الاغتيالات سياسة إسرائيلية تقليدية.. صامتة أحياناً ومعلنة أحياناً اخرى

TT

بغض النظر عما إذا كانت اسرائيل، هي التي اغتالت عماد مغنية، كما يتهمها حزب الله، أو«لم تكن لها علاقة بهذا الحادث»، كما قال الناطق بلسان الحكومة الاسرائيلية، فإن الاغتيالات تعتبر أسلوبا تقليديا في السياسة الاسرائيلية. في بعض الأحيان تتبنى اسرائيل العملية علنا، كما حصل عندما اغتالت قائد حزب الله السابق، عباس موسوي، في سنة 1992، أو تنفي بشكل قاطع، كما فعلت عندما اغتلت القائد الفلسطيني محمود الهمشري في باريس سنة 1972، أو تنفي بطرق مواربة لا تمسك فيها نفيا قاطعا وحازما، مثلما فعلت بعد اغتيال القائد الفلسطيني الثاني بعد ياسر عرفات، خليل الوزير (أبو جهاد) سنة 1989.

في أروقة الحكم العليا تعرف عمليات الاغتيال باسم رمزي هو «إزاحة ديجيتالية». فعندما يتلقى رئيس الحكومة أو وزير الدفاع أو رئيس أركان الجيش أو رؤساء أجهزة المخابرات الأساسية («الشاباك» وهي المخابرات العامة، و«الموساد»، وهي المخابرات الخارجية، و«أمان»، وهي المخابرات العسكرية)، بلاغا بعنوان «إزاحة ديجيتالية»، فإنهم يفهمون ان الحديث يجري عن عملية اغتيال كبيرة يجب أن تتم بأقصى السرعة، ربما خلال ثلاث دقائق أو تسع دقائق، وان على كل منهم أن يترك كل أشغاله، ويستمع الى التفاصيل ويعطي القرار. والمنظم لهذه الاتصالات، هو أكبر حامل لأسرار الدولة العبرية، وهو عادة ما يكون السكرتير العسكري لرئيس الحكومة، وصاحب القرار الأخير يكون عادة رئيس الوزراء، لكنه يأخذ في الاعتبار توصية وزير الدفاع.

وتقررت ونفذت مئات عمليات الاغتيال عبر التاريخ الاسرائيلي، وليس فقط قبل قيام اسرائيل، عندما كانت قواتها العسكرية عبارة عن تنظيمات عسكرية، تعمل بطريقة العصابات، بل تواصلت هذه العمليات أيضا بعدما صارت اسرائيل دولة ذات سيادة معترف بها كعضو منظم في الأمم المتحدة. ولكن ليس كل رؤساء الحكومات الاسرائيلية أيدوا هذه الاغتيالات. بل ان ليفي اشكول (رئيس الحكومة في الفترة 63 ـ 1969)، رفض بإصرار الخطط التي قدمها له مئير عميت، رئيس «الموساد»، لاغتيال رئيس حركة فتح، ياسر عرفات في الستينات، وأبرز هذه الخطط اغتيال عرفات في سورية بطريقة شبيهة جدا بطريقة اغتيال عماد مغنية، أول من أمس، بواسطة تفجير سيارة مفخخة بالقرب منه. بينما رئيسة الحكومة التي خلفته، غولدا مئير، وافقت على بعض العمليات ورفضت بعضها. ومن أهم العمليات التي وافقت عليها، عملية اغتيال ياسر عرفات، في مطلع سنة 1974، عندما قام بزيارة النبطية في الجنوب اللبناني، لكن العملية فشلت، بسبب تراكم الغيوم في السماء ومحدودية الرؤيا. وعادت الطائرات من دون أن تلقي طن المتفجرات. في البداية كانت عمليات الاغتيال ذات أثر بالغ، واعتبرت حدثا كبيرا وخطيرا تهتز له المنطقة، مثل اغتيال أبو جهاد. ولكن في السنوات الأخيرة كثرت عمليات الاغتيال الاسرائيلية ضد مسؤولين فلسطينيين، وأصبحت شبه يومية. وبات الحدث كبيرا بمقدار مسؤولية من يتم اغتياله.

ومن أبرز عمليات الاغتيال، التي شهدتها المنطقة، ونسبت الى اسرائيل ومخابراتها، نذكر:

* بيروت: في مايو (أيار) 1972، أقدمت إسرائيل على اغتيال الكاتب غسان كنفاني، رئيس تحرير مجلة «الهدف» الناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بدعوى الرد على قيام الجبهة بخطف طائرة سابينا الى مطار اللد. ولم تعترف اسرائيل رسميا بهذه الجريمة حتى يومنا هذا، مع ان العديد من الكتب الاسرائيلية تحدث عنها صراحة.

