تشاد: قوات المعارضة تغادر نجامينا وفرار الآلاف من سكان العاصمة وهدوء نسبي

الحكومة تؤكد سيطرة الجيش الحكومي وتحذر من هجوم يرتب له من السودان * وكالات الإغاثة تحذر من كارثة إنسانية

جندي فرنسي يقوم بمساعدة عائلة بالصعود إلى ناقلة جند لإجلائها خارج العاصمة نجامينا (أ.ف.ب)
TT

بسط الجيش التشادي سيطرته بشكل تام أمس على الأوضاع في نجامينا ظهر أمس، بعد مغادرة قوات المعارضة، لكن سجل وجود حوالي 30 شاحنة صغيرة للمتمردين على المدخل الشمالي للعاصمة التشادية. وقال مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» ان الجيش التشادي يقوم بعمليات تمشيط واسعة داخل العاصمة محذرا من حشود جديدة يتم ترتيبها من السودان، في وقت اعترف المتمردون من انسحابهم من العاصمة مؤقتاً لإجلاء المدنيين، فيما ادان مجلس الامن الدولي هجوم قوات المعارضة على العاصمة التشادية.

وقالت مصادر عسكرية لوكالة الصحافة الفرنسية ان «الجيش يسيطر على الوضع وتمكن بالتأكيد من اعادة تنظيم صفوفه بعض الشيء». وأضاف «لكن الامر لم ينته بالضرورة، هناك رتل للمتمردين مؤلف من 30 شاحنة على الاقل على المدخل الشمالي للمدينة». وقال مراقب يتابع الوضع «الامر افضل اليوم (الاثنين) للرئيس (التشادي) ادريس ديبي مما كان عليه السبت».

ونزح الالاف من سكان انجامينا أمس من العاصمة التشادية التي يسودها هدوء هش باتجاه الكاميرون المجاورة خوفا من تجدد المعارك حسبما اعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة نقلا عن مسؤولين كاميرونيين، كما تدفقوا باتجاه السودان. وابلغ السفير التشادي في واشنطن محمود ادم بشير «الشرق الاوسط» ان مدينة ادري التشادية تحت السيطرة أيضا بعد هجوم شنه المتمردون اول من امس، وعلل تأخير اذاعة بيان الرئيس التشادي ادريس ديبي الذي ما زال موجوداً بقصره في انجامينا بسبب تعرض الاذاعة للتدمير الكامل الى جانب مرافق حكومية اخرى. وقال ان «المتمردين دمروا الاذاعة بعد ان ايقنوا من هزيمتهم في عملية تخريبية متعمدة يقف وراءها النظام الحاكم في الخرطوم».

وقال بشير ان مندوب بلاده في الامم المتحدة تم استدعاؤه من قبل المجلس للاستماع الى قراره الذي ادان فيه هجوم قوات التمرد الى العاصمة انجامينا الجمعة الماضي. واضاف ان المجلس طلب من الدول الاعضاء تقديم كل ما يمكن لمساعدة تشاد للدفاع عن نفسها، لكنه لم يحدد اوجه المساعدات التي يمكن ان يقدمها مجلس الامن الدولي.

وتابع «الاولوية للحكومة الان تأمين العاصمة وتمشيطها من قبل المندسين فيها»، وأضاف ان مجلس الامن والمجتمع الدولي لا يحتاجان الى دليل في تورط الحكومة السودانية في التدخل العسكري في بلاده، وقال «لا نتوقع ان يستسلم النظام في الخرطوم لهزيمة من دفعوهم لغزو نجامينا ونتوقع ان تدفع بحشود جديدة لتخريب البلاد»، مشيراً الى ان الاسلحة والذخائر وملابس المتمردين كلها من السودان. من جهته قال القائم بالاعمال الاميركي لدى السودان البيرتو فيرنانديز ان واشنطن تسعى دائما لتحقيق استقرار في كل من تشاد والسودان، مناشدا الجميع ضبط النفس، غير ان فيرنانديز اكد ان بلاده ضد التدخل الاجنبي في تشاد. وأمل الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا أمس استمرار العملية العسكرية الاوروبية في تشاد، رغم تعليق انتشار هذه القوة حاليا جراء المعارك في هذا البلد. وقال سولانا للصحافيين «طبعا، لن نواصل الانتشار، لقد اوقفناه خلال الايام الاخيرة لرصد تطور الوضع على الارض. لكننا نأمل استمرار العملية».

