المغرب: الشبكة المفككة أرادت اختراق مؤسسات الدولة.. ولا علاقة لها بـ«حزب الله»

وزير الداخلية: لم نعتقل مراسل «المنار» لأنه يعمل بها

وزير الداخلية المغربي شكيب بن موسى يتحدث في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

بينما نفى شكيب بن موسى، وزير داخلية المغرب، أي ارتباط للشبكة الإرهابية التي فككها الأمن المغربي أخيرا، بـ«حزب الله» اللبناني، أو حركة تشيع تابعة لإيران، فإنه قال إن اعتقال الصحافي عبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله»، تم ليس باعتباره مراسلا لهذه القناة التلفزيونية، بل لمشاركته أو علمه بما كان يحضر من عمليات إرهابية، نظرا لانه ينتمي الى جمعية «الحركة من أجل الامة»، التي يتزعمها محمد المرواني.وأوضح بن موسى، الذي كان يتحدث مساء اول من امس في مؤتمر صحافي، حضره الجنرال حسني بن سليمان، قائد الدرك الملكي، والشرقي ضريس، المدير العام للأمن الوطني، ومحيي الدين امزازي، الوالي مدير الشؤون الداخلية بوزارة الداخلية، أن التحريات الأولية أثبتت وجود محاولات من قبل الشبكة المفككة لتنظيم دورات تدريبية عسكرية في مراكز «حزب الله» في لبنان عام 2002. وكشف وزير الداخلية أن الشبكة، التي يتزعمها عبد القادر بلعيرج، الملقب الياس وعبد الكريم، المهاجر المغربي في بلجيكا، عملت على نسج علاقات مع مجموعات وتنظيمات إرهابية دولية، ضمنها تنظيم «القاعدة»، و«الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية»، و«الجماعة السلفية للدعوة والقتال».

واشار بن موسى الى ان الشبكة كانت لها اتصالات بتنظيم «القاعدة» في افغانستان سنة 2001، و«الجماعة الاسلامية المقاتلة المغربية»، في سنوات 2001 و2003 و2004، ومع «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» سنة 2005، بمعسكرات في الجزائر، اضافة الى محاولات تنظيم دورات تدريبية في مراكز «حزب الله» في لبنان سنة 2002. وكشف الوزير أنه قبل وضع لبنات التنظيم الارهابي سنة 1992، سبق لبلعيرج أن نفذ ستة اغتيالات بين سنتي 1986 و1989 ببلجيكا، مشيرا الى ان الشبكة الارهابية نظمت بين 1992 و2001 عددا من عمليات السطو او حاولت القيام بذلك، كما قامت سنة 1996 بمحاولة اغتيال استهدفت مواطنا مغربيا يعتنق الديانة اليهودية، وخططت لاغتيالات أخرى خلال سنوات 1992 و1996 و2002 و2004 و2005. وذكر بن موسى أن المعلومات المتوفرة بينت أن بلعيرج تشبع منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي بأفكار تيارات راديكالية إسلامية بينها جماعة «الإخوان المسلمون» و«الطلائع الإسلامية»، و«حزب التحرير الإسلامي»، وانخرط سنة 1980 في صفوف الحركة الثورية الإسلامية المغربية، ثم التحق سنة 1982 بـ«حركة المجاهدين في المغرب»، التي تدعو إلى إنشاء مشروع يهدف إلى زعزعة الاستقرار داخل المملكة. واوضح بن موسى ان بلعيرج حضر سنة 1992 الاجتماع التأسيسي للشبكة الإرهابية بمدينتي طنجة والدار البيضاء، والذي وضع المنطلقات الفكرية والتنظيمية لهذه الشبكة. وقال إن بلعيرج كانت له بعد ذلك العديد من الأنشطة، إذ كثف منذ سنة 2000 تنقلاته بين المغرب وبلجيكا، قصد إحداث خلية بالمغرب، وذلك بتنسيق مع عدد من التنظيمات الدولية. وأشار المسؤول المغربي الى أن التحريات التي باشرتها السلطات الأمنية بينت أن بعض أعضاء الشبكة تم استقطابهم من صفوف «حركة الشبيبة الإسلامية المغربية»، مما يبين أن بلعيرج كان يطمح للتوحيد بين أنشطة هذه الحركة، و«حركة المجاهدين في المغرب»، وفق ما ذكره وزير الداخلية. وأفاد بن موسى بأن التحقيقات الأولية مع أعضاء الشبكة مكنت من تأكيد التورط المباشر لعناصر قيادية داخل حزب «البديل الحضاري»، وجمعية «الحركة من أجل الأمة» إذ تم اعتقال كل من المصطفى المعتصم، الأمين العام للبديل الحضاري، ومحمد أمين الركالة، الناطق الرسمي باسم الحزب، ومحمد المرواني، وعبد الحفيظ السريتي، من «الحركة من أجل الأمة»، كما تم اعتقال العبادلة ماء العينين، عضو حزب العدالة والتنمية، وحميد نجيبي عضو الحزب الاشتراكي الموحد (يساري معارض). واضاف بن موسى أن بعض هؤلاء الأشخاص شاركوا مع بلعيرج في الاجتماع التأسيسي للشبكة في مدينتي طنجة والدار البيضاء سنة 1992، وهو الاجتماع الذي انتخب خلاله محمد المرواني، أميرا للشبكة.

