أوباما يكتسح 3 ولايات في واحدٍ من أفضلِ أيامِ حملته الانتخابية ويتطلع إلى واشنطن الكبرى

يرفع شعار «من أجل الأميركيين جميعاً».. وهيلاري تعِد بتقوية الطبقة الوسطى وتعويض النفط بالرياح والشمس

أوباما وفرحة الفوز في ثلاث ولايات (رويترز)
TT

وجه المرشح الديمقراطي باراك اوباما «رسالة قوية» لمنافسته هيلاري كلينتون قبل الاقتراع يوم (الثلاثاء) في العاصمة واشنطن وولايتي فرجينيا وميريلاند المجاورتين، بعد ان حصل الليلة قبل الماضية على فوز لافت اعتبرته وسائل الاعلام الاميركية واحداً من أفضل «ايام باراك الانتخابية». وفاز اوباما في ثلاث ولايات دفعة واحدة، اضافة الى «فرجينيا ايلاند» التي تتمتع بوضعية إدارية خاصة. وفاز أوباما في لويزيانا بنسبة 57 في المائة وفي نبراسكا بنسبة 68 في المائة، وولاية واشنطن (الساحل الغربي ) بنسبة 68 في المائة. ولم يخذل الاميركيون السود اوباما في لويزيانا حيث ابانت الاحصاءات ان نصف الذين اقترعوا كانوا من السود، واغلبية ساحقة منهم صوتت لصالح اوباما. وابانت الاحصاءات كذلك ان 80 في المائة من السود في جميع الولايات التي اقترعت حتى الآن صوتوا لصالح اوباما، وبموازاة مع ذلك صوت 70 في المائة من البيض في هذه الولايات لهيلاري.

وكان تعليقاً عابراً من بيل كيلنتون، الرئيس الاميركي السابق، قد خلق استياء عميقاً لدى السود. ووصف كيلنتون، الذي ينعت «بانه الرئيس الاسود» حديث اوباما عن حرب العراق بانه «حكاية خرافية» او من «حكايات الساحرات»، وهو تعبير يحيل الى ايام العبودية في اميركا. وفي هذا السياق، قال اول حاكم ولاية اسود في تاريخ اميركا إنه لن يجد عذراً لزلة لسان كيلنتون. وقال دوغلاس ويلدر الذي يشغل الآن منصب عمدة ريشموند عاصمة فرجينيا، «اوباما ليس حكاية خرافية إنه شخص حقيقي».

وعلى صعيد الجمهوريين، فاز مايك هاكبي على جون ماكين، في ولايتي كنساس ولويزيانا، في حين فاز ماكين، المرشح الاوفر حظاً والذي اصبح نظرياً مرشح الحزب الجمهوري بالتجمعات الانتخابية في ولاية واشنطن، بيد ان فوز هاكبي لن يؤثر على وضعية ماكين الذي يتقدم عليه بعدد وافر من المندوبين، خاصة بعد انسحاب منافسه الرئيسي ميت رومني. ويتوفر ماكين حتى الآن على 719 مندوباً في حين يتوفر هاكبي على 234 مندوباً، ويفترض ان ينال المرشح الذي يمكن ان يفوز بترشيح الحزب الجمهوري على 1191 مندوباً. وعلى الرغم من الفارق الشاسع بين ماكين وهاكبي، فإن الاخير قال إنه لن ينسحب من السباق على الاطلاق.

وبعد نتائج ليلة السبت، قلص اوباما فارق المندوبين بينه وبين هيلاري بحيث اصبحت تتوفر على 1100 مندوباً، في حين بات اوباما يتوفر على1039. ويحتاج اي مرشح ديمقراطي للفوز الحصول على 2025 مندوباً. وعلق اوباما الذي يقوم بحملته حالياً في منطقة واشنطن الكبرى، حيث من المقرر ان يتحدث اليوم في جامعة ميريلاند، على انتصاره، قائلاً «الناخبون من الساحل الغربي الى ساحل الخليج (المكسيكي) الى وسط اميركا نهضوا ليقولوا: نعم يمكننا ذلك». يشار الى ان شعار «نعم يمكننا ذلك» هو الشعار المحبب للمرشح اوباما في حملته الانتخابية، وقد لازمه في خطبه السياسية. واضاف اوباما في رد غير مباشر على منافسته هيلاري، وكذلك على المرشح الجمهوري الراجح ماكين، «يقولون إن السباق هو حول من الذي لديه خبرة كبيرة في واشنطن، ونحن نقول إن السباق هو حول مَنِ القادر على تغيير واشنطن.. هذا هو النقاش الذي يمكننا ان نفوز به». وأمام محطة قطار الأنفاق في محطة فيينا (مقاطعة فيرفاكس) بولاية فرجينيا، وقفت امرأتان ورجل يحملون ملصقات انتخابية. كانت احداهما ترفع لافتة عليها اسم هيلاري، وتوزع على المارة اوراقاً أنيقة وملونة تشتمل على النقاط الاربع لبرنامج كيلنتون، في حين حملت السيدة الثانية لافتة تدعو للتصويت على أوباما، أما الرجل فحمل ايضاً لافتة تدعو للتصويت على اوباما مع اوراق زرقاء صغيرة بعنوان يقول «فرجينيا مع اوباما.. مرشحنا المفضل». كان الرجل يتحرك بين الفينة والأخرى امام أناس أنهكهم يوم عمل طويل، وهم ينتظرون الحافلات. يقول الرجل بصوت مسموع «لا تنسوا يوم الثلاثاء يوم الانتخابات التمهيدية.. سواء كنتم من الديمقراطيين او الجمهوريين او المستقلين صوتوا لصالح اوباما». يُشار الى ان النظام الانتخابي يسمح للناخبين بغض النظر عن الانتماء الحزبي بالتصويت لصالح أيِّ مرشح في الانتخابات التمهيدية.

