«قلق» خليجي من عرقلة التوافق اللبناني.. واستنكار واسع لـ«وحشية» الاعتداءات الإسرائيلية

وزراء الخارجية أكدوا ضرورة انتخاب رئيس في الموعد المحدد.. وقطر تلمح لاتصالات لتهدئة العلاقات السعودية ـ السورية

TT

«قلق واستياء بالغان»، سيطرا على مواقف الدول الخليجية التي اجتمع وزراء خارجيتها في العاصمة السعودية الرياض أمس، تجاه العراقيل التي واجهت جهود أمين عام جامعة الدول العربية، الخاصة بتطبيق المبادرة العربية المتعلقة بمعالجة الأزمة اللبنانية.

ودعا وزراء خارجية الدول الست الخليجية، إلى ضرورة انتخاب رئيس لبناني في جلسة الـ11 من مارس (آذار) الجاري، فيما أكدوا ضرورة إزالة أية عقبة تحول دون انتخاب رئيس لبناني بعد 10 أيام.

وقال أحمد آل محمود وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية، رئيس المجلس الوزراي الخليجي في دورته الحالية، إن دول الخليج الست ستدفع باتجاه انتخاب رئيس للبنان في الموعد المقرر، وستعمل على إنقاذ ما يكمن إنقاذه في الأزمة اللبنانية الحالية، عبر قاعدة «لا غالب ولا مغلوب».

ولفت آل محمود، إلى القلق الخليجي البالغ إزاء الأزمة اللبنانية الحