توقعات بلقاء متوتر بين أولمرت وعباس اليوم.. واحتدام الجدل حول القدس

مسؤولون فلسطينيون يقولون إن مصير المدينة المقدسة لم يتأجل وله أولوية وعلى إسرائيل احترام خريطة الطريق

فلسطيني يعرض لوحة للقدس على أحد السياح في منطقة جبل الزيتون بالقدس القديمة (رويترز)
TT

توقعت مصادر سياسية في اسرائيل، أمس، ان يعقد لقاء القمة الاسرائيلي الفلسطيني بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس الوزراء، ايهود أولمرت، اليوم، في القدس، في ظل أجواء متوترة وذلك على خلفية التصريحات المتناقضة بين الطرفين حول البحث في قضية القدس.

ففي حين أعلن أولمرت انه اتفق مع أبو مازن على تأجيل البحث في قضية القدس الى نهاية المفاوضات بينهما، يصر الرئيس ابو مازن وسائر المتحدثين الفلسطينيين على ان قضية القدس مطروحة على جدول الأبحاث وأخذت وتأخذ حيزا كبيرا من المحادثات الجارية حاليا. وقد أعطيت الاشارة الأولى لهذا التوتر في اللقاء الذي جرى، أمس، بين رئيسي الوفدين المفاوضين، أحمد قريع (أبو علاء) وتسيبي لفني، إذ اصر رئيس الوفد الفلسطيني على الالتزام بجدول الأبحاث المقرر منذ تفاهمات أنابوليس، والتي تشمل قضية القدس، فيما أبلغت لفني ان هذا الموضوع المعقد ينبغي تركه الى المرحلة الأخيرة من المفاوضات.

ويتسلح الاسرائيليون في هذا الموقف، بتصريحات صدرت عن البيت الأبيض في واشنطن، في الأسبوع الماضي، والتي قيل فيها ان من الممكن أن لا ينجح الفلسطينيون والاسرائيليون في التوصل الى اتفاق حول القدس كونها قضية معقدة وعندها سيتم تأجيلها الى فترة الرئيس الأميركي القادم. ولكن التراجع الاسرائيلي عن بحث قضية القدس في هذه المرحلة، يعود الى المصاعب الناشئة في الائتلاف الحاكم. فبعد خروج حزب «اسرائيل بيتنا» من الائتلاف، أصبحت حكومة أولمرت تعتمد على أكثرية 67 نائبا من أصل 120 نائبا في الكنيست (البرلمان الاسرائيلي). وحزب اليهود الشرقيين المتدينين «شاس»، الممثل في الكنيست بأحد عشر نائبا، يهدد بالانسحاب من الائتلاف فيما لو بحثت قضية القدس أو حتى إذا جرى تقدم في المفاوضات حول القضايا الأخرى مع الفلسطينيين في الأوضاع الحالية، التي تطلق فيه الصواريخ الفلسطينية باتجاه البلدات الاسرائيلية الجنوبية. ويتعرض حزب «شاس» لضغوط شديدة من أحزاب اليمين المعارضة لكي ينسحب من الائتلاف. وقد التقى رئيس كتلة الليكود البرلمانية، النائب جدعون ساعر، مع الرئيس الروحي لحركة «شاس»، الحاخام عوفاديا يوسيف، في اطار هذا الضغط. وحمل معه ملفا يحتوي على التصريحات الفلسطينية التي يقول أصحابها ان موضوع القدس مطروح على جدول الأبحاث وان الفلسطينيين لا يقبلون تأجيله. كما يحتوي الملف على تصريحات الرئيس الفلسطيني، عباس، التي قال فيها ان هناك تقدما في المفاوضات حول معظم القضايا، ولكنه تقدم طفيف وبطيء وغير مرض، علما بأن أولمرت ادعى عدة مرات بأنه اتفق مع أبو مازن على تأجيل موضوع القدس الى المرحلة الأخيرة من المفاوضات.

