العاصمة التشادية تسقط بيد المتمردين.. والرئيس يتحصّن في قصره

الحكومة التشادية تؤكد استمرار المعارك وتقول إن الوضع ما زال تحت السيطرة

صورة يعود تاريخها إلى أبريل 2006 لجنود تشاديين في قصر الرئاسة (أ. ف. ب)
TT

سقطت العاصمة التشادية أنجامينا أمس بيد المتمردين التشاديين، في مواجهات لم تدم أكثر من ثلاث ساعات مع القوات النظامية. وحاصر المتمردون القصر الرئاسي، حيث يوجد الرئيس ادريس دبي، الذي أعطاه المتمردون فرصة للرحيل، وسط غموض حول مصيره. وبعد بعض ساعات من اعلان المتمردين سيطرتهم على العاصمة، أعلن أحد قادتهم اباكار توليمي انهم ينوون اقتحام القصر الرئاسي، حيث يوجد دبي. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية أن الهجوم على القصر أمر متوقع ولن يتأخر. وأكد أن «الرئيس لا يزال متحصنا في قصره، فيما نسيطر على كل المناطق الباقية».

وأضاف: «اننا نسيطر على الوضع وعلى المدينة، ثمة جيوب مقاومة لكن ما زال جنود الحكومة فقط حول القصر الرئاسي، ويقصفون بالسلاح الثقيل».

وقال عضو المجلس الرئاسي للقيادة الموحدة لـ«قوات المقاومة الوطنية» الجديد الجنرال إبراهيم قده لـ«الشرق الأوسط»، إن قواتهم تسيطر بالكامل على انجامينا. وكشف عن وساطة تبنتها فرنسا بين المعارضة ودبي تقترح إجلاء الرئيس من إنجامينا بسلام، وأكد أن معظم المسؤولين غادروا إنجامينا لدولة الكاميرون.

الا أن مصدرا حكوميا تشاديا قال لـ«الشرق الأوسط»، ان الحرس الجمهوري لم يدخل المعركة بكامل قواته حتى الآن، فى إشارة منه لخطة عسكرية على اثرها تم السماح للقوات المعارضة بدخول العاصمة. كذلك قال مصدر عسكري فرنسي من باريس، ان الجيش التشادي فك الطوق حول القصر الرئاسي، لكن الوضع لا يزال متقلبا. وأكد أن «القوات التشادية وسعت الطوق الأمني حول القصر الرئاسي»، لكنه اوضح ان «المعارك تتواصل».

وظلت الحكومة التشادية تطمئن الى ان الوضع تحت السيطرة، على الرغم من اعلان المتمريدن محاصرتهم القصر الجمهوري والتخطيط لدخوله. وأكد وزير الخارجية التشادي احمد علامي، أن القوات التشادية ما تزال مسيطرة على الوضع. واتهم السودان بالوقوف وراء هجوم المتمردين، الا أن الناطق  الرسمي للقوات المسلحة السودانية نفى لـ«الشرق الأوسط» هذه الاتهامات، وقال ان انجامينا لا تملك اي دليل على ذلك. وأكد السفير التشادي في الخرطوم بحر الدين هارون، أن الحكومة مسيطرة على إنجامينا، غير أنه تحدث عن دخول عربات للمعارضة الى المدينة، مؤكدا أن دبي ما زال في القصر الرئاسي. من جهته، قال السفير التشادي في الرياض، ان الأوضاع في إنجامينا تحت السيطرة الحكومية، وأن دبي في أمان ويودي مهامه الرسمية من داخل القصر الرئاسي، والموظفين الحكوميين ما يزالون في دواوينهم. الا انه أقر بهجوم واحد من قبل المتمردين بعشر سيارات، ووصف سيطرة المتمردين على العاصمة بإشاعات المراسلين والمعارضة.

وأفاد شهود بأن السكان في بعض الأحياء، رحبوا بصيحات فرح بالمتمردين لدى وصولهم في آليات مرقطة، وهم يرتدون بزات خضراء، ويضعون اشرطة بيضاء على اذرعهم. وحصلت اعمال نهب وتخريب فور وصولهم، وفق ما افاد مسؤولون في أجهزة أمنية تابعة لهيئات دولية، في حين أكد شهود ان المتمردين افرجوا عن المعتقلين في سجن أنجامينا.

وافاد مصدر عسكري فرنسي، ان الفي متمرد تقريبا اقتحموا العاصمة وكانوا في سيارات رباعية الدفع، مجهزين برشاشات وقاذفات صواريخ وبنادق كلاشينكوف. وعبر رتل من المتمردين يعد حوالي 300 آلية، تتسع كل منها لما بين 10 الى 15 عنصرا منذ الاثنين الماضي البلاد على مسافة 800 كلم انطلاقا من السودان، حيث قواعد المتمردين الخلفية. ولم يلق زحفهم اي مقاومة حتى أول أمس في بلدة ماساغيت، التي تبعد خمسين كلم شمال شرقي العاصمة، حيث حاول الجيش وعلى رأسه الرئيس دبي عبثا التصدي لهم.

واكتفت واشنطن بالإعلان أن الولايات المتحدة تتابع عن كثب الوضع في تشاد، وسمحت لبعض موظفي سفارتها وعائلاتهم بمغادرة البلاد. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية كارل دكوورث، ان السفارة «قررت ضمان اجلاء موظفين غير اساسيين في تشاد مع عائلاتهم، بسبب تقدم قوات المتمردين الى العاصمة ونتائجه الأمنية».

من جهته، أدان قادة الاتحاد الافريقي الذين يحضرون قمة في اثيوبيا، دخول المتمردين الى انجامينا وهددوا بطردهم من الاتحاد الافريقي المؤلف من 53 دولة، اذا تولوا قيادة البلاد. وقال جاكايا كيكويتي رئيس الاتحاد الافريقي، في مؤتمر صحافي في أديس أبابا: «اذا نجح الانقلاب سنطردهم بالتأكيد من الاتحاد الافريقي». ودعا البيان الختامي لقمة الاتحاد الافريقي في أديس أبابا، المجموعات المسلحة التشادية لوقف القتال. ورفض الاتحاد الافريقي أي حكومة تخالف مبادئه، وقال نائب رئيس بعثة السودان لدى الاتحاد الافريقي أكوي بونا ملوال، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن البيان ناشد جميع التشاديين والمجموعات المتمردة نبذ العنف، والدخول في محادثات سلمية، مشيرا الى أن الاتحاد الافريقي كلف الرئيس الليبي معمر القذافي ورئيس دولة الكنغو بتبني وساطة بين الحكومة التشادية والمتمردين. وندد القذافي بهجوم المتمردين التشاديين ووصفه بـ«الخرق الفادح». وسقطت أنجامينا في حين كانت القوة الأوروبية (يوفور) تستعد للانتشار في شرق تشاد وافريقيا الوسطى لحماية 4500 لاجئ من دارفور (غرب السودان) والنازحين من سكان تشاد وافريقيا الوسطى. ويرى الكثير من الخبراء والسلطات التشادية، ان السودان الذي يدعم المتمردين التشاديين دفعهم الى عرقلة ذلك الانتشار.