بريطانيا تختار الطاقة النووية لسد حاجتها للكهرباء

مناصرو البيئة يعارضون الخطة وشركات خاصة تستعد للاستفادة منها

TT

أعلن وزير قطاع الأعمال جون هاتون أمس، دعم الحكومة البريطانية للطاقة النووية، كوسيلة لسد حاجة المملكة المتحدة للطاقة، مؤكداً العمل على انشاء اول محطة نووية جديدة قبل انها عام 2020. وتعتبر الحكومة البريطانية الطاقة النووية بأنها «ضرورية جداً» في وقت تعلو فيه الاصوات المعارضة للطاقة النووية من مناصري البيئة. وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، قد أعلن في مؤتمره الصحافي الشهري يوم الثلاثاء الماضي، ان بريطانيا بحاجة الى «طاقة من امدادات آمنة»، معتبراً ان الطاقة النووية من أفضل اصناف الطاقة «الآمنة». وقدم وزير قطاع الاعمال عرضاً لرأي الحكومة الداعم للطاقة النووية امام البرلمان البريطاني أمس، قائلاً ان «الحكومة ترى انه من المصلحة العامة ان تقوم مفاعلات نووية جديدة بدور في توفير الطاقة مستقبلا، الى جانب مصادر طاقة اخرى ذات انبعاثات ضعيفة من ثاني اوكسيد الكربون». واضاف «في وجه التحديات الجديدة التي يطرحها التغير المناخي وامن الامدادات، فإنه من الضروري بناء مفاعلات نووية جديدة». وقد قررت الحكومة البريطانية ترك مهمة بناء المفاعلات النووية الجديدة للشركات الخاصة. واكد هاتون: «من المصلحة العامة تمكين شركات الطاقة من الاستثمار في محطات نووية جديدة، ولذلك يجب ان نتخذ الخطوات الضرورية لتسهيل ذلك». واوضح انه سيكون على الشركات الخاصة تمويل بناء واستغلال وتفكيك هذه المفاعلات النووية الجديدة.

ودعا هاتون شركات الطاقة الى بناء وتشغيل عدد غير محدد من المفاعلات، مؤكدا ان استبدال المفاعلات البريطانية العشرة يصب في مصلحة البلاد على المدى البعيد. ولم تحدد الحكومة رقما لعدد المفاعل النووية التي ستبنى في البلاد خلال السنوات المقبلة. واكد هاتون للبرلمانيين ان الطاقة النووية «مجربة بنجاح وآمنة، ومصدر آمن للتكنولوجيا المنخفضة في انبعاثات الكربون» منذ اكثر من خمسين عاما. وأوضح ان المفاعل النووية اكثر فعالية واقل تكلفة من محطات الطاقة التقليدية التي تعمل بالفحم.

وأبدت «شركة الطاقة البريطانية»، التي تملك 8 من المفاعل النووية العشرة في بريطانيا، رغبتها في المشاركة ببناء المفاعل النووية الجديدة. وقالت ناطقة باسم الشركة التي تزود بريطانية بحوالى 20 في المائة من طاقتها الكهربائية: «الطاقة النووية لا تحتاج الى دعم مادي من الحكومة، فمن الممكن للقطاع الخاص ان تتولى هذه المسألة». وأضافت الناطقة لـ«الشرق الاوسط» ان الشركة بدأت باستشارة «شركاء محتملين»، داخل بريطانيا وخارجها، للاتفاق معهم على بناء المفاعل النووية الجديدة. ومن المتوقع ان تعلن الشركة عن اتفاقها مع شركات مختصة اخرى بحلول مارس (اذار) المقبل لبناء المفاعل النووي.

وتغطي المفاعل النووية حاليا نحو 20 في المائة من الطاقة الكهربائية التي تحتاجها بريطانيا، الا ان معظم مفاعل البلاد ستفكك بحلول 2023، مما يدفع الحكومة باتجاه بناء مفاعل جديدة. وقالت الناطقة باسم «شركة الطاقة البريطانية» ان الشركة لم تحدد فترة زمنية لبناء المفاعل الجديد، لكنها توقعت ان تحتاج الى 10 سنوات على الاقل. وشرحت ان «مرحلة التخطيط لبناء أي مفاعل تحتاج خمسة اعوام على الاقل، فمن المؤكد ستبدأ الحكومة استشارة اطراف مختلفة علناً للحصول على توافق داخلي قد يطول، وذلك يعتمد على عوامل خارجية لا يمكن السيطرة عليها». وأضافت: «عند الانتهاء من مرحلة التخطيط والحصول على الموافقات الضرورية، نتوقع ان تستغرق مرحلة البناء 5 سنوات». وتقدر الحكومة ان تكون تكلفة بناء المفاعل الواحد بين 2.5 الى 3 مليارات جنيه استرليني. الا ان مناصري البيئة أعربوا عن معارضتهم لخطة الحكومة المعتمدة على الطاقة النووية لمواجهة التغيير المناخي وتأمين امدادات الطاقة. وخصصت منظمة «غرينبيس» العالمية الصفحة الاولى من موقعها الالكتروني، للتعبير عن معارضتها للخطة البريطانية، قائلة «الطاقة النووية الإجابة الخاطئة» لاحتياجات بريطانيا للطاقة ومكافحة التغيير المناخي. واعتبرت النائبة عن حزب الخضر البريطاني كارولين لوكاس، ان قرار الحكومة البريطانية «الهاء خطير وغير مسؤول عن التحدي الحقيقي، وهو معالجي التغيير المناخي». وذكرت ان المانيا لديها 3 اضعاف الطاقة الشمسية، التي تولدها بريطانيا، و10 اضعاف الطاقة الهوائية. وقالت ان الحكومة البريطانية نفسها اعترفت انه يمكن توفير 30 في المائة من الطاقة المصروفة في بريطانيا الآن، من خلال تغيير طرق العمل في بريطانيا والتقشف في صرف الطاقة. وقالت «غرينبيس» أمس، ان الطاقة النووية تزود الطاقة الكهربائية، لكنها لا تزود طاقة للتدفئة والمواصلات، وهي التي تعتمد على مصادر الطاقة الملوثة للبيئة. يذكر ان الطاقة النووية تغطي 4 في المائة فقط من اجمالي حاجة بريطانيا للطاقة ما بين مواصلات وتدفئة وكهرباء. ولكن الناطقة باسم «شركة الطاقة البريطانية» قالت «هناك تقدم في مجال الطاقة النووية، وما يخص المواصلات، فيجب العمل عليها». وأضافت: «الكثير ينسون اننا نزود شركة سكك الحديد البريطانية بالطاقة الكهربائية لتسير قطاراتها، ونزود طاقة لركاب تعادل 15 بليون ميل سنوياً».

ويستمد العالم نحو 16 في المائة من طاقته الكهربائية من الطاقة النووية من 440 مفاعلاً نووياً حول العالم. وتصل هذه النسبة الى 30 في المائة في الاتحاد الاوروبي، وتبلغ 75 في المائة في فرنسا و55 في المائة في بلجيكا.