«حزب الله»: نريد تحقيقاً يعاقب المرتكبين.. ولا نقبل بتسييس أحداث «الأحد الدامي»

اعتبر الجيش مسؤولا عن كشف ما جرى لأنه «يمسك بالأرض»

جنود لبنانيون في دورية في احد شوارع بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

بقي لبنان امس «غارقاً» في تداعيات احداث يوم «الاحد الدامي» التي وقعت في منطقة الشياح، مار مخايل في الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 يناير (كانون الثاني) الماضي. وتحولت الاحتفالات التأبينية والقداس الذي اقامه «التيار الوطني الحر» عن ارواح الضحايا الى دعوات لتحصين الوحدة الوطنية وتعايش اهالي المنطقة ونبذ الفتن السياسية او المذهبية والتأكيد على دور الجيش كخشبة خلاص في حماية الامن والاستقرار. فيما طالب «حزب الله» بتحقيق «يعاقب المرتكبين». واكد رفضه تسييس ما حصل، معتبراً ان الجيش مسؤول عن التحقيق «لانه الجهة التي كانت تمسك بالارض».

وقد اقيم امس حفل تأبيني لضحايا الاحد الدامي في مجمع موسى الصدر (الغبيري) وحضر الحفل نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان وممثل للبطريرك نصر الله صفير وممثلون لقيادات «حزب الله» وحركة «امل» و«التيار الوطني الحر» وشخصيات قيادية من المعارضة بالاضافة الى عائلات الضحايا.

وفي كنيسة مار مخايل (الشياح) اقيم قداس لراحة نفس ضحايا الاحداث بحضور حشد من ابناء المنطقة ووفود من المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى و«حزب الله» و«امل» وممثلين لاطراف في المعارضة، كما حضر النائب علي حسن خليل ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب ابراهيم كنعان ممثلاً زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون.

وفي الاطار نفسه، القى نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم كلمة في ذكرى اسبوع احد الضحايا، المدعو يوسف شقير في حسينية البرجاوي وصف فيها ما جرى بانه «جريمة موصوفة» مؤكداً ان الجيش «مسؤول عن التحقيق» وقال: «نريد تحقيقاً جنائياً يعاقب المرتكبين. ولا نقبل بالتسييس. ولم تكن هناك تعقيدات لمعرفة المسؤولين، بل ربما كان البعض مجهولا، لكن البعض الآخر كان معلوما تماما ويشار إليه بالإصبع، وفق شهادات الشهود ووفق الوقائع التي صورتها الكاميرات. اذاً لسنا أمام قضية غامضة. نحن أمام قضية واضحة. وما طالبنا به من اللحظة الأولى كان واضحا ومركزاَّ وليس فيه التباس». وأضاف: «نريد أمورا عدة. أولا، نعتبر الجيش مسؤولا عن التحقيق لأنه الجهة التي كانت تمسك بالأرض ولأنها الجهة الوحيدة التي كانت ظاهرة في مقابل المتظاهرين ولأنها تملك الإمكانات الكافية من أجل التحقيق والإدانة وتحديد الفاعلين، أكانوا من الجيش اللبناني أو من غيرهم. نحن لا نريد أن نجتهد في النتائج، ولذا قلنا أن المسؤولية تقع على الجيش كجهة ضامنة مسؤولة تملك الإمكانية للوصول إلى النتيجة. ثانيا، أعلنا أننا نريد تحقيقا جنائيا، يعني نريد تحديد الفاعلين ومعاقبتهم. ولا نريد تحقيقا سياسيا. ولا نريد رمي التهم على أحد. ولذا منذ اليوم الأول كنا نقول إننا ننتظر التحقيق ولا نرمي التهم جزافا هنا وهناك. ثالثا، نريد معاقبة المرتكبين المجرمين كائنا من كانوا ومهما كانت مواقعهم وأدوارهم، ومهما كانت انتماءاتهم، فكل واحد ارتكب يتحمل مسؤولية فعله (...). رابعا، لا نريد ولا نقبل بالتسييس. ولا نقبل بأن تمر هذه الجريمة من دون عقاب ومن دون كشف ملابساتها، فنحن جميعا بحاجة لمعرفة هذه الملابسات ومن هم وراء هذا العمل، سواء أكانوا أفراداً أو غير ذلك».

وتابع قاسم: «نحن اليوم أمام فضيحة سياسية أبطالها جماعة 14 شباط (آذار)، لأنهم حاولوا أن يأخذوا الأمور إلى المحل الخطأ، بل كان يريد بعضهم أن يجرَّنا إلى مجموعة نتائج سياسية. والحمد لله أن كل النتائج السياسية التي أرادها من افتعل المشكلة أو أرادها من ركب الموجة كلها كانت فاشلة وضد كل أولئك الذين أرادوا ذلك. أرادوا تحويل الأمر إلى مشكلة سياسية بين الموالاة والمعارضة، فصوَّبنا المسار وقلنا إننا أمام جريمة لا علاقة لها بالخلاف السياسي بين الموالاة والمعارضة».

في سياق آخر، رحب عضو كتلة نواب «حزب الله» النائب حسين الحاج حسن بزيارة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى «كوسيط مقرب لوجهات النظر (...) اما اذا اراد ان يرجع لتفسيره فأهلاً وسهلاً به كضيف، لكن لا يمكننا ان نتعاطى معه كوسيط للجامعة».

وقال: «ان المتظاهرين الذين نزلوا الى الشارع يوم الاحد الماضي نزلوا من دون قرار سياسي من اي تنظيم او حزب، احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وقد قطعوا الطريق وأحرقوا الدواليب». وسأل: «لماذا وأين كانت قيادة الجيش وغرفة العمليات في هذه الساعات والرصاص ينهمر وسط حركات استعراضية لا نرضى ان يكون فيها جيشنا هكذا».

من جهته، قال وزير العمل المستقيل طراد حمادة: «ان مسؤولية مجزرة مار مخايل تقع اولا على عاتق مجموعة السرايا، لانها هي حكومة الامر الواقع التي تمسك بزمام الامور في البلاد بحكم استيلائها على السلطة ومصادرتها اياها والمسؤولة عن المؤسسات الامنية والنظام العام لانها تسيطر عليه وممسكة به. ولذلك يجب ان تحاسب بعد التحقيق الذي تجريه قيادة الجيش». واعتبر «ان الفريق الحكومي يتحمل مسؤولية مباشرة عما حصل يوم الاحد الماضي من خلال التحريض والتوجيه والسياسات التي تقول للجيش وغيره من القوى الامنية: يجب ان تمنعوا الناس من التظاهر وان كل من يتظاهر هو مشاغب».

ورأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي بزي ان «تمادي فريق الموالاة في منطق التهميش والاستئثار سيجر البلد الى مزيد من حالات التوتر والدمار». وأكد ان حركة «امل» والمعارضة «لم تستدرجا في السابق لأي فتنة ولن تستدرجا اليوم ولا في المستقبل الى زواريب الفتن الطائفية والمذهبية».