مدريد: «تحالف الحضارات» يطالب دول العالم بإدراج قيم التسامح في سياساتها

الملكة نور والشيخة موزة تطلقان مبادرات للأمم المتحدة بقيمة 200 مليون دولار للتعليم والإعلام

TT

شهدت مدريد أمس اجتماعاً ضم رؤساء حكومات ومؤسسات دولية وشخصيات دينية وسياسية واعلامية للحديث عن موضوع أصبح محور مؤتمرات دولية حول العالم منذ سنوات، وهو التصدي للتطرف، والدعوة للتعايش بين ثقافات ومعتقدات مختلفة في القرن الواحد العشرين الذي اصبحت العولمة فيه العامل المؤثر الاول. لكن لقاء أمس، الذي عقد تحت عنوان «المحفل الاول لتحالف الحضارات» برعاية الامم المتحدة واستضافة الحكومة الاسبانية، كان مختلفاً مع طرح حلول ملموسة لدعم التعايش السلمي، على رأسها جعل التسامح والعمل على «تحالف الحضارات» ضمن سياساتها الداخلية والخارجية.

واعلنت كل من تركيا واسبانيا أمس، وهما الدولتان المؤسستان لـ«تحالف الحضارات»، انهما اقرا خطتين وطنيتين لتحالف الحضارات. وقال رئيس الوزراء الاسباني خوسي لوي رودريغوز ثباتيرو في كلمته لافتتاح المؤتمر صباح أمس، ان الهدف من التحالف الذي بدأت فكرته عام 2004 هو «تسليط الاضواء على ما يثرينا وابراز قيمة امكانية مد الجسور حتى يتسنى تهميش سوء الفهم أو اي ملامح لاصطدام الحضارات». وطالب ثباتيرو من الدول والمؤسسات الدولية الـ80 في التحالف الذي ترعاه الامم المتحدة ان يتبنوا خططاً معينة لدعم تحالف الحضارات». وأضاف: «نريد ان نعزل الخطابات المتطرفة وغير المتسامحة للذين يعتقدون بأن دينهم هو الدين الوحيد وثقافتهم الثقافة الوحيدة، ونريد مواجهة التباينات الدينية والثقافية التي تستغل لطرق اهداف سياسية».

واعلن ثباتيرو ان حكومته اطلقت استراتيجية وطنية لتحالف الحضارات «تركز على تشجيع التعارف المتبادل والقيم المدنية وثقافة السلام»، بما فيها 60 نشاطاً مع مؤسسات عدة وتعيين منسق دولي تابع للحكومة الاسبانية. واكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، الذي ساهم في افتتاح المحفل، بأن بلاده ايضاً ملتزمة بتطبيق افكار تحالف الحوارات واعلن تطبيق استراتيجية وطنية لدعم تحالف الحضارات. وأضاف: «الخطط الوطنية هي حجر الاساس لبناء استراتيجية دولية لهذا الطابع». ومن جهته، قال الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن التركيز يجب ان يكون على المشاريع لتطبيق مبادئ تحالف الحضارات، موضحاً: «انه من السهل الحديث عن التسامح والصدام، ولكنه اصعب بكثير ترجمة ذلك بالافعال». وأضاف: «نحتاج الى العمل لبناء عالم الغد»، شارحاً اهمية دعم التعليم والشباب. الا ان الحديث عن تحالف الحضارات سرعان ما ترجم الى نقاش حول المصالح السياسية، ليكرر الممثل الاعلى للسياسة الخارجية خافيير سولانا مرات عدة اثناء مشاركته في جلسة نقاش مصطلح ان «المشكلة ليست في التنوع بل في مواجهة اساءة استغلال هذا التنوع». ولم يختلف لقاء أمس عن غيره من المحافل الدولية في التشديد على ضرورة حل النزاع العربي ـ الاسرائيلي وانهاء الشعور العام باستخدام الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة معاير مزدوجة في التعامل بذلك الملف. ومن الملفت ان الولايات المتحدة كانت غائبة عن اللقاء، فمن بين المتحدثين الرئيسيين في جلسات امس، لم تكن هناك اية شخصية اميركية تدافع عن سياسات واشنطن في العالم العربي.

ولم تقتصر السياسة على قضايا الشرق الاوسط، اذ كان موضوع انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي موجوداً بشكل ملحوظ. اذ تحدث اردوغان مطولاً عن ضرورة انضمام بلاده الى الاتحاد الاوروبي، اذ ان «الملايين ينتظرون ان تصبح تركيا عضواً في الاتحاد الاوروبي، فعضوية تركيا ستكون دليلاً على تحالف الحضارات». وكرر وزير الخارجية التركي علي بابجان هذه الفكرة في مشاركته باحدى جلسات الحوار ظهر أمس. وتماشياً مع مطالب المنظمين للمؤتمر الذي حضرته شخصيات مرموقة عدة بما فيها رئيس وزراء ماليزيا عبد الله بنحجي احمد بدوي ووزيرة خارجية سويسرا ميشيلين كالمي-ري ورئيس جمهورية السنغال عيد الواي وادي ورئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز بلخادم، اعلنت منظمة «تحالف الحضارات» مبادرتين مهمتين. وكان من الملفت ان كلا المبادرتين اللتين كانتا محوراً للقاء أمس اعلنتا من قبل شخصيتين نسويتين عربيتين. اولهما اعلنتها الشيخة موزة بن ناصر المسند تأسيس مؤسسة «صلتك» التي تهدف الى وصل الشباب بسوق العمل المناسب لخلق فرص العمل. واعلنت الشيخة موزة وقفا بمبلغ 100 مليون دولار لدعم هذه المبادرة التي قالت ان رسالتها هي «الاتصال والتواصل اي وصل الشباب بسوق العمل والمشاريع او وصل الشباب ببعضهم البعض».

اما المبادرة الثانية فقد اعلنتها الملكة نور الحسين وهي احدى مؤسسي «صندوق الاعلام» التابع لتحالف الحضارات. وشرحت في كلمة امام الملتقى ان هدف الصندوق، الذي مول بـ100 مليون دولار، «دعم وتطوير المحتوى الاعلامي الذي يوثق التفاهم». واكدت شركة الانتاج انها ستقدم مبالغ موازية لأية تبرعات تصل الصندوق، فاذا حصل الصندوق على 100 مليون دولار من الدعم، ستقدم الشركة 100 مليون دولار اخرى.