مئات الآلاف من الصرب هتفوا «كوسوفو صربية» .. وموسكو تحذر من «فتح قمقم» الانفصال

إيطاليا تنضم إلى قائمة الدول التي اعترفت باستقلال كوسوفو

TT

نظم مئات الآلاف من الصرب أمس في بلغراد، أكبر مظاهرة في تاريخ البلاد زاد عدد المشاركين فيها عن المليون، وفق تقديرات غير رسمية. وبدت الجموع القادمة من مختلف أنحاء صربيا وكوسوفو والبوسنة والجبل الأسود، كموجة تسونامي اجتاحت بلغراد. وقد ردد الجميع هتافات «كوسوفو صربية» قبل أن يتوجه البعض إلى الكنيسة لحضور قداس أقيم بهذه المناسبة. في حين تواصلت الاعترافات الدولية باستقلال كوسوفو، اذ اعترفت كل من ايطاليا وسلوفينيا والنمسا وأستونيا ودول أخرى أمس باستقلال كوسوفو، ليصل عدد الدول التي اعترفت باستقلال الاقليم الى نحو 15 دولة. وقد اضرم محتجون النيران في السفارة الاميركية في بلغراد بعد اقتحامها احتجاجا على تأييد الولايات المتحدة لاستقلال كوسوفو.

والسفارة مغلقة. ولا تقوم الشرطة بحماية المبنى. ونزعت الابواب واضرمت فيها النيران ودفعوها عبر النوافذ. وتصاعد الدخان الاسود من المبنى.

وقد وصف نائب وزير خارجية روسيا عملية الاعتراف باستقلال كوسوفو، بأنها فتحت القمقم، بينما أشار وزير خارجية صربيا إلى أن مستقبل انضمام بلاده للاتحاد الاوروبي، أصبح مهددا بسبب اعتراف أهم الدول الأعضاء باستقلال كوسوفو. من جهة أخرى، جدد رئيس وزراء صربيا فويسلاف كوشتونيتسا، أثناء الكلمة التي ألقاها في المتظاهرين من أمام مبنى البرلمان، رفض بلغراد الاعتراف باستقلال كوسوفو، قائلا «لن يتم الاعتراف باستقلال كوسوفو ما دمت رئيسا للوزراء»، كما جدد اتهامه لواشنطن وحلف شمال الأطلسي بدعم استقلال كوسوفو لـ«خدمة مصالحها ولإقامة قاعدة عسكرية في كوسوفو». ودعا كوشتونيتسا إلى استمرار المظاهرات «ليعلم العالم أن صربيا لن تفرط بسهولة في كوسوفو». وقد غاب عن المظاهرة الرئيس بوريس طاديتش الذي غادر البلاد إلى رومانيا في زيارة خاصة. وكان طاديتش قد أعلن رفضه تنظيم المظاهرة ودعوة الاحزاب إليها باعتبار «كوسوفو قضية قومية وليست حزبية» ومن بين الذين تحدثوا في المظاهرة المخرج أمير كوستاريتسا، الذي تحول للارثذوكسية قبل بضع سنوات، والممثل ايفان جيغون ولاعب التنس الصربي نوفاك دجوكوفيتش.

ووصف السكرتيرالعام لـ«الحزب الراديكالي الصربي» المظاهرة بأنها «الأكبر في تاريخ صربيا». ورغم دعوة رئيس الوزراء فويسلاف كوشتونيتسا للمتظاهرين، بعدم التعرض للممتلكات العامة باعتبارها «ثروة صربية» إلا أن البعض ظن أن دعوته كانت لمعركة شوارع، فلم يتورعوا عن قذف واجهات المحلات الزجاجية بالحجارة.

إلى ذلك أعلنت ايطاليا والنرويج واستونيا والنمسا أمس، اعترافها باستقلال كوسوفو. وجاء الاعتراف الايطالي بعد اجتماع الحكومة برئاسة رئيس الوزراء رومانو برودي. وأعلن وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما، اعتراف بلاده باستقلال كوسوفو. كما أعلن وزير خارجية استونيا اورماس بيت، اعتراف بلاده بالاستقلال، ودعا إلى جعل استونيا ضمن الدول التي ستنضم مستقبلا للاتحاد الاوروبي مع دول البلقان. ولحقت أمس أيضا كل من السنغال والنمسا بقائمة الدول التي اعترفت باستقلال الدولة الجديدة في البلقان. وأعلنت بولندا أنها تستعد للاعتراف باستقلال كوسوفو. إلى ذلك أعرب وزير خارجية صربيا فوك يريميتش أمس، عن قلقه من مستقبل بلاده في الاتحاد الاوروبي. وقال «مستقبل بلادنا في الاتحاد الاوروبي أصبح مهددا بسبب اعتراف عدد من الدول الأعضاء باستقلال كوسوفو». وتابع في كلمته أمام مجلس أوروبا «نحن مع السلام، نحن مع المفاوضات، نحن مع الوحدة، نحن أوروبيون، وكوسوفو ستبقى دائما جزءا من صربيا». أما مفوض شؤون توسيع الاتحاد الأوروبي ووزير خارجية سلوفينيا ديميتري روبل، فقد أعلنا بوضوح أن «على صربيا طي صفحة كوسوفو إلى الأبد».

