الجمعة، بعد طلب من الرئيس الباكستاني برويز مشرف لرئيس الوزراء البريطاني غوردون براون. وبعد بضع ساعات من الوصول قام مسؤولو الامن الباكستاني بإطلاع الفريق البريطاني على وضع التحقيق والادلة المتجمعة. وفحص المحققون السيارات التي تضررت في الحادث. وتقوم الشرطة البريطانية بتقديم المساعدة فقط للحكومة الباكستانية، ولن تقوم بتحقيقات خاصة من جانبها، إلا إنه سيسمح للفريق البريطاني بالاتصال بشهود عيان للهجوم والطاقم الطبي الذي عالج بوتو بعد نقلها إلى المستشفى العام في روالبندي، وفقا لقول المتحدث باسم وزارة الداخلية جاويد شيما. وقال مسؤول بالشرطة الباكستانية لصحيفة «ذا نيشن»، إن معظم الادلة الجنائية أبعدت بعد فترة قصيرة من الهجوم على يد عمال الشوارع المحليين الذين نظفوا مكان الانفجار بخراطيم المطافئ.

وقال ضابط الشرطة إن عمل الفريق البريطاني يحتمل أن يقتصر على التحقق من أشرطة الفيديو التي صورت أحد المهاجمين وهو يطلق النار على بوتو. كما التقطت صورة لرجل ثان كان يقف بجوار مطلق النار وهناك تكهنات بأنه الذي فجر القنبلة. وقد رفض حزب الشعب الباكستاني، الذي كانت تتزعمه بوتو، مساعدة سكوتلانديارد في التحقيقات قائلا إنه سيقبل فقط تحقيقا مستقلا من جانب الامم المتحدة. وكتب آصف علي زرداري زوج بوتو، في مقال نشر في صحيفة «واشنطن بوست» امس، «إنني أدعو الامم المتحدة إلى بدء تحقيق دقيق في ملابسات الاحداث والوقائع وتغطية مقتل زوجتي على غرار التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري». وأضاف أن أي تحقيق تجريه الحكومة الباكستانية، التي اتهمها بأنها أمرت بالهجوم لن تكون له أي مصداقية على المستوى المحلي أو الدولي.