ثغرات في المهمة الإيطالية لاختطاف أبو عمر المصري من شوارع ميلانو

جدل حول عمل إدارة العمليات الخارجية التابعه لـ«سي آي إيه»

خوسيه رودريجيز
TT

«المهمة الإيطالية» عبارة تستخدم للإشارة إلى الإخفاق الذي لازم أداء فريق تابع لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه) كان مكلفا اختطاف رجل دين مسلم متطرف يعرف باسم ابو عمر المصري، من شوارع مدينة ميلانو عام 2003 ونقله إلى مصر، وهي قضية أسفرت عن توجيه تهم جنائية في ايطاليا بحق 26 اميركيا.

وكان بورتر غوس، الذي شغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية عام 2005 عندما ظهرت التقارير الإخبارية المثيرة للحرج حول تلك العملية، قد طلب من المفتش العام للوكالة الشروع في النظر في الإخفاقات التي حدثت في تلك العملية مثل إقامة عناصر في فريق الوكالة بفنادق خمس نجوم واستخدام هواتف جوالة وبطاقات ائتمان يمكن من خلالها رصد ومتابعة مستخدمها. إلا ان خوسيه رودريجيز، وهو واحد من الشخصيات الرئيسية في الجدل الدائر حول إتلاف أشرطة فيديو للـ«سي آي إيه» تحتوي على جلسات استجواب عناصر في «القاعدة»، ابلغ مدير الوكالة بأن إجراء النظر في عملية ميلان بواسطة المفتش العام للوكالة إجراء غير ضروري، مؤكدا أن فرع العمليات السرية سيجري بنفسه تحقيقا في هذه المسألة. ويبدو ان السرية، التي تعتبر طابعا لعمل إدارة العمليات الخارجية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، هي التي دفعت أيضا رودريجيز في وقت لاحق إلى إرسال برقية إلى محطة الـ«سي آي إيه» في بانكوك موجها بإتلاف أشرطة الفيديو التي تحتوي على تسجيلات لجلسات استجواب لعناصر في تنظيم «القاعدة». ويقول روبرت ريتشارد، الذي عمل نائبا لرودريجيز في فرع العمليات السرية حتى نهاية 2005، انه كان يقول دائما «لن اسمح بتوريط عناصر الوكالة في شيء تلقوا أوامر بتنفيذه». وبعد أن باتت مسألة إتلاف أشرطة الفيديو التي تحتوي على جلسات استجواب عناصر «القاعدة» موضوع تحريات جنائية وأخرى من جانب الكونغرس، يحاول محققون تحديد ما إذا كان رودريجيز، 59 سنة، قد تصرف بمفرده أم استنادا إلى موافقة ضمنية من وكالة الاستخبارات المركزية أو البيت الأبيض. ويقول مسؤولون إنه لدى إطلاع الوكالة على الملف الشخصي لرودريجيز لم تحصل على سجل لأي توبيخ أو عقاب على فعله. إتلاف هذه الأشرطة ليس المرة الأولى التي تتضارب فيها مهام وكالة الاستخبارات المركزية في الخارج مع المفاهيم الاميركية للعدالة والقانون وحقوق الإنسان ابتداء من مخططات الاغتيال خلال عقد الستينات من القرن الماضي إلى فضيحة «إيران ـ كونترا» في الثمانينات، الأمر الذي وضع مسؤولي الاستخبارات في موقف حرج قانونيا بسبب أفعال قالوا إنها قانونية وضرورية. كما ان غوس لم يكن أول مدير للوكالة يكتشف ان عناصر الـ«سي آي إيه» التي تتلقى تدريبا لزعزعة أمن حكومات أجنبية يستخدمون نفس المهارات داخل الوكالة. جدير بالذكر ان رودريجيز التحق بوكالة الاستخبارات المركزية عام 1976 في وقت كانت فيه الوكالة موضوعا لتحقيقات بشأن مخططات اغتيال ومحاولات انقلابية وعمليات تنصت داخلية. تدرج رودريجيز خلال العقدين التاليين في الرتب في القسم الخاص بأميركا الجنوبية وعمل في بيرو وبيليز وترأس محطة الوكالة في بنما وجمهورية الدومينيكان والمكسيك، وترأس في منتصف التسعينات قسم اميركا الجنوبية في الوكالة. وكان ضابط في الوكالة يعمل في جمهورية الدومينيكان قد تقدم بشكوى للمفتش العام للوكالة بسبب تدخل رودريجيز لوقف ضرب معتقل بواسطة حراس سجن في جمهورية الدومينيكان، ورأى المفتش العام للوكالة ان تدخل رودريجيز كان غير مناسب واتخذ قرار بعزله من موقعه كمدير لقسم أميركا الجنوبية في الوكالة وأعيد لإدارة محطة الوكالة في المكسيك. بعد وقت قصير من هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 جرى تعيينه مسؤولا بمركز مكافحة الإرهاب بالمقر الرئيسي للوكالة، الأمر الذي أدى إلى ظهور بعض التذمر بسبب عدم خبرة رودريجيز في العالم الإسلامي. وبعد سبعة شهور صدر قرار بتعيينه مديرا للمركز، ما جعله مسؤولا عن ملاحقة عناصر تنظيم «القاعدة» واستجواب المشتبه في تورطهم في الإرهاب في عدد من السجون السرية التابعة للوكالة.

*خدمة «نيويورك تايمز»