واشنطن: الناتو ملزم بالدفاع عن كوسوفو في حال تعرضت لأي اعتداء

روسيا تصعد لهجتها تضامنا مع صربيا وتشبه استقلال كوسوفو بـ«تلقيم البندقية لا أحد يعلم متى تنطلق»

متظاهرون في روسيا مؤيدون للصرب يحتجون على اعلان استقلال كوسوفو، أمام مبنى وزارة الخارجية الروسية في موسكو أمس (رويترز)
TT

تلقت صربيا التي تواجه ضغوطا من واشنطن وبروكسل لاحتواء اعمال العنف التي اندلعت فيها عقب اعلان استقلال كوسوفو، مساعدة حليفتها الكبرى روسيا التي تتهم الدول الغربية بتعريض العلاقات الدولية للخطر بدعمها قيام دولة كوسوفو.

واعتبر مسؤول مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان الاعتراف باستقلال كوسوفو يشبه «تلقيم بندقية» و«ما من احد يعلم اين او متى ستنطلق الرصاصة». واضاف اناتولي سافونوف المبعوث الخاص للرئيس بوتين لشؤون التعاون الدولي ومكافحة الارهاب والجريمة المنظمة، انه اصبح اليوم بمقدور «الارهابيين الجهاديين الاسلاميين المتمركزين في كوسوفو العمل في وضح النهار». ولم يتوان بوتين نفسه الذي يدعم بشدة بلغراد في رفضها استقلال كوسوفو، عن الذهاب قبل يومين الى حد القول ان استقلال كوسوفو يشكل «سابقة رهيبة سترتد» على الدول الغربية وستكون له «تداعيات لا يمكن توقعها»، في وقت اكدت واشنطن ان الناتو سيدافع عن كوسوفو في حال تعرضت لأي اعتداء.

وكان بوتين قد قال ان استقلال كوسوفو يشكل «سابقة رهيبة سترتد» على الدول الغربية وأنه «ينسف نظام العلاقات الدولية برمته القائم ليس منذ عشرات السنين فحسب، بل منذ مئات السنين». وبالحديث عن الدول التي اعترفت باستقلال كوسوفو اعتبر الرئيس الروسي ان الوضع ستكون له «تداعيات لا يمكن توقعها». واضاف: «انهم لا يفكرون بعواقب ما فعلوه. في النهاية، انه كسيف ذي حدين، ويوما ما سيرتد احد هذين الحدين عليهم».

وتظاهر الشيوعيون في روسيا أمس تضامنا مع الصرب اعتراضا على استقلال كوسوفو، وتجمع نحو الف روسي في وسط موسكو تلبية لدعوة الحزب الشيوعي. ورفع المتظاهرون الاعلام الحمراء وصورا لستالين ويافطات كتب عليها «لتقف روسيا في وجه الحلف الاطلسي» و«كوسوفو ارض صربية». وقال زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف المرشح للانتخابات الرئاسية في الثاني من مارس (اذار)، ان «الولايات المتحدة والحلف الاطلسي اختارا طريق المانيا الفاشية. شنا حربا على العراق ودمرا صربيا وانتزعا كوسوفو من شعبنا الشقيق والحليف الاكثر ضمانا لروسيا خلال الحرب العالمية الثانية». واضاف: «يكتفي زعماؤنا بالادلاء بتصريحات ولم يتجرأوا حتى على الاعتراف بابخازيا واوسيتيا الجنوبية (المناطق الانفصالية الموالية لروسيا في جورجيا ومولدافيا)». الى ذلك، دعت الولايات المتحدة إلى تمكين كوسوفو من العضوية في الامم المتحدة واكدت ان حلف شمالي الاطلسي سيكون ملزما بالدفاع عن كوسوفو في حال تعرضها لأي اعتداء. وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الاوروبية نيكولاس بيرنز أمس، إن ذلك قد يحتاج إلى بعض الوقت «لأن بعض الدول قد تعرقل ذلك داخل أروقة الامم المتحدة وأمام الجمعية العامة»، في إشارة إلى موسكو وبعض الدول الأخرى. وأضاف في دردشة مع قراء موقع البيت الأبيض على الانترنت: «في النهاية ستصبح كوسوفو عضوا في الامم المتحدة». وعما إذا كان بالامكان قبول كوسوفو في حلف شمال الأطلسي إذ كان انضمامها للامم المتحدة سيتأخر، أكد بيرنز على أن «كوسوفو شريكا لحلف شمال الأطلسي، وإذا رغبت في الانضمام للحلف فسيكون ذلك ممكنا بعد تحقيق معايير الانضمام». وأضاف: «جميعنا مطالب بالدفاع عن الأمن والاستقرار في منطقة البلقان وسيكون الحلف ملزما بالدفاع عن كوسوفو في حال تعرضت لأي اعتداء وفقا لميثاق الحلف». وعن مستقبل العلاقات الاميركية الصربية، ذكر المسؤول الأميركي أن «صربيا أخطأت عندما سحبت سفيرها من واشنطن». وقال: «نحن نريد المحافظة على الصداقة مع صربيا، ونحترم الشعب الصربي ولكن على صربيا أن تعلن التزامها بالعيش في سلام مع كوسوفو». وفي البوسنة، قال السفير البريطاني ماتي ريكروفت أمس، إن «استقلال كوسوفو هو الحدث الأهم في العالم في هذه الحقبة من التاريخ»، وأضاف: «معالجة هذه المسألة بدأت منذ سنة 1990 عندما بدأت عملية بناء الاستقرار في البلقان، ونحن نشعر بمدى صعوبة قبول صربيا لاستقلال كوسوفو، ولكننا نعتقد بأن ذلك من مصلحة المنطقة».