وكان أولمرت قد حاول أن يفحص امكانية ضم حزب «ميرتس» اليساري الى ائتلافه الحاكم مكان حزب «شاس»، في حالة انسحاب الأخير من الائتلاف. وعندها يكون له ائتلاف بأكثرية صوت واحد. ويكون مستندا الى أصوات النواب العرب (ممثلي فلسطينيي 48)، المؤيدين للمسيرة السلمية. إلا ان رئيس حزب العمل، وزير الدفاع، ايهود باراك، أعلن رفضه لهذه الخطوة. وقال انه ليس مستعدا للبقاء في حكومة ذات أكثرية ضئيلة تستند الى أصوات العرب. وانه يريد اتفاق سلام يكون مدعوما من الأكثرية اليهودية في اسرائيل. وقد اجتمع باراك، أول من أمس، مع عوفاديا يوسيف وأبلغه بذلك، قائلا انه لا يفرط بحزب «شاس» في الائتلاف الحاكم. ومع ان أوساطا سياسية في حزب «قديما» الحاكم انتقدت هذا الموقف من حزب العمل، إلا ان أصوات مقربة من أولمرت، رأت ان تصرف باراك تم بالتنسيق مع أولمرت. وهدفه احتضان حزب «شاس»، الذي يواجه نقاشا داخليا حادا حول مسألة البقاء أو الانسحاب من الائتلاف. وأكدت هذه الأوساط ان الرئيس الروحي للحزب، يوسيف، يميل الى تأييد البقاء في الحكومة، لأنه يثق بأولمرت ويؤمن بقدرات باراك العسكرية، خصوصا بعد «الضربات الاسرائيلية الأخيرة الناجحة» (يقصدون الغارات التي نفذت في سورية واغتيال عماد مغنية، رغم ان اسرائيل لم تتبن تنفيذ هاتين العمليتين، والعمليات الحربية المتصاعدة في قطاع غزة)، وفي الوقت نفسه فإن الحاخام يوسيف لا يثق برئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر ـ حسب النتائج التي دلت عليها جميع استطلاعات الرأي ـ أقوى المرشحين للفوز برئاسة الحكومة الاسرائيلية في حالة اجراء انتخابات عامة مبكرة.

ويحاول أولمرت طلب مساعدة الرئيس الفلسطيني في هذا الصراع، قائلا ان تأجيل قضية القدس سيوقف تهديدات «شاس» ويفسح لهما المجال للتفاوض من دون ضغوط. إلا ان القيادة الفلسطينية تقول ان لديها هي أيضا معارضة ينبغي اخذها بالاعتبار. وحسب مصادر فلسطينية فإن التردد الاسرائيلي يولد احباطا في صفوف القيادة الفلسطينية، خصوصا وانه يترافق مع ممارسات عدوانية على الأرض، في غزة وفي الضفة الغربية، تحرج هذه القيادة أمام شعبها وتقوي الأجنحة التي تطالب بوقف المفاوضات. من جهته قال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات، «ان اجتماع القدس، سيركز على البحث في مختلف جوانب المفاوضات الجارية بين الجانبين بشأن قضايا الوضع النهائي». وأضاف «إن عباس سيناقش مع اولمرت كذلك الأوضاع في قطاع غزة، الذي تفرض عليه إسرائيل حصارا مشددا منذ عدة شهور وسيطالبه برفع هذا الحصار، وإعادة فتح كافة المعابر التي تربطه بالخارج».

وحذر المسؤول الفلسطيني، من ان أي عدوان قد تقوم به إسرائيل على قطاع غزة الذي يعيش أوضاعا صعبة سيقود إلى كارثة محققة في هذه المنطقة. وبيّن عريقات ان الرئيس عباس، سيطالب اولمرت خلال الاجتماع باحترام خطة خريطة الطريق التي أعدتها اللجنة الرباعية الدولية خاصة في مجال وقف كافة المخططات الاستيطانية التي تنفذها في الضفة الغربية المحتلة، ومدينة القدس.

وحول موضوع، إعلان إسرائيل رغبتها في التوصل إلى إعلان مبادئ مع الفلسطينيين في هذه المرحلة وليس اتفاق سلام نهائيا، قال عريقات «إن أي اتفاق يجب ان يقود في النهاية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس». وشدد عريقات، على أن الجانب الفلسطيني ليس مهتما بالتسميات التي تطلقها إسرائيل على ما يجري من مفاوضات بل هو مهتم بالمضمون الذي يعني حل قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والمياه والأسرى والعلاقات المتبادلة على أساس قرارات الشرعية الدولية المختلفة ذات العلاقة لتحقيق السلام.