«هدوء سياسي حذر» يلف لبنان ومساع لإبعاد التوتر عن الشارع

بعد فشل موسى في التوصل إلى حل للأزمة القائمة

رئيس الحكومة اللبنانية، فؤاد السنيورة، لدى استقباله أمس السفير الروسي، سيرغي بوكين، في مكتبه في السراي الحكومي في بيروت (دالاتي و نهرا)
TT

سادت الساحة السياسية اللبنانية اجواء من «الهدوء الحذر» بعد مغادرة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بيروت مساء اول من امس من دون تحقيق نتائج ايجابية في ما يتعلق بالازمة القائمة. وتحولت المساعي التي كانت تهدف للوصول الى توافق حول الانتخابات الرئاسية الى محاولة لضبط الوضع القائم وعدم انتقال التوتر الى الشارع.

واشار المسؤول عن العلاقات السياسية في «التيار الوطني الحر» (حزب العماد ميشال عون)، جبران باسيل، الى ان الجهود منصبة حالياً على احتواء الازمة» فلا تصدر الحكومة قرارات استفزازية ولا تهدد المعارضة بالشارع، وعلى عدم نقل الصراع السياسي الى صراع امني». ورأى ان «لا صيغة حل يمكن الوصول اليها راهناً انما يجب الابتعاد عن التوتير او النزول الى الشارع». وقال: «اكثر من 8 ساعات من الجلسات حصلت فيها امور كثيرة وانتهى اللقاء بأن قال العماد (النائب ميشال) عون: نحن جئنا نطالب بحقنا بالمشاركة في هذا البلد بحجمنا. وأقل ما يمكن هو الاعتراف لبعضنا البعض بأننا شركاء في وطن واحد... واذا كانوا (الاكثرية) غير قادرين او يعتبرون ان الظروف لا تسمح لهم بأن يعطونا هذا الحق ويردوه الى اصحابه، فنحن لا نريد اخذه منهم لا بالقوة ولا بالقهر».

هذا، وأعرب السفير الروسي في بيروت سيرغي بوكين عن اعتقاده بأن «المبادرة العربية لم تنته». وقال عقب لقائه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة امس: «نحن في روسيا نؤيد كل التأييد هذه المبادرة. ونحن مع الجامعة العربية ومع جهود أمينها العام عمرو موسى في ما يتعلق بالوساطة بين الأفرقاء اللبنانيين. كما نؤيد انتخاب رئيس الجمهورية والمرشح التوافقي العماد ميشال سليمان، وانتخابه في اقرب وقت ممكن على أساس التوافق الوطني اللبناني. لذلك فإن الحوار اللبناني ـ اللبناني يجب ان يستمر من اجل حل كل القضايا المتنازع عليها. والحياة لم تنته، وستستمر. وأهم شيء هو إبداء المرونة من جميع الأفرقاء اللبنانيين. وأعتقد ان جامعة الدول العربية بمساعدتها للبنان ستنجح في إنقاذ هذا البلد الصديق لروسيا». وشجع كل الأفرقاء اللبنانيين على «اعتماد اكبر قدر ممكن من اليقظة والحذر في تصرفاتهم وتصريحاتهم اليومية» متمنياً ان «لا تتدهور الاوضاع الامنية في البلد».

والتقى السنيورة النائب وائل ابو فاعور يرافقه منسق قوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد. ورأى ابو فاعور «ان الجولة الأخيرة في مساعي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لم تفشل، لكنها أُفشلت بقرار سوري ـ إيراني تولى تنفيذه بعض الأطراف في لبنان عبر الشروط التعجيزية والابتزاز الذي حصل». وقال: «يريدون رئيسا مكبلا ووزراء أصناما لا يصوتون ولا يشاركون في صنع القرار. يريدون إسقاط المحكمة الدولية ووضع شروط سياسية على الحكم المقبل في لبنان تؤدي حكما الى إعادة إمساك النظام السوري والتحالف السوري ـ الإيراني بقرار البلاد ومقدراتها. وقد تجلى هذا الأمر واضحا في كل الصيغ التي طرحت من قبل قوى 8 آذار. وهو ما لمسته جامعة الدول العربية عبر وفدها الى لبنان».

ورأى الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي ان «المبادرة العربية هي اساس الحل». وقال: «المطلوب منا كلبنانيين ان نبادر بأنفسنا ونعيد الثقة المفقودة بين بعضنا البعض، وننطلق من احكام الدستور لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة».

وأعلن «اللقاء الوطني» الذي يضم القيادات السنية في المعارضة عقب اجتماع عقده امس في منزل الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي انه يتطلع الى «استمرار المبادرة العربية كسبيل جدي للتوصل الى الحل في اقرب وقت ممكن». واعتبر «ان عقد القمة العربية ضرورة لمعالجة كل قضايا الامة وازماتها من فلسطين الى العراق الى لبنان». وناشد اللبنانيين «مواكبة المرحلة بما يقيهم شر الانزلاق الى فتنة او صدام مخطط له من اعداء لبنان».

واعرب الرئيس كرامي في تصريح ادلى به عقب الاجتماع عن ايمانه بأن «الاخوان العرب لن يتخلوا عن لبنان وانهم قادرون على التأثير في كثير من الجهات اللبنانية من اجل التوصل الى حل عادل يؤمن المشاركة». وسئل اذا كان يعتبر ان المبادرة العربية فشلت، فأجاب: «من المؤكد انها لم تنجح. ولكن نأمل في ان تتحلحل الامور من الآن وحتى موعد القمة» مشدداً على ان المعارضة «غير متشبثة الا بأمر واحد كررناه ونكرره ولا يمكن التنازل عنه، وهو المشاركة الفعلية في الحكم».

واتهم عضو كتلة نواب «حزب الله» نوار الساحلي الولايات المتحدة بعرقلة الحلول ورفض المبادرات وآخرها المبادرة العربية، معتبراً ان «فريق السلطة الذي يدعي بأنه يريد الحل، يضع شروطا تعجيزية ولا يقبل بحلول وسط ولا يتقدم خطوة الى الامام. وعلى العكس فعلت المعارضة التي تقدمت خطوات، حتى اتهمت من قبل مناصريها بأنها تتقدم اكثر مما يلزم».

وحذر رئيس الرابطة المارونية جوزف طربيه من ان «الفراغ في سدة الرئاسة الاولى بدأ استمراره يتخذ منحى خطيرا يترجم بالشروخ التي تزداد عمقا بين الأفرقاء، وتمثل فصولا في الشارع». وقال: «إن ملء هذا الفراغ بالتعامل الإيجابي مع المبادرة العربية والمسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية هو ضمان الاستقرار الاول. فلا استقرار أمنيا من دون استقرار سياسي» معتبراً ان انتخاب رئيس للجمهورية «يعيد الانتظام الى عمل المؤسسات الدستورية. وهو المنطلق الى صوغ التوازنات السياسية الضرورية لسلامة الوطن. كما يساعد في عودة الدور المسيحي الى المعادلة الوطنية وإدارات الدولة. ويشكل مدخلا لقيام حالة حوارية لبنانية واسعة النطاق تدفع الأفرقاء باتجاه التلاقي والبحث معا عن حلول دائمة وثابتة تنقذ وطنهم من الذهاب نحو الهاوية».