وفي أول رد له على قرار صربيا سحب سفرائها من الدول التي تعترف باستقلال كوسوفو، قال رئيس البرلمان الاوروبي هانز غارت «معنى ذلك أن صربيا تعاقب نفسها»، وتابع «في حوار مع صحيفة «برافو» التشيكية أمس، ان «سحب السفراء لا يخدم المصالح الصربية ولا مساعي ضمها للاتحاد الاوروبي». في غضون ذلك أعلن وزير الاقتصاد الصربي ملادن دينكيتش عن عزم حكومته تقديم مساعدات اقتصادية لصرب كوسوفو ووضع برنامج مساعدات، منه 30 ألف يورو لأدوية يستخدمها بعض صرب كوسوفو. على صعيد آخر أكد المبعوث الدولي إلى البوسنة ميروسلاف لاييتشاك، أمس أن «استقلال كوسوفو قضية خاصة لا علاقة لها بالبوسنة». وتابع في حوار مع صحيفة «غلاس صربسكي» الصربية «هما قضيتان مختلفتان وبمرجعيات مختلفة». وكان رئيس وزراء صرب البوسنة قد لمح إلى امكانية اجراء استفتاء على الاستقلال، وهو ما يعد مخالفة صريحة لاتفاقية دايتون، التي تنص على عدم قانونية اجراء استفتاء إلا بموافقة جميع الاطراف وعلى مستوى الدولة. وأكد لايتشاك أن «البوسنة لا يمكن أن تكون رهينة كوسوفو، ولا أتوقع حدوث ما يخالف ذلك، وأنا أنتظر من الشرطة أن تحافظ على الامن ومن السياسيين التأكيد على أهمية الأمن والاستقرار والدعوة إلى ذلك». وفي موسكو أعلن النائب الاول لوزير الخارجية الروسي أندريه دينيسوف لصحيفة «فريماي نوفوستي» الروسية أمس، أن «استقلال كوسوفو فتح القمقم»، لكنه لم يجب بوضوح عما إذا كانت روسيا ستعترف باستقلال ابخازيا ردا على اعتراف الغرب باستقلال كوسوفو. وميدانيا، هاجمت مجموعة من قدامى احتياطيي الجيش الصربي، شرطة كوسوفو عند الحدود بين كوسوفو وصربيا بالحجارة والاطارات المشتعلة.

ووقع الهجوم عند المركز الحدودي في ميرداري (جنوب صربيا) حيث شوهدت اعمدة دخان كثيف تتصاعد بعدما اضرم المهاجمون النار في اطارات شاحنات كبيرة كذلك، قالت الشرطة الكوسوفية انه تم القاء حجارة ليل الاربعاء الخميس على محكمة تابعة للأمم المتحدة في المنطقة الصربية، شمال مدينة كوسوفسكا ميتروفيتسا المقسمة عرقيا في شمال كوسوفو. واضاف بيان للشرطة «كسر زجاج المبنى بالحجارة ليلا».

الى ذلك، عزز جنود تشيكيون من قوة حفظ السلام التي يقودها حلف شمال الاطلسي وحدات شرطة كوسوفو عند معبر حدودي مع صربيا امس. واستعد جنود يرتدون زي مكافحة الشغب تدعمهم ناقلات جند مدرعة لإغلاق معبر البوابة 3 لمنع تكرار ما حدث يوم الثلاثاء عندما تم تدمير موقعين حدودين في كوسوفو على أيدي صرب كانوا يحتجون على اعلان كوسوفو الاستقلال.

وقد دعا البابا بنديكتوس السادس عشر، خلال لقائه سفير صربيا الجديد لدى الفاتيكان امس الى «الاحترام المتبادل والمصالحة». وقال البابا خلال تسلمه اوراق اعتماد السفير الصربي الجديد فلاديتا يانكوفيتش «بخصوص الأزمة الراهنة في كوسوفو، أدعو جميع الاطراف الى التصرف بحذر واعتدال، والى البحث عن حلول تعزز الاحترام المتبادل والمصالحة».

وأضاف الحبر الأعظم «اعرف كم عانى الشعب الصربي خلال النزاعات الأخيرة، واعرب له عن كامل اهتمامي وكذلك لدول البلقان الاخرى التي تأثرت بأحداث القرن الماضي الأليمة».

وأضاف أن «الكرسي الرسولي يشارككم رغبتكم في أن يحمل السلام الاستقرار الى المنطقة».