الحكومة الإسرائيلية تبحث في اجتماعها اليوم خطة لتصدير أزمة غزة إلى مصر

وسط انتقادات من الجيش واليسار واتحاد الصناعيين لأسباب عسكرية وسياسية واقتصادية

TT

تبحث الحكومة الاسرائيلية في جلستها العادية، اليوم، خطة بعنوان «الانفصال التام عن قطاع غزة». ولم يخف مسؤولون اسرائيليون ان خطتهم ترمي الى تصدير الأزمة القائمة هناك الى الساحة المصرية. ولكنهم حملوا المسؤولية عن ذلك الى مصر وقيادة حركة «حماس». وقالوا ان خطتهم هي عمليا استكمال للعملية التي قامت بها الحركة عندما كسرت الجدار ودفعت بالجماهير الفلسطينية الى سيناء المصرية.

ويأتي هذا البحث في الحكومة اثر حملة انتقادات واسعة لرئيس الوزراء، ايهود أولمرت، وجهها معارضوه ووسائل الاعلام وحتى بعض الوزراء، الذين قالوا ان عدم بحث التطورات الجديدة في قطاع غزة رغم مرور ثلاثة أسابيع على كسر الجدار على الحدود الفلسطينية المصرية هو تقصير فاحش. وقال وزير الشؤون الاستراتيجية، عامي ايلون، ان هذا التقصير يبدو مستهجنا خصوصا بعد صدور تقرير لجنة فينوغراد للتحقيق في اخفاقات حرب لبنان. واضاف ان هذا التقصير يشبه الى حد كبير تقصيرات الحكومة في الحرب. ورد ناطق بلسان رئيس الحكومة على هذه الانتقادات بالقول ان أولمرت خصص ثلاثة جلسات لبحث معمق حول الموضوع منذ كسر الجدار، اثنان منها في اطار اللجنة السباعية (التي تضم رؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة ونواب رئيس الوزراء ووزير الأمن الداخلي)، والثالث أجراه أولمرت مع قيادة الجيش في اللواء الجنوبي. وقال ان السبب في الامتناع عن جلسة مناقشات خاصة هو عدم الظهور بصورة تبدو فيها اسرائيل سعيدة بكسر الجدار وعدم استفزاز مصر، التي تبدو محرجة من التطورات الجديدة.

وقال وزير مقرب من أولمرت انه في الوضع الحالي، يصبح نقل الأزمة الى الساحة المصرية مصلحة اسرائيلية عليا، حيث انها ستغدو قضية عربية داخلية، لا شأن لاسرائيل بها. ولذلك فإن على اسرائيل ان تناقش تطوير هذا الاتجاه واغلاق الحدود الاسرائيلية مع قطاع غزة من كل المعابر، وابقاء معبر رفح باتجاه مصر المعبر الوحيد المفتوح. واقحام مصر في أزمات القطاع على جميع المستويات، بما في ذلك تزويده بالكهرباء والوقود والمواد الغذائية والخدمات الطبية. وما ان أعلنا هذه الخطة، حتى انطلقت حملة اعتراض واسعة في الشارع الاسرائيلي. فقد رفضها اتحاد الصناعيين، لأنها تلحق خسائر كبيرة بمئات المصالح التجارية الاسرائيلية التي تعتمد اعتمادا أساسيا على التبادل التجاري مع القطاع. واعترض عليها قادة اليسار الذين يرون ان اسرائيل لا تستطيع في هذه المرحلة التنصل من مسؤولياتها مع قطاع غزة واعتبروا الانفصال التام محرجا للرئيس الفلسطيني، محمود عباس (ابو مازن)، وأمثاله من مؤيدي عملية السلام وسيلحق ضررا بسمعة اسرائيل في الغرب، حيث سيتهمونها بتجويع المواطنين الغزيين وإحداث كارثة انسانية كبيرة فيه.

كما اعترض على الخطة عدد من الجنرالات العسكريين في اسرائيل الذين اعتبروها فاتحة لاغراق قطاع غزة بالأسلحة المتطورة، التي تجعل من القطاع صورة مصغرة للجنوب اللبناني. وأشاروا الى ان التنظيمات الفلسطينية المسلحة تبدو اليوم في أعلى اداء مهني في تاريخها، حيث أفرادها يظهرون بمستوى تدريب عال وسيتصرفون كجنود في جيش منظم ويحملون أسلحة آخذة في التطور باستمرار ولديهم أساليب عمل حديثة. وفي واشنطن، أعلن ناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية، ان واشنطن تتفهم كل اجراء تقوم به اسرائيل لحماية أمنها وأمن سكانها، لكنها في الوقت نفسه ترفض المساس بالضرورات الحيوية للسكان الفلسطينيين والمساس بالأبرياء. وقال ان بلاده تعارض في التسبب بأية ازمة انسانية في قطاع غزة. ودافع وزير الدفاع، ايهود باراك، عن قرار الفصل قائلا انه يتيح لاسرائيل مدى تحرك أوسع في مواجهة التنظيمات المسلحة التي تطلق الصواريخ باتجاه اسرائيل. وقال رفيقه في حزب العمل، وزير الطاقة والبنى التحتية بنيامين بن اليعازر، ان اسرائيل مضطرة الى قطع ما سماه مساعداتها الى قطاع غزة. وقال في معرض تفسيره القرار بتخفيض كمية الكهرباء الاسرائيلية الى القطاع بنسبة 5% أواسط الأسبوع الماضي: «لا توجد في العالم دولة تعطي الكهرباء لمن يطلق الصواريخ عليه». وهاجم أولئك الاسرائيليين «الذين يريدون لاسرائيل أن ترد بالورود على قصف الصواريخ، وقال: «أقل ما يمكن فعله هو معاقبة «حماس» على صواريخها». وأكد ان تخفيضا لاحقا للكهرباء سيتم في الأسبوع الجاري.

وكان الفلسطينيون أطلقوا على اسرائيل 30 صاروخا في غضون 24 ساعة، أمس. وردت اسرائيل بالغارات. وقام وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، بزيارة الى مدينة سديروت، وهي زيارته الثالثة الى البلدة خلال شهر واحد. وقال ان سديروت تبدو كمدينة اشباح. وان 20% من سكانها رحلوا والباقين محبوسون في بيوتهم. وحرص ديختر ان يرافقه جمهرة من الصحافيين، والتقى طفلا شكا له أنه لم يستطع مشاركة زملائه في الصف رحلة الى القدس، لأنه خاف على أهله ولم يرد تركهم في البيت وحدهم. فدعاه ديختر الى زيارته في القدس، غدا ووعده بأن ينظم له رحلة الى القدس وانه سيشاركه في بعض الوقت هذه الرحلة