وكان الرجل والسيدة اللذان يساندان أوباما من البيض في عقدهما السادس، وربما اكثر قليلاً. هذه من الظواهر اللافتة في حملة «المرشح الظاهرة» الذي يرفع شعارات براقة تدعو الاميركيين للتصالح مع تاريخهم. ويعتبر التنوع الاثني ظاهرة ايجابية، وهو الذي قال في خطابه الشهير أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي عام 2004، «لا يوجد اميركيون بيض ولا يوجد اميركيون سود ولا يوجد اميركيون لاتينيون ولا يوجد اميركيون آسيويون بل توجد ولايات اميركية متحدة». وهو الخطاب الذي كان بمثابة بزوغ نجم سياسي استثنائي، يسير حالياً بخطى ثابتة نحو تغيير مجرى التاريخ الاميركي. وكان هناك ايضاً مشهد مماثل أمام محطة قطار الانفاق (مترو سنتر) في واشنطن.. لافتات وملصقات وشعارات لم تتغير. المشهدان يشكلان أوضحَ اشارة الى ان حمى الحملة الانتخابية وصلت الى منطقة واشنطن الكبرى، التي تضم العاصمة الاميركية. ويطلق عليها الاميركيون اختصاراً «دي سي» للتفريق بينها وبين واشنطن الولاية التي تقع على الساحل الغربي، كما تضم ولايتي فرجينيا وميريلاند.

ويقول منشور اوباما الذي طبع على ورقة زرقاء صغيرة الحجم «باراك لديه رؤية واضحة ومشجعة لمستقبل بلدنا استناداً الى أفكار ايجابية نزيهة وتصورات عادلة. باراك يأتي ومعه خلفية متنوعة وخبرات متعددة، وهو يتفهم وجهات النظر المختلفة، وسيعمل من أجل الاميركيين جميعاً. باراك قائد له مبادئ يمثل السياسيين الاميركيين الذين يرفضون الجمود والتشاحن الحزبي».

اما منشور هيلاري الانتخابي فقد حدد اربعة اهداف ستعمل على تحقيقها في حالة الفوز، وهي اولاً تقوية وتنمية الطبقة المتوسطة، ثانياً البدء بسحب القوات الاميركية من العراق بعد 60 يوماً من تولي الرئاسة. ثالثاً تحقيق المساواة في التغطية الصحية مع اختيارات حقيقية لجميع الاميركيين. رابعاً تقليل الاعتماد على النفط وذلك باستثمار الشركات النفطية جزءاً من ارباحها في الطاقات البديلة مثل الرياح والمياه والطاقة الشمسية.

ويقوم حالياً كل من اوباما وهيلاري بحملتهما الانتخابية في منطقة واشنطن الكبرى، حيث تميل الكفة لصالح اوباما في العاصمة التي توجد بها اغلبية من الاميركيين الافارقة، وكذا في ولاية فرجينيا المتعددة الأعراق، في حين تراهن هيلاري على ولاية ميريلاند التي توجد بها اقلية يهودية لها نفوذ قوي. ويساند تيموثي كاين، حاكم فرجينيا وادريان فنتي عمدة واشنطن (ليس لها حاكم على اعتبار انها ليست ولاية) اوباما، في حين يدعم مارتن اومالي حاكم ميريلاند هيلاري. وثمة علاقة تربط اوباما مع كاين حيث تتحدر والدتاهما من ولاية كنساس وتربطهما علاقة عائلية بعيدة (والدة اوباما بيضاء ووالده كيني).

وكانت بداية هيلاري سيئة في فرجينيا، لأنها تأخرت عدة ساعات عن أول تجمع انتخابي نظم في «ثانوية لي» في مقاطعة ارلينغتون، مما أثار اشمئزار الكثير من الناخبين وكذا انتقادات في الصحف المحلية، وبموازاة مع ذلك تطوع عدد كبير من طلاب المدارس الثانوية في فرجينيا للعمل مع حملة اوباما الذي يحظى بشعبية كبيرة وسط الشباب، خاصة اولئك الذين سيحق لهم التصويت في الانتخابات الرئاسية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.