استقلال كوسوفو: واشنطن تعترف.. والاتحاد الأوروبي يترك لكل دولة حسم المسألة

انقسام داخل مجلس الأمن.. وروسيا تعتبره لاغيا وباطلا

صربي من كوسوفو يحمل العلم الصربي أثناء مظاهرة احتجاج على استقلال كوسوفو في مدينة كراكانيسا أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلنت الولايات المتحدة امس اعترافها رسميا بكوسوفو كدولة مستقلة. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في بيان إن الرئيس جورج بوش وافق على قبول طلب من كوسوفو بإقامة علاقات دبلوماسية.

ومن جهة اخرى، اعلن وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا والنمسا في بروكسل ان دولهم تعترف باستقلال كوسوفو الذي اعلن من جانب واحد، كما اعترفت منظمة المؤتمر الإسلامي وتركيا بذلك.

ولا يزال الاتحاد الاوروبي منقسما بشأن قضية كوسوفو حيث تؤيد غالبية الاعضاء الاعتراف بالاستقلال بينما يعارضه عدد قليل آخر مثل اسبانيا وقبرص ورومانيا. واتفق وزراء الخارجية الاوروبيون امس في اعلان مشترك على ان يترك لكل من دول الاتحاد الاوروبي ان «تقرر بحسب ممارساتها الوطنية وقواعدها القانونية» ما اذا كانت ستعترف ام لا باستقلال كوسوفو.

ومن جهتها سعت روسيا من خلال دعوتها إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن إلى حشد الأصوات لمنع استقلال كوسوفو، واعتبرت إعلان كوسوفو لاستقلالها من جانب واحد لاغيا وباطلا ولا يستند إلى أساس قانوني. وفي الوقت ذاته عبرت موسكو وعلى لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة فيتالي جيركن عن قلقها على حياة آلاف الصرب الذين يعيشون داخل أراضي إقليم كوسوفو. وقد تأخرت جلسة مجلس الأمن الطارئة للمشاورات لمدة 3 ساعات بسبب عدم توفر العدد الكافي من المترجمين الفوريين. وقد ايدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا استقلال كوسوفو، وكشفت مشاورات مجلس الأمن عن خلافات في وجهات النظر حول تفسير بنود قرار مجلس الأمن 1244 الذي اعتمد بعد انتهاء حرب حلف شمال الأطلسي (النيتو) عام 1999 على صربيا. وقد منح القرار تفويضا للأمم المتحدة ولقوات حلف شمال الأطلسي لإدارة إقليم كوسوفو ومنح القرار حكما ذاتيا واسعا لإقليم كوسوفو مع التشديد في الحفاظ على وحدة أراضي صربيا. وجدد الأمين العام بان كي مون في بيانه أثناء مشاورات مجلس الأمن التأكيد على استمرار ولاية الأمم المتحدة في إدارة كوسوفو، وقال «إن الأمم المتحدة ستواصل تنفيذ الولاية المناطة بها على ضوء تطور الظروف». واطلع الأمين العام اعضاء المجلس على المحادثة التي اجراها مع رئيس صربيا الذي اعتبر اعلان كوسوفو من جانب واحد لا يستند إلى أساس قانوني، ودعا الأمين العام بان كي مون جميع الأطراف على ممارسة ضبط النفس ودعاها إلى «الامتناع عن البيانات أو القيام بأية أعمال من شأنها أن تعرض سلام البلاد إلى الخطر أو من شأنها التحريض على العنف لتعريض أمن كوسوفو والمنطقة إلى الخطر». واعتبر السفير الروسي بيان الأمين العام بان كي مون هو عدم اعتراف ضمني باستقلال كوسوفو حين أكد استمرار ولاية الأمم المتحدة.

وفي بلغراد، احالت الشرطة الصربية الى القضاء اتهامات بحق رئيس كوسوفو فاتمير سيديو ورئيس وزرائه هاشم تاجي ورئيس البرلمان يعقوب كراسنيكي تأخذ عليهم «تنظيم اعلان دولة زائفة على الاراضي الصربية»، على ما افادت وكالة الانباء الصربية تانيوغ امس. وجاء في بيان وزارة الداخلية الصربية انه باعلانهم استقلال كوسوفو، فان القادة الثلاثة «ارتكبوا عملا اجراميا ضد نظام صربيا الدستوري وامنها». واحيل الاتهام الى القضاء لفتح تحقيق.