وأشار إلى المحادثات المتعثرة التي تمت بين بلغراد وبريشتينا وقال «كان من غير اللائق أن لا تفضي تلك المحادثات إلى لاشيء بعد كل ذلك الوقت الذي استغرقته، وعلى صربيا الآن النظر إلى الأمام وليس إلى الوراء».

واستبعد أن يكون لاستقلال كوسوفو انعكاسات سلبية على الأمن والاستقرار في البوسنة، ولكنه أعرب عن قلقه من موقف برلمان صرب البوسنة وقال: «كنت قلقا بشدة من اعلان برلمان صرب البوسنة بحث تنظيم استفتاء على الانفصال عن البوسنة. هذا خرق فاضح لاتفاقية دايتون وبالتأكيد غير مقبول، وليس من حق صرب البوسنة تنظيم استفتاء على الاستقلال وفق اتفاقية السلام الموقعة في سنة 1995». من جهة أخرى، رأى نائب المبعوث الدولي إلى البوسنة رافي غاريغوريان في حديث لصحيفة نيزافيسني الصربية الصادرة في بنيالوكا ان «اعلان صرب البوسنة بحث تنظيم استفتاء على الاستقلال مبعث قلق شديد». واشار الى ان «هذا التهديد يطرح سؤالا مهما حول ما إذا سيظل هناك كيان خاص بالصرب داخل البوسنة والهرسك»، في تهديد واضح لالغاء الحكم الذاتي الذي يهيمن عليه الصرب ويشارك فيه البوشناق والكروات. وحول الفرق بين اتفاقية دايتون وقرار مجلس الامن 1244 المتعلق بكوسوفو والذي يؤكد انها جزء من الاراضي الصربية، قال غاريغوريان إن «قرار مجلس الامن 1244 كان بداية للنتائج التي نراها على الميدان، أما اتفاقية دايتون فكانت نهائية مع فتح الباب لتطويرها عبر المفاوضات بين مختلف الأطياف السياسية داخل البوسنة وبمساعدة المجتمع الدولي». واعتبر اعلان برلمان صرب لبوسنة «عودة للحرب ولما جرى في التسعينات من جرائم حرب ومآس». الى ذلك، وبعد التظاهرات الصربية على سفارات البلدان الاجنبية، أعلنت سلوفينيا عن إغلاق سفارتها في بلغراد بعد الاعتداءات التي تعرضت له. وكانت لوبليانا قد طلبت من بلغراد تقديم اعتذار ودفع التعويضات عن الخسائر التي لحقت بسفاراتها والتي تقدر بـ 40 ألف يورو.