وأبرز وزير داخلية المغرب أن الشبكة وضعت مخططا يرتكز على استقطاب أعضاء جدد من بين المنتمين القدامى لحركة الشبيبة الإسلامية المغربية، وحركة المجاهدين في المغرب، وكذا استقطاب اتباع «الفكر السلفي الجهادي» على المدى البعيد. وأضاف أن الشبكة اتخذت في هيكلتها أو عملها وجهتين: الأولى سياسية مفتوحة، أسفرت عن إحداث جمعيتين هما «البديل الحضاري» سنة 1995، و«الحركة من أجل الأمة» سنة 1998، وتأسيس حزب «البديل الحضاري» سنة 2005، والثانية، سرية تعتمد العمل المسلح حيث قامت الشبكة منذ 1992 بتأسيس أولى خلايا جناحها العسكري بالدار البيضاء تحت اسم «مجموعة العمل الخاص» فيما أسست خلية مماثلة بالقنيطرة سنة 2001.

وقال وزير الداخلية إن الشبكة التي أعلن عن تفكيكها الاثنين، اعتمدت مخططا طويل الأمد لاختراق مؤسسات الدولة والأحزاب والمجتمع المدني. وردا على سؤال لـ«الشرق الاوسط» حول ما اذا كان «الحزب الاشتراكي الموحد» مخترقا من قبل الشبكة، وذلك في سياق ما قاله بشأن مخطط الاختراق، لا سيما، أن الحزب سبق له ان احتضن المؤتمر التأسيسي لحزب الأمة، غير المعترف به، في مقره المركزي، اضافة الى وجود احد نشطاء الحزب ضمن قائمة اعضاء الشبكة المعتقلين، اكتفى بن موسى بالقول ان الامر يتعلق بأفراد. وقال بن موسى إنه يجب توخي الحذر في هذا الإطار «حتى لا نسقط في فخ آخر»، مضيفا أن التحريات الجارية «ستمكن من فهم أوسع وأدق للمعطيات المتوفرة بهذا الشأن». وقال بن موسى في معرض جوابه على سؤال آخر لـ«الشرق الأوسط» ان التحقيقات الأولية لم تثبت بعد ما إذا كانت الشبكة المفككة على علاقة بتفجيرات الدار البيضاء ليوم 16 مايو (ايار) 2003، أو خططت لها، بيد أنه لم يستبعد وجود رابط آيديولوجي بين الشبكة، ومنفذي تفجيرات عام 2003، مشيرا الى أن التحريات ستتواصل لمعرفة الحقيقة كاملة. وبشأن التأخر في تفكيك الشبكة، أكد بن موسى أن المصالح الأمنية كانت تبحث عن أدلة مقنعة وملموسة، وحجج ثابتة تظهر تورط المعروفين من المعتقلين، مشيراً الى أن ترخيص وزارته لتأسيس حزب «البديل الحضاري»، وفق قانون الاحزاب، من أجل المشاركة في انتخابات 2007، تم بحسن نية، وجرى في ظروف خاصة، وانه حينما توفرت الادلة الملموسة التي تؤكد تورط مسؤولي الحزب، تم حله وفقا لقانون الأحزاب السياسية. وفي ما يتعلق بحل حزب «البديل الحضاري»، أكد بن موسى أن ذلك يدخل في إطار «تحمل الدولة لمسؤوليتها في الحفاظ على أمن البلاد»، على اعتبار أن السياق الذي خلق فيه الحزب كان مبنيا على «الخداع»، كما أن المسؤولين الأولين عن هذا التنظيم، يقول وزير الداخلية، «متورطون في بعض العمليات الخطيرة جدا». بيد أنه أوضح أن حل هذا الحزب لا يعني أن كل أعضائه متورطون في الشبكة المفككة، وقال إن هؤلاء الأعضاء لهم الحق في «اللجوء إلى القضاء لمراجعة هذا القرار»، مبرزا أن القضاء وحده مخول للبت في هذه القضية.

وعلى صعيد ذي صلة، أعلنت المتحدثة باسم النيابة العامة الفدرالية البلجيكية، لييف بلينس، اول من امس، أنه تم فتح ملف قضائي ببلجيكا، على إثر تفكيك شبكة «بلعيرج» الإرهابية في المغرب. وأوردت وكالة الأنباء البلجيكية (بلغا)، على لسان بلينس، قولها إن السلطات القضائية البلجيكية تلقت صباح الثلاثاء من السلطات المغربية معلومات حول اعتقال مقيمين مغاربة منهم زعيم الشبكة المفترض، مشيرة إلى أن تبادل المعلومات يتم حاليا على مستوى الشرطة. وأوضحت المتحدثة أنه لم يتم حتى الآن تعيين أي قاضي تحقيق ببلجيكا في إطار هذا الملف، مضيفة أن المقيمين المغاربة الذين تم اعتقالهم لم يكونوا موضوع أي بحث في بلجيكا.

وبخصوص المعلومات حول تنفيذ بلعيرج لستة اغتيالات ما بين سنتي 1986 و1989 ببلجيكا، والتي لم يتم الكشف عن منفذيها آنذاك، أكدت أن السلطات القضائية البلجيكية لم تنظر حتى الآن في تقديم أي طلب للتسليم في هذا الشأن، مضيفة أن الاتصالات سارية بشكل جد جيد بين البلدين، وأن التحريات جارية حاليا بالمغرب. من جهة أخرى، نقلت وكالة (بلغا) عن المتحدث باسم وزارة الخارجية البلجيكية، مارك مشيلسن، قوله إن الوزارة أكدت علمها بهوية الشخص الرئيسي في هذا الملف، وأنه أيضا يحمل الجنسية البلجيكية.