إيران ترفض مسبقا أي عقوبات من مجلس الأمن.. وفرنسا تدعو إلى الحوار معها

واشنطن تعتبر تقرير الوكالة «أدلة دامغة» لفرض سلة ثالثة من العقوبات على طهران

المخرج الإيراني ماجد مجيدي مع مخرجين من بريطانيا والصين خلال مؤتمر صحافي في بكين حول الاستعدادات الصينية للأولمبياد أمس (أ.ف.ب)
TT

رفضت إيران مسبقا أي قرار جديد يفرض بموجبه مجلس الأمن الدولي عقوبات جديدة عليها، بسبب عدم تعليقها الانشطة النووية الحساسة، وذلك غداة تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية انتقد نقص التعاون الإيراني. ويأتي ذلك فيما توقعت مصادر غربية ان يتم فرض عقوبات جديدة على إيران، بدءا من يوم الجمعة المقبل، بعد مناقشات مجلس الأمن غدا في نيويورك، التي تبحث في نوع العقوبات الجديدة الواجب فرضها. وقال جواد وعيدي مساعد المسؤول عن الملف النووي الإيراني، في تصريح اوردته وكالة الانباء الطلابية الإيرانية: «في حال اراد مجلس الأمن اعتماد قرار جديد (ضد إيران)، فهذا القرار سيكون من دون اساس قانوني او شرعي». من جهته اعتبر المتحدث باسم الحكومة غلام حسين الهام، انه «ليس هناك اي مبرر شرعي لبقاء ملف إيران النووي في مجلس الأمن الدولي». واضاف كما نقلت عنه وكالة الانباء الإيرانية الرسمية، «يجب إعادة الملف الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية». ومنذ نشر تقرير الوكالة الذرية اول من امس، تعلن إيران «انتصارها»، ذلك ان قراءتها للتقرير جاءت ايجابية تماما. واتهم وعيدي ايضا «الولايات المتحدة والدول الغربية بالاستخفاف بتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وقال «في القسم الأخير من التقرير، يتبين انه تمت تسوية كل المسائل العالقة وانه لم يبق منها شيء». من ناحيتها اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يشكل «ادلة دامغة»، من اجل فرض سلة ثالثة من العقوبات على طهران. وقالت رايس «ان إيران تواصل التخصيب (اليورانيوم). وهي بالواقع تعمل على تطوير نشاطاتها في مجال التخصيب». واضافت ان إيران «لم ترد على الاسئلة المتعلقة بنشاطاتها الماضية في برامج سرية اكدت انها غير موجودة». واعتبرت «انها ادلة دامغة للتوجه نحو صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي».

كما اعتبر دبلوماسيون اميركيون ان تقرير الوكالة الذرية يوفر الادلة لاصدار عقوبات جديدة في الامم المتحدة ضد إيران، اعتبارا من الجمعة المقبل ان كان ذلك ممكنا. واعلن سفير الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة زلماي خليلزاد ان «النشاطات النووية الإيرانية التي اوردها التقرير، لم تحمل لنا الاطمئنان حيال الطابع السلمي لنواياهم (الإيرانيون)». ورأى ان تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قدم لنا ادلة مهمة جدا للسير في اتجاه تبني هذا القرار، مضيفا ان بعض جوانب انشطتهم النووية الماضية «مقلقة للغاية». واشار خليلزاد الى ان الدول الست المعنية بالملف الإيراني (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا) ستجتمع الاسبوع المقبل قبل ان تجمع وجهات نظر اربع دول في مجلس الأمن الدولي عبرت عن تحفظات ازاء صحة فرض عقوبات جديدة على طهران. وهذه الدول الاربع هي، جنوب افريقيا واندونيسيا وليبيا وفيتنام. واضاف ان مجلس الأمن الدولي سيجري مشاورات حول مشروع القرار الاربعاء وينظم جلسة تصويت ليوم الجمعة. وكان سفيرا بريطانيا وفرنسا قد قدما رسميا الى مجلس الأمن الدولي نسخة معدلة من مشروع قرار يتضمن عقوبات جديدة على إيران لاقراره في اسرع وقت ممكن. ويتضمن مشروع القرار هذا دفعة جديدة من العقوبات الاقتصادية والتجارية، تلحظ خصوصا فرض حظر على سفر المسؤولين المعنيين بالبرنامج النووي الإيراني. كما يدعو مشروع القرار كل الدول الى تفتيش البواخر وطائرات الشحن «المتجهة الى إيران او الآتية منها.. والتي يمكن ان تنقل سلعا ممنوعة بموجب هذا القرار». كما يدعو الدول الى مراقبة التبادلات التي يمكن ان تحصل بين المؤسسات المالية المتمركزة على اراضيها واي مصرف إيراني، لاسيما مصرفي «ملي» و«صادرات». ولكن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية اعتبر مسبقا اي قرار قد يصدر بهذا الشأن عن مجلس الأمن غير شرعي. واضاف «العقوبات غير شرعية»، مؤكدا انها «لن تؤثر على عزيمة الشعب الإيراني».

