الممرات في المستشفيات تتحول لغرف عمليات .. والبنج يوشك على النفاد

TT

كان محمد حنيقذ يجري مهرولاً بعد ظهر امس السبت في ممرات مستشفى «دار الشفاء» بغزة، بعدما فشل في العثور على نجله محمود، 17 عاما، الذي اصيب في القصف الإسرائيلي الذي استهدف مخيم جباليا صباح امس. وتفقد محمد غرفة الاستقبال وغرفة العناية المركزة، واقسام الجراحة، فلم يعثر عليه، رغم أن سائق الإسعاف الذي نقله أكد له أنه موجود في المستشفى.

وبعد أن استبد به الغضب والحزن معا، وأخذ يصرخ بأعلى صوته، نصحه أحد الأطباء بأن يتوجه لقسم الاستعلامات في المستشفى. وذهب هناك حيث أخبر أن ابنه يرقد في قسم الولادة في المستشفى، بسبب العدد الكبير من الجرحى والقتلى الذين وصلوا الى المستشفى، حيث لم تعد صالة الاستقبال وغرف العمليات تتسع لمزيد من المصابين. وقال الدكتور رائد العريني مدير العلاقات العامة في مستشفى «دار الشفاء» لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد وصول 135 شخصا ما بين قتيل وجريح للمستشفى، منذ فجر امس فقط، لم يعد أمام ادارة المستشفى مفر، الا اتخاذ قرار بتحويل اقسام اخرى من المستشفى الى غرف عمليات مؤقتة، مشيرا إلى تحويل غرف في قسم «الولادة» الى مسارح عمليات، كما اخليت غرف في قسم القلب وحولت الى غرف عمليات لاستيعاب الجرحى. وأوضح العريني أن الاصابات التي تتطلب عمليات خفيفة، تم توجيهها الى العيادات الصحية ذات الإمكانيات البسيطة خارج المسشتفى. واكد أن غرفة العناية المركزة في المستشفى لم تعد تستقبل مرضى، بعد أن تم شغل كل الاسرة فيها، محذرا من أن خطراً يتهدد حياة الجرحى والمرضى في المستشفى، بعد أن اوشكت كمية البنج الذي يستخدم في عمليات التخدير قبيل العمليات الجراحية على النفاذ. وناشد العريني العالم التدخل لإجبار اسرائيل على وقف عدوانها، وفك الحصار من اجل السماح بإدخال البنج والادوية، مشيرا الى أن معظم التجهيزات الطبية في المستشفى لا تعمل لعدم التمكن من صيانتها بفعل الحصار، ولعدم المقدرة على شراء تجهيزات جديدة.

وبسبب الكم الهائل من الإصابات، أعلنت وزارة الصحة عن وقف اجازات الاطباء الذين عادوا فورا لمزاولة اعمالهم. في نفس الوقت أمرت جميع اطباء الجراحة وتحديداً جراحة الاوعية الدموية بالتوجه الى مستشفى «دار الشفاء»، لأنه المستشفى الذي يستقبل العدد الأكبر من الإصـابات.

وبالنسبة لمستشفيات شمال القطاع الصغيرة نسبياً، والتي يتوجه لها الجرحى في البداية لأنها قريبة من المناطق المستهدفة، فالأوضاع فيها اكثر بؤسا. واكد شهود عيان أن الممرات تحولت الى غرف عمليات بسبب الضغط الكبير. وقال خالد راضي الناطق بلسان زارة الصحة في الحكومة المقالة، أن القطاع الصحي يوشك على الانهيار بسبب النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي ينذر بانهياره. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال راضي إنه بسبب كثافة الاصابات، فإن المصابين لا يجدون في كثير من الأحيان، اطقم طبية كافية لمعالجتهم، مشيراً الى وجود عشرات الإصابات التي تصل المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع ولا تجد الأطقم الطبية ما تسعفهم به أو تضمد جراحهم به، إلا القليل الذي يخفف الألم عنهم.

وأهاب راضي بالجماهير الفلسطينية بسرعة التبرع بالدم بسبب النقص الكبير، مشيراً الى ان المستشفيات تعاني من نقص حاد في وحدات الدم، بالإضافة إلى الأدوية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي أدى الى ارتفاع عدد الضحايا.