وكان اعلان إقليم كوسوفو استقلاله قد اثار مخاوف وتساؤلات عكسها الصحافيون الاوروبيون في افتتاحياتهم امس، حيث اعتبر البعض ان مصداقية اوروبا على المحك في هذه القضية فيما تخوف البعض الاخر من ان تعزز النزعات الانفصالية.

ونددت الصحف الصربية باعلان استقلال كوسوفو الذي احست به صربيا وكأنه انسلاخ جزء منها. وعنونت صحيفة بليك «انسلاخ كوسوفو» فيما نشرت صحيفة كورير صورة بالاسود والابيض لطفل يحمل شمعة يعلوها العنوان «من سيقتلع كوسوفو من روحي؟».

من جهتها رأت الصحافة الروسية ان اعلان كوسوفو من طرف واحد ارسى «سابقة» ستسمح لموسكو بالاعتراف بمنطقتي الحكم الذاتي الجورجيتين ابخازيا واوسيتيا الجنوبية. ورأت الصحافة البريطانية ان استقلال كوسوفو سيشكل اختبارا لوحدة صف الاتحاد الاوروبي. وذكرت صحيفة ذي غارديان ان «اوروبا مقسومة بشأن الاعتراف (بكوسوفو) وحتى دول خارج البلقان مثل اسبانيا توازي ما بين هذه المسألة وقضايا انفصاليين محليين.

، الامر الذي لا يبعث على الارتياح».

ورأت صحيفة فاينانشل تايمز ان «من اولى الصعوبات التي ستطرأ الغموض الذي يلف وضع بعثة الاتحاد الاوروبي في غياب تفويض من الامم المتحدة». كما اعتبرت صحيفة ذي تايمز (وسط اليمين) ان «احدث دولة اوروبية قسمت الاتحاد الاوروبي وستعطي روسيا فرصة لممارسة حقها في الفيتو حتى لا يسمح لكوسوفو بالمثول في صفوف الامم المتحدة».

وفي فرنسا، لخصت صحيفة ليبراسيون المخاوف المزدوجة التي يعبر عنها العديد من الافتتاحيات اذ تساءلت «اي حل مستديم يمكن ان يضمنه الاتحاد الاوروبي» للكوسوفيين، مشيرة في الوقت نفسه الى ان «اوروبا اوجدت كذلك سابقة (لان) الفلمنكيين والكاتالونيين والباسكيين والكورسيكيين سيسارعون الى التنديد بالكيل بمكيالين».

وعبرت صحيفة لو فيغارو عن تفاؤلها فكتبت انه «مهما كانت الخلافات (الاوروبية) في وجهات النظر جوهرية، فقد تمت السيطرة عليها» غير انها اعتبرت ان «اوروبا تجازف» مضيفة «حان الوقت لتظهر اخيرا قدرتها على ارساء الاستقرار في البلقان».

اما في اسبانيا التي اعلنت انها لن تعترف باستقلال كوسوفو، فعنونت صحيفة الباييس «كوسوفو، ساعة الصفر» معتبرة ان اعلان الاستقلال «يشكل تحديا هائلا لاوروبا».

واعتبرت الصحف الالمانية من جهتها ان اعلان الاستقلال يشكل «وضعا سياسيا حرجا» للاتحاد الاوروبي، واشارت صحيفة دي فلت الى «القلق المخيم في العواصم الاوروبية حيال اختبار غير مؤكد النتيجة».

وفي هولندا عنونت صحيفة ان ار سي نكست «امر واقع مكلف» محذرة من ان إقليم كوسوفو لا يملك مقومات اقتصاد مستقل وان الاتحاد الاوروبي سيدفع الفاتورة. ورأت صحيفة دي تلغراف الشعبية ان «بذور نزاع جديد زرعت في يوغوسلافيا السابقة».