* ميونيخ: في أعقاب عملية التي نفذتها منظمة «أيلول الأسود» الفلسطينية ضد الرياضيين الاسرائيليين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية سنة 1972، التي اسفرت عن مقتل 11 منهم، نفذ سلاح الجو الاسرائيلي غارات على 11 تجمعا فلسطينيا في سورية ولبنان، وألقت حوالي 25 طنا من المتفجرات فوقها وقتلت 200 فلسطيني، وجرحت مئات آخرين، ونفذت عملية اجتياح داخل لبنان، أسفرت عن قتل 45 فلسطينيا، لكنها لم تكتف بذلك. وفي منتصف سبتمبر (أيلول) 1972، عقدت رئيسة الحكومة الاسرائيلية، جلسة سرية لطاقمها الأمني، بمشاركة معظم الوزراء، وقررت اغتيال كل من له علاقة بالهجوم على الرياضيين في ميونيخ. وابتدعت وظيفة مستشار لشؤون الإرهاب في مكتب رئيس الحكومة، مهمته متابعة هذه القضايا. وبالفعل، تمت مطاردة من تزعم أن لهم علاقة، فردا فردا، في مختلف أنحاء العالم واغتالتهم، واغتالت معهم أناسا أبرياء لا علاقة لهم بالعملية:

* وائل زعيتر، 36 عاما، تم اغتياله في روما في أكتوبر 1972، وهو خارج من العمار التي يعيش فيها في شقة، بإطلاق الرصاص من مسدس.

* محمود الهمشري، 38 عاما، تم اغتياهله في باريس في ديسمبر (كانون الأول) 1972 عندما انفجر فيه الهاتف وهو في بيته.

* د. باسل القبيسي، 40 عاما، عراقي يعيش في باريس، قتل بالرصاص قرب بيته، بعد ان اتهم بالشراكة في الجريمة من بعيد، لأنه يدعم الجبهة الشعبية.

* محمد أبو خير، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في قبرص، تم اغتياله أمام مكتبه في نيقوسيا.

* في أبريل (نيسان) 1973 تم اغتيال ثلاثة قادة بارزين في حركة فتح، هم: محمد يوسف النجار، 44 عاما، وهو من مؤسسي الحركة، وكمال عدوان، 36 عاما، وهو مهندس بترول، لكنه تولى قيادة الدائرة الغربية في الحركة، والشاعر كمال ناصر، 48 عاما، الناطق بلسان الحركة. وتم الاغتيال بعملية كوماندوس نفذتها قوة كبيرة اسرائيلية بقيادة العقيد ايهود باراك (وزير الدفاع اليوم)، الذي دخل بيروت متخفيا بلباس امرأة، وهاجمتهم في شققهم في عمارة في منطقة فردان في بيروت.

* زياد محصي، ممثل منظمة التحرير الجديد في قبرص، يقتل في غرفته في فندق في العاصمة اليونانية، أثينا.

* محمد بودية، 36 عاما، وهو فنان جزائري صاحب مسرح صغير في باريس، اتهمته اسرائيل بتقديم مساعدات للتنظيمات الفلسطينية، اغتيل في مسرحه في يونيو (حزيران) سنة 1973.

* احمد بوشيكي، 30 عاما، وهو شاب مغربي، يعمل نادلا في مطعم في العاصمة النرويجية، أوسلو، في يوليو (تموز) 1973، بأيدي «الموساد». وتبين انه قتل بالخطأ، إذ ان رجال «الموساد» اعتقدوا بأنه القائد الفلسطيني علي حسن سلامة.

* وديع حداد، 48 عاما، قائد في الجبهة الشعبية عرف بعمليات خطف الطائرات. وقد قتله «الموساد» بواسطة دس السم في طعامه، وهو في بيته في العراق. وقد توفي بعد عدة شهور من تسميمه.

* علي حسن سلامة، 37 عاما، قتل بأيدي «الموساد» في بيروت في يناير (كانون الثاني) 1979، بواسطة تفجير عبوة ناسفة قرب سيارته.

* خليل الوزير (أبو جهاد)، القائد الثاني بعد ياسر عرفات في منظمة التحرير الفلسطينية، واغتيل في أبريل (نيسان) 1988، بعملية عسكرية وهو في بيته في تونس. وأشرف على العملية باراك نفسه من سفينة في البحر، وقاد القوات التي نزلت على شواطئ تونس، موشيه يعلون، الذي اصبح فيما بعد رئيسا لأركان الجيش الاسرائيلي.

* فتحي الشقاقي، قائد الجهاد الاسلامي، وقتل في مالطا في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 1995.

* جمال منصور وجمال سليم اغتيلا في نابلس في ذات اليوم في يوليو (تموز) 2001، باطلاق صاروخ على مكتب للحركة اثناء لقائهما صحافيين.

* أبو على مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اغتيل بصاروخ اطلقته عليه طائرة اسرائيلية وهو في مكتبه في رام الله في أغسطس (آب) 2001.

* الدكتور ابراهيم مقادمة القائد العسكري لحماس اغتيل 8 مارس (اذار) 2003 وهو في طريقه الى عمله في غزة.

* اسماعيل أبو شنب أحد قادة حماس السياسيين المعتدلين اغتيل في غزة في سبتمبر (ايلول) 2002

* صلاح شحادة القائد العام لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، الذي اغتيل في يوليو(تموز) 2002 بالقاء قنبلة زنة طن على منزله في حي الدرج في غزة.

* الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، وقد قتله سلاح الجو الاسرائيلي بغارة جوية قرب بيته في مارس (آذار) 2004.

* د. عبد العزيز الرنتيسي، رئيس حماس الجديد، قتل في غارة اسرائيلية أخرى في أبريل (نيسان) 2004.

* عز الدين الشخ خليل قائد حماس العسكري في الخارج، اغتيل بوضع قنبلة في مقعد سيارته في دمشق في سبتمبر (ايلول) 2004.