مصر: القضاء الإداري يمنح البهائيين حق تدوين كلمة «أخرى» في خانة الديانة

TT

شهد يوم أمس، حسما قضائيا غير نهائي لقضيتين أثارتا جدلا قانونيا وفقهيا كبيرا في الأوساط المصرية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بأحقية البهائيين في كتابة كلمة أخرى، في خانة الديانة في أوراقهم الثبوتية، أو تركها خالية، بدلا من كتابة إحدى الديانات السماوية الثلاث، فيما رفضت نفس المحكمة أيضا الدعوى التي أقامها الشاب محمد حجازي، الذي اعتنق المسيحية، ويطالب فيها إلزام وزارة الداخلية بتغيير بيانات بطاقته الشخصية عبر تبديل اسمه، من محمد إلى بيشوي، وتغيير ديانته من مسلم إلى مسيحي.

ويحق للمتقاضين الطعن على أحكام القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا.

وأقر القضاء الإداري بجواز استخراج بطاقات الهوية والأوراق الرسمية للبهائيين، على أن يكتب في خانة الديانة كلمة «أخرى»، أو تترك خالية بدلا من إثبات كلمة «بهائي» أو أي من الديانات السماوية الثلاث.

وكان مصريان بهائيان هما رءوف هندي وحسين حسني عبد المسيح، قد أقاما دعوى أمام القضاء الإداري لرفضهما كتابة كلمة مسلم أو مسيحي أو يهودي في خانة الديانة في أوراقهما الثبوتية، مطالبين بإثبات كلمة بهائي كديانة.

وقالت محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها، إنه «لا يجوز لوزارة الداخلية إجبار المواطن على الانضواء تحت لواء ديانة لا يعتنقها، فضلا عن أن البطاقة الشخصية، وباقي الأوراق الثبوتية مثل شهادات الميلاد، المقصود منها كشف حقيقة حاملها لغيره من المواطنين والجهات الحكومية، وما يترتب على ذلك من آثار قانونية واجتماعية في مسائل مثل الميراث والزواج، وهو ما يستلزم تمييز غير معتنقي الديانات السماوية الثلاث عن غيرهم».

من جانبه، اعتبر جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن الحكم لصالح البهائيين هو «خطوة للأمام في اتجاه حرية الاعتقاد في مصر». وقال عيد ان «الخطأ الشائع هو اعتبار المواطنين جميعهم مسلمين، ومطالبتهم بإثبات عكس ذلك»، مضيفا أن الحكم أعاد التأكيد على حقيقة أن الإسلام يحترم حرية الاعتقاد. وفي المقابل، رفض الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، اعتبار حكم القضاء الإداري بمثابة اعتراف بالديانة البهائية. وقال «إن الأزهر وجميع علماء الدين في سائر الأديان، لا يقرون بالبهائية كديانة، فهي ديانة وضعية، ولا يعترف الإسلام بها».

وأضاف عاشور لـ«الشرق الأوسط» انه «يجوز كما ذهبت محكمة القضاء الإداري في حكمها، أن يكتب لهم في خانة الديانة في أوراقهم الثبوتية كلمة «أخرى» أو أن تترك فارغة، ولا يعد ذلك اعترافا بهم».

من جهة أخرى، قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى المقامة من الشاب محمد حجازي، التي يطلب فيها إلزام وزارة الداخلية بتغيير بعض بيانات بطاقته الشخصية، عبر تبديل اسمه من محمد إلى بيشوي، وتغيير ديانته من مسلم إلى مسيحي .

وقالت المحكمة «لا يوجد قرار إداري من وزارة الداخلية برفض طلب حجازي، وهو ما تقضي معه بعدم قبول الدعوي». كما قضت المحكمة برفض دعوى أخرى أقامها محام إسلامي ضد رئيس الوزراء ووزير الداخلية وشيخ الأزهر، لإلزامهم بإقامة حد الردة على الشاب، وقالت المحكمة إن رافع الدعوي، وهو محام، ليس له صفة، ولا مصلحة في رفع الدعوى.

وقالت المحكمة في حيثيات رفضها «الدستور يكفل حرية العقيدة لكافة المواطنين، لكن البعض يتخذ من الأديان مجالا للتلاعب»، مشيرة إلى أنها فحصت ملف الدعوى، فلم يتبين وجود قرار إداري من مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية، بالامتناع عن تغيير بياناته الشخصية.

وقال خالد علي مدير مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان، وأحد محامي محمد حجازي، عقب صدور الحكم، «إن حجازي سيرفع دعوى جديدة بعد استيفاء النواحي الشكلية». وأوضح ، أن حكم المحكمة بعدم قبول الدعوى، «يعني وجود عيوب شكلية، وأنه يجوز إقامتها مرة أخرى إذا تم استيفاء النواحي الإجرائية».

من جانبه، أعتبر الدكتور يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن «هذا الحكم يتنافى مع حكم أصدرته المحكمة الإدارية العليا، بعدم جواز الاعتراف بالبهائية كديانة، كما يتناقض مع حكم القضاء الإداري أيضا، في قضية الشاب المتنصر محمد حجازي، الذي صدر في نفس اليوم».