واتهمت مصادر تشادية تحدثت لـ«الشرق الوسط» هيئة قيادة أركان الجيش السوداني بمتابعة العمليات المسلحة التي تعرضت لها مدينة الجنينة، وقالت انها بصدد ارسال تعزيزات جديدة من القوات وميليشيا الجنجويد، وقالت ان وزير الدفاع السوداني ومدير جهاز الامن والمخابرات يديران غرفة العمليات. وتوقعت ان تنجم عنها معارك جديدة خلال الايام المقبلة.

وقالت المصادر ان 300 عربة دفع رباعي عبرت الحدود التشادية من داخل السودان، تم استجلابها من إحدى الدول العربية، غير أن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني العميد د. محمد عثمان الاغبش نفى صلة القوات المسلحة بما يجري داخل تشاد، واشار الى أن الادعاء بمساندة القوات السودانية للمتمردين التشاديين تسانده دول معادية للدولتين.

وقال المتحدث باسم المتمردين عبد الرحمن غلام الله «لقد انسحبنا من نجامينا ونحن حولها وسننتقل بالتأكيد الى الهجوم مجددا ونطلب من السكان المدنيين في نجامينا الانسحاب منها على الفور لان سلامتهم لن تكون مضمونة». وقال إن عملية الانسحاب جاءت حفاظا على حياة المدنيين، واضاف ان الحكومة التشادية شنت عليهم امس هجمات بالطائرات، وتابع «ليس لدينا معلومة عن مكان ديبي». واكد فرار عدد كبير من المواطنين لدولة الكاميرون بعد اخلاء المدينة. من جهته قال قائد العمليات العسكرية التشادية الجنرال عبد الله محمد علي في تصريحات ان «العدو يتقهقر تماما». وأوضح «ان هدفهم الوحيد كان تدمير المدينة وانسحبوا لأنه لم يعد امامهم من خيار آخر والوقت سيكشف لكم انهم قد انهزموا». وردا على سؤال حول ما اذا كان هذا الانسحاب للمتمردين سيفسح المجال امام الرئيس ديبي لاعادة تنظيم قواته اكتفى مسؤول المتمردين بالقول «لدينا اعتباراتنا الاستراتيجية والعسكرية». وقال مصدر عسكري في انجامينا ان المتمردين قد ابعدوا الى خارج المدينة وباتوا بعيدين عن المدخل الشرقي.

من جهتها نفت حركة العدل والمساواة المعارضة في دارفور دخولها في الصراع الدائر في تشاد، واعتبرت ان اتهامات بعض الجهات الحكومية ذر للرماد في العيون وصرف للانظار عن الهزيمة التي منيت به في انجامينا.

وقال الناطق الرسمي باسم الحركة احمد حسين لـ«الشرق الاوسط» ان قضية دارفور غير مرتبطة بوجود الرئيس التشادي ادريس ديبي في الحكم او بإسقاطه، وأضاف «نحن حركة مستقلة ولديها اجندة لشعبها»، وقال ان الخرطوم تسعى لصرف الانظار عن مغامراتها في تغيير الانظمة في دول الجوار. وأضاف ان حركته تحمل الحكومة السودانية المسؤولية في محاولة تغيير النظام التشادي، وتابع «لقد غامرت الخرطوم تخطيطاً وتمويلاً وتنفيذاً لقلب النظام في انجامينا وهذا يتنافى مع تقاليد الشعب السوداني ويتعارض مع المواثيق الدولية وعلاقات حسن الجوار»، معتبراً ان الحكومة السودانية قصدت تصفية قضية دارفور في غزوها لتشاد لخلق فوضى شاملة وتعليق عملية نشر القوات الهجين في الاقليم، داعياً المجتمع الدولي للتدخل السريع، وقال ان قضية دارفور باقية لأنها تستمد ارادتها من شعبها.