مساعد وزير الدفاع الأميركي لمكافحة المخدرات لـ«الشرق الأوسط»: أفغانستان في حاجة لمزيد من الفتاوى الشرعية التي تحرم زراعة المخدرات

ريتشارد دوغلاس («الشرق الأوسط»)
TT

قال ريتشارد دوغلاس، مساعد وزير الدفاع الاميركي لمكافحة المخدرات، ان جهود قوات التحالف الموجودة في افغانستان تسير في خط متواز، يجمع بين مكافحة نشاط زراعة وتصدير المخدرات، وجهود التنمية الاقتصادية وتوفير البدائل المناسبة للفلاحين، من اجل تدبير وسائل المعيشة المناسبة لهم. واضاف في لقاء خاص مع «الشرق الاوسط» وسط لندن، «ان تقارير الامم المتحدة تشير الى ان نشاط تهريب المخدرات عبر افغانستان يجري عبر حدود العديد من الدول المجاورة، وليس فقط ايران، وان هذه الدول عليها ان تنتبه الى ان الدول التي تسمح لنفسها بان تكون بوابة عبور للمخدرات تصبح بعد حين دولا مستهلكة لها وبنسب متزايدة من المدمنين فيها. وشدد دوغلاس على ان جزءا مهما من الحل في افغانستان هو التنمية الاقتصادية. وطالب بأن تلعب المنظمات الدولية، مثل البنك الدولي، دورا مهما في افغانستان كجزء من الاستراتيجية. وقال ان الخطوة الاولى لمكافحة المخدرات في افغانستان، أو في أي مكان آخر في العالم، هي خفض الاستهلاك. وفي افغانستان لا بد ان يعتمد الحل على:

اولا ـ التنمية الاقتصادية وتوفير بدائل الاعتماد على المخدرات التي تستهلك الكثير من الموارد ايضا في زراعتها. فلا بد من وجود البنية التحتية التي تتيح للشعب الافغاني ان يحقق ما يطمح اليه من احضار محاصيله الى السوق، مشيرا الى ان الطريق الدائري الذي يمر بكبرى المدن الافغانية سيسهل مهمة الفلاحين في تسويق منتجاتهم، من دون الاعتماد على زراعة المخدرات. ثانيا ـ لا بد ايضا من النظر الى الجانب الآخر من المعادلة، وهو تطبيق القانون، من خلال اتاحة الامكانيات اللازمة للحكومة والجيش الافغاني للتعامل مع المشكلة بكفاءة. ويتطلب هذا وجود نظام من الحوافز والعقوبات.

وفيما اعترف دوغلاس بان من الصعب معرفة مدى تورط طالبان في تجارة المخدرات، أكد ان الافغان انفسهم يعتقدون ان طالبان متورطة في تهريب المخدرات. ويشاركهم الرأي العديد من القادة الميدانيين الذين يعتقدون بان طالبان تستخدم أموال المخدرات في شراء المعدات وتحضير هجماتها على الشعب الافغاني وحكومته. واشاد بالتنسيق المثمر بين قادة افغانستان والمجتمع الدولي في مكافحة المخدرات، ولمح الى ان جزءا من هذا التنسيق هو تعاون شيوخ افغانستان ورجال الدين فيها على التوعية بأخطار المخدرات. وقال دوغلاس انه في الكثير من مناطق افغانستان يقوم الافراد بالاعمال القانونية المفيدة. وهناك العديد من الفلاحين الأمناء، وكذلك رجال الشرطة الاكفاء والسياسيين الشرفاء. ومن المغالطات التي تروج في الغرب ان افغانستان تتكون من بحر من الافيون من حدودها الشرقية الى حدودها الغربية، وهذا غير صحيح. وليس كل الفلاحين الافغان متورطين في زراعة الافيون، وهؤلاء يحتاجون الى مساعدتهم على الاستمرار في نهج حياتهم البعيد عن المخدرات.

واضاف ان المسألة لا تتعلق فقط بأرباح تجارة المخدرات، وانما بالتكلفة ايضا. وهي تكلفة باهظة للمجتمعات والصحة العامة والفرص المفقودة بسبب تجارة المخدرات. وتتخطى التكاليف حدود افغانستان وتصل الى العديد من مدن العالم، التي يصلها الهيروين الافغاني ويدمرها.

وفي اجابة على سؤال حول تردي الاحوال المعيشية للموظفين ورجال الشرطة الافغانية، قال «جزء من تفكيرنا في الحلول ايجاد ما يكفي لموظفي الحكومة الافغانية ورجال الجيش والشرطة من اجل اطعام اطفالهم وايوائهم. الان الاجور غير الكافية تفرز مشكلة الفساد، ولا بد من ايجاد المسؤولين الذين يثق بهم الشعب الافغاني». وحول مشكلة التهريب قال انها مازالت نشيطة على الحدود الافغانية الايرانية ـ وفي الاتجاهين. وهي مشكلة ليست محصورة في دولة واحدة او اثنتين وانما في العديد من الدول المجاورة لافغانستان. واستمرار هذا الوضع يعطي الانطباع بان هناك فسادا وتواطؤا مع تجار المخدرات.

واشار الى تقرير الامم المتحدة، الذي اكد ان طرق شحن المخدرات الى خارج افغانستان ودخول المعدات والمحاليل المستخدمة في الصناعة يأتي عبر حدود العديد من الدول المجاورة لافغانستان. وبعض هذه الدول لديها رغبة قوية في وقف هذا النشاط، لانها تعرف ان الدول المستخدمة كطرق تهريب مخدرات ينتهي بها الامر الى تحولها الى دول مستخدمة او مدمنة على المخدرات، مع كل المشاكل والكوارث المصاحبة لمثل هذا الادمان.

ووافق دوغلاس على الرأي القائل بأن معدلات الادمان في افغانستان نفسها عالية، وتمثل احد هموم الوزير المكلف بمكافحة المخدرات في افغانستان والعديد من المسؤولين الافغان الاخرين. واكد دوغلاس ان بلاده تريد دعم الحكومة الافغانية على التعامل مع مشكلة المخدرات كمشكلة تطبيق قانون وليس كمشكلة أمن قومي. واضاف «نحن نساعد الحكومة الافغانية ونساعد الجيش والشرطة في جهود مكافحة المخدرات، وهناك رغبة من حكومة افغانستان على تحقيق ذلك».

كما اشار الى حيوية الجانب الاقتصادي ايضا، حيث تبذل جهود الان في تسهيل النشاط الاقصادي في العديد من الجوانب العملية، مثل بناء البنية التحتية التي تساعد الفلاحين على احضار محاصيلهم الى السوق. من بين هذه الجهود كان استكمال الطريق الدائري السريع حول افغانستان الذي يستكمل خلال عدة سنوات ويساعد الفلاحين بشكل كبير في نقل محاصيلهم الى الاسواق.

واختتم دوغلاس قائلا: انه يحث المجتمع الدولي ومنظمات الدعم المختلفة والبنك الدولي على المساعدة. واضاف لدينا مثل يقول «اذا اجتمعت السواعد يخف العبء».