وفي باريس، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية بعد نشر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الملف النووي الإيراني، ان «فرنسا تفضل الحوار والتفاوض لتسوية المشكلة النووية الإيرانية». وفي بيان، قالت الوزارة انه «على ضوء التقرير لا تزال هناك شكوك كبيرة حول امكانية قيام إيران بانشطة عسكرية». واضاف البيان «من الضروري ان تلتزم إيران بكافة مطالب الاسرة الدولية الصادرة عن مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الأمن الدولي، وان تعيد الثقة بان برنامجها النووي لاغراض سلمية بحتة». وترغب فرنسا في ان تعلق إيران الانشطة المتعلقة بالتخصيب والمياه الثقيلة والمعالجة، كما طالب مجلس حكام الوكالة الذرية ومجلس الأمن. وتابع البيان «اننا نفضل الحوار والتفاوض لتسوية المشكلة النووية الإيرانية. وبالتالي فاننا ندعو مجددا إيران الى احترام التزاماتها الدولية والسماح من خلال تعليق انشطتها الحساسة، ببدء مفاوضات وهذا ما نتمناه». وأكدت باريس ان تقرير الوكالة يدل على ان إيران قدمت تحت ضغوط الاسرة الدولية عناصر جديدة للرد على اسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

واضاف البيان «لكن شكوكا كبيرة ما زالت قائمة، خصوصا حول الانشطة التي قد يكون لها ابعاد نووية عسكرية تصفها الوكالة بانها موضع قلق عميق». وقالت باريس انه بحسب الوكالة فان بعض الانشطة قد تكون للابحاث وتطوير اسلحة نووية، مضيفة ان التقرير يدل على ان الوكالة «عاجزة عن تحديد طبيعة البرنامج النووي الإيراني». وبالنسبة الى الخارجية الفرنسية، فان هذا التقرير يطرح تساؤلات جديدة حول الانشطة الإيرانية، خصوصا حول تسريع برنامج تخصيب اليورانيوم، الذي تقول طهران انه لأغراض مدنية، في حين يشتبه الغربيون في انه لاغراض عسكرية.

ومن ناحيتها، اعلنت اسرائيل تأييدها فرض عقوبات جديدة على طهران. وقال المتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية آفي بازنر لوكالة فرانس برس، ان «اقرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها لم تتمكن من تحديد الطبيعة الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني أمر شديد الخطورة». واضاف «هذا يظهر ان إيران تتمكن من إخفاء نواياها الحقيقية، حتى بعد خمس سنوات من التحقيق، حول طبيعة برنامجها النووي. وهذا لا يؤدي الا الى تعزيز الشكوك التي تساورنا حول النوايا الحقيقية لإيران، الا وهي تطوير سلاح نووي». واوضح ان «اسرائيل تؤيد بالتأكيد فرض سلسلة جديدة من العقوبات على إيران».

وجاء في التقرير الجديد للوكالة الذرية ان إيران قدمت معلومات جديدة حول برنامجها النووي لكن «هذه المعلومات قدمت بطريقة منقوصة وليست كاملة ومتماسكة». وهذا التقرير الذي سيناقشه مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتبارا من الثالث من مارس (اذار)، ينتقد نقص التعاون الإيراني، فضلا عن استمرار طهران في تطوير نماذج جديدة لاجهزة الطرد المركزي مخصصة لتخصيب اليورانيوم. من ناحيته اعتبر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ان تقدما سجل في شأن المعلومات التي تم الحصول عليها ولكن ذلك يبقى غير كاف. مطالبا في الوقت عينه إيران بتطبيق البروتوكول الاضافي لمعاهدة الحد من الانتشار النووي. ويسمح هذا البروتوكول بالقيام بزيارات معمقة اكثر ومباغتة في غالب الاحيان لمنشآت نووية، من قبل خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وستجتمع الدول الست الكبرى، وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، بريطانيا وفرنسا) بالاضافة الى المانيا، غدا في واشنطن لاجراء مباحثات حول قرار دولي ثالث ينص على عقوبات جديدة ضد طهران، بهدف ارغامها على التخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم، كما اوضح المسؤول الثالث في الخارجية الاميركية نيكولاس بيرنز.