محاولات أخيرة شبه يائسة لهيلاري لصد مدّ أوباما.. وماكين يتصدر الجمهوريين

نيوهامبشير تصوت لمرشحيها للانتخابات الرئاسية >كلينتون كادت تبكي وباراك كاد يفقد صوته

هيلاري كلينتون تحيي مؤيديها في احدى التجمعات الانتخابية في نيوهامبشير أمس (رويترز)
TT

على وقع دموع المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي كادت تنهمر وتراشق كلمات نابية بين المرشحين الجمهوريين، انطلقت أمس الانتخابات التمهيدية في الولاية الثانية بعد أيوا، نيوهامبشير حيث شارك نحو 900 ألف ناخب من المنتمين الى الحزبين. وبدا طوال يوم امس ان رابح ايوا الديمقراطي باراك اوباما يتصدر منافسي حزبه في حين ان جون ماكين يتصدر منافسي الحزب الجمهوري.

وبدأت قرية ديكسيفيل نوتش الصغيرة التصويت بعيد منتصف الليل بالتوقيت المحلي (00.05 توقيت غرينتش) حيث أدلى كافة ناخبيها المسجلين وعددهم 17 شخصا، بأصواتهم في حفاظ على تقليد غريب. وأظهرت النتائج التي أعلنت فوز المرشحين الديمقراطيين اوباما بسبعة اصوات، والسناتور السابق جون ادواردز بصوتين ومحافظ نيومكسيكو بيل ريتشاردسون بصوت واحد فيما لم تحصل كلينتون على أي صوت. واندهش المحللون السياسيون من أداء أوباما القوي في ديكسفيل نوتش التي تعتبر معقلا للجمهوريين عندما بدأ الناخبون في البلدة يدلون بأصواتهم بعد منتصف الليل مباشرة في تقليد يلتزمون به منذ عام 1960.

اما بالنسبة الى الجمهوريين فقد فاز جون ماكين البالغ من العمر 71 عاما بأربعة اصوات فيما حصل ميت رومني، المرشح المورموني، على صوتين وحصل رئيس بلدية نيويورك السابق رودلف جولياني على صوت واحد. ولم يحصل الرابح في أيوا القس السابق مايك هاكابي على اي صوت أسوة بهيلاري.

وفي وقت كان فيه ناخبون يدلون بأصواتهم في ثلاث كنائس كان ثلاثة من المرشحين الجمهوريين، هم جون ماكين وميت رومني ومايك هاكبي، يخطبون في الكنائس نفسها ويقصفون بعضهم بعضاً بأقذع النعوت.

وعلى الرغم من ان نيوهامشير تعد من أصغر الولايات الاميركية، إلا أن المشاركة الكثيفة في الاقتراع ومنذ الصباح الباكر عززت الانطباع السائد بأن سباق الرئاسة الاميركية هذه المرة سيكون شاقاً على جميع المرشحين. وبدأت ملامح الصراع المقبل على صعيد الجمهوريين تتضح أكثر فاكثر في حين بقي الوضع بالنسبة للديمقراطيين كما هو عليه، اي ثلاثة مرشحين في المقدمة في حين يتوقع ان يخرج الآخرون من السباق في وقت مبكر.

وتوجهت هيلاري كلينتون وابنتها شيلسي الى مركز للاقتراع في مانشستر قبل الفجر رغم البرد القارس وقدمت القهوة لعدد من انصارها الذين كانوا يحملون لافتات كتب عليها اسمها كما هتفوا «هيلاري».

من جهته، اختتم اوباما حملته الانتخابية في نيوهامبشير بتجمع صاخب في كونكورد مساء الاثنين وارتفعت حدة خطابه في مسعى لحشد الاصوات. وقال اثناء كلمة قاطعتها صيحات الحشود «ابتداء من الغد، سنصنع التاريخ، وسنصلح هذه الامة، وسنصلح العالم». واستمرت كلمة اوباما نحو 45 دقيقة على الرغم من التعب الذي أصاب حباله الصوتية والذي يسوء بعد تجاهله نصيحة الأطباء بالاستراحة من إلقاء الخطب.

وفي اسلوب استنكرته كلينتون، استرجع أوباما مجموعة من الرموز الاميركية السياسية من الآباء المؤسسين الى رواد حركة الحقوق المدنية الاميركية. واتهمت كلينتون اوباما بتضخيم سجله الذاتي بمقارنة نفسه بالرئيس الديمقراطي السابق جون كينيدي وناشط الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ، اللذين وصفتهما بانها «اثنان من اعظم الأبطال».

وفيما بدا أن قوة اوباما الساحقة بدأت بالتأثير عليها، اغرورقت عينا هيلاري بالدموع عندما ردت على سؤال حول كيف تتدبر امرها يوما بعد يوم خلال تجمع انتخابي في أحد مطاعم نيوهامبشير. وقالت بصوت مرتجف: «الامر ليس سهلا، ولم اكن لأستطيع ان افعله لو لم اكن اؤمن بحق أن هذا هو الصواب».

وقد ركزت معظم شبكات التلفزيون الاميركية أمس على دموع هيلاري واستيائها الواضح من سير المعركة بعكس ما كانت تأمل. وأضافت وهي تتحدث الى مناصريها بصوت متهدج: «ربما لم أكن أفعل لولا انني بدأت، لكني اعتقد ان هذا هو الامر الصحيح الذي يجب القيام به وسنواصل الحملة مهما كانت النتائج». وأضافت: «الأمر شخصي بالنسبة لي (...) ولا يتعلق فقط بالسياسة (...) أنا أرى ما يحدث (...) وعلينا ان نصلحه... بعض الناس يعتقد ان الانتخابات مجرد لعبة، هم يعتقدون أن الامر يتعلق فقط بمن الذي يصعد او يهبط».

وقال أوباما في معرض تعليقه على دموع هيلاري: «اعرف أنها معركة طاحنة ولا أزيد». وفي تأكيد على أهمية نتائج ايوا ونيو هامبشير ذكرت صحيفة «كونغرشينال كوارترلي» أنه «في السباقات التنافسية التي جرت خلال العقود الثلاثة والنصف الماضية، تمكن كل مرشح فاز بأصوات هاتين الولايتين من الحصول على ترشيح حزبه».

وعلى صعيد آراء الناخبين، قال معظم الذين صوتوا الى جانب أوباما في هذه الولاية التي يقطنها حوالي 96 في المائة من البيض، إنهم صوتوا لصالحه لأنه الاقدر على منازلة المرشحين الجمهوريين. وفي هذا السياق تقول آنا هيلبنغ: «كنت أعتزم التصويت لصالح هيلاري، لكنني اعتقد ان اوباما لديه فرصة جيدة لهزيمة الجمهوريين». وفي محاولة لتضييق الفجوة المخيفة بينها وبين اوباما بعد ان أظهرت الاستطلاعات طوال يوم أمس انها متأخرة عن اوباما بعشرة أصوات، راحت كلينتون تجول على الناخبين قبيل اغلاق الصناديق في محاولات يائسة لإقناعهم باختيارها. إلا ان منافسها أوباما كان يحذر أنصاره من الافراط في الثقة بفوزه ارتكازا الى استطلاعات الرأي، وظل يشجعهم على المشاركة بكثافة في الاقتراع. تجدر الاشارة الى أن ولاية نيو هامبشير كانت تبدو في صف سيدة الولايات المتحدة الاولى السابقة، ولكن هذا الوضع لم يعد مؤكدا قبل يوم واحد من الانتخابات. وتعتمد هذه الولاية أسلوب التصويت المباشر ولا تلجأ الى المجالس الانتخابية على طريقة أيوا.