الجيش السوداني يكمل انسحابه من الجنوب في الذكرى الثالثة لاتفاقية السلام

البشير: لا مجال للعودة إلى الحرب * أموم: 2008 سيكون عاما لتقوية جهود بناء السلام والتنمية

TT

اكمل الجيش السوداني امس اعادة انتشاره بصورة نهائية وبنسبة 100% من جنوب السودان، في الذكرى الثالثة لابرام اتفاق السلام، الذي انهى عقودا من الحرب الاهلية.

وهي الخطوة الاولى في تاريخ البلاد، فيما نشرت قوات مشتركة من الجيش السوداني والحركة الشعبية في المناطق التي تنتج النفط لحماية ابار البترول. وتمت الخطوة في احتفال كبير اقيم في منطقة ربكونا بولاية الوحدة، واعتبرها المراقبون في الخرطوم بمثابة علامة واضحة لتجاوز الخلافات بين الجانبين حول تنفيذ اتفاق السلام السوداني، الذي وقع في التاسع من يناير (كانون الثاني) 2005. وجرى في الاحتفال تبادل الاعلام، حيث رفع علم القوات المشتركة التي تسلمت المنطقة من القوات المسلحة والجيش الشعبي لتحرير السودان، بحضور وفد رفيع المستوى برئاسة الفريق الركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الوطني، وباقان اموم وزير شؤون مجلس الوزراء، الامين العام للحركة الشعبية، وبمشاركة قوات الامم المتحدة بولاية الوحدة بقيادة كولن يثار.

ووصف وزير الدفاع استكمال اعادة الانتشار بانه لحظة تاريخية في انفاذ الترتيبات الامنية ووقف اطلاق النار، وقال ان «القوات المسلحة تكمل اعادة انتشارها شمالاً، تزامنا مع الذكرى الثالثة لاعياد السلام في التاسع من يناير. واشار الى ان هناك مصاعب جمة واجهت قضية السلام، والآن تبرز بعض المشاكل، الا ان تولي الامين العام للحركة الشعبية لهذا الملف يؤكد لنا اننا نسير في الاتجاه الصحيح. وفي الاحتفال كشف باقان اموم، ان اعادة انتشار القوات «تحقق خطوة اساسية في اتجاه بناء السلام»، وواصفا ما تم بانه نتاج لعمل مضن وطويل على مستوى القيادة السياسية للشريكين. وبشر الامة السودانية بان العام 2008 سيكون عاما لتقوية جهود بناء السلام والتنمية الشاملة والاستقرار. وقال «ان للقوات المشتركة ولاية كبرى لانها ترمز للدولة السودانية في الفترة الانتقالية، وحتى تتحول مناطق التماس الى مناطق للاستقرار والنهوض وليس للصراع». وعلى خلاف ما حدث في 2007، لم ينظم اي احتفال أمس في ذكرى التاسع من يناير 2005، حين وقعت الحكومة السودانية والمتمردون الجنوبيون اتفاق سلام انهى حربا اهلية استمرت 21 عاما، واوقعت 1.5 مليون قتيل وانهكت اقتصاد البلاد. وكان تجمع شعبي اقيم العام الماضي في جوبا، كبرى مدن جنوب السودان، بهدف تعزيز السلام، قد تحول الى مشادة بين الرئيس السوداني عمر البشير ونائبه الاول رئيس حركة تحرير السودان سلفا كير.

واتهم كير السلطات المركزية بعدم تطبيق اتفاق السلام الشامل، ولم يتردد الرئيس البشير في عكس الاتهام، متهما قيادات الجنوب بسوء الادارة والفساد وسوء التنظيم. ومنذ ذلك التاريخ اخذت العلاقات تتدهور بين الجانبين وتفاقمت مع انسحاب الوزراء من الحركة الشعبية من الحكومة المركزية في 13 اكتوبر (تشرين الاول) احتجاجا على التأخر في تطبيق اتفاق السلام.

واستمرت الازمة لاكثر من شهرين وانتهت بعودة الوزراء الى الحكومة والاتفاق على جدول زمني لتطبيق اتفاق السلام، ترجم عمليا من خلال انسحاب القوات الحكومية أمس من مناطق نفطية في الجنوب. واصبح سلفا كير، الذي قاطع العاصمة السودانية لفترة طويلة، اكثر ظهورا في الخرطوم ووسائل الاعلام الرسمية منذ بضعة اسابيع. وهو يكثف اللقاءات وعمليات التدشين مثل تلك الخاصة بافتتاح محطة اذاعية تهدف الى «نشر الثقافة والسلام».

كما ان الرئيس البشير ما انفك يردد كما فعل في خطابه امس، انه لا مجال للعودة الى الحرب في الجنوب ودعوة متمردي دارفور الى وضع السلاح والتفاوض مع الحكومة. واكد البشير أمس اثناء احتفال اطلق خلاله مشروع تغطية اجتماعية لسكان العاصمة، ان الحرب «لم تجلب الا الدم ولم تخلف الا الايتام والارامل»، غير انه رغم هذه النوايا المعلنة فان قضايا شائكة لا تزال تحتاج الى حلول، مثل وضع منطقة ابيي الغنية بالنفط، التي يطالب بها الطرفان، وترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها. وبحسب اتفاق السلام الشامل فانه يفترض ان تنظم انتخابات عامة في 2009 واستفتاء في غضون عامين على الاكثر، يقرر من خلاله سكان الجنوب اما الاستقلال او البقاء ضمن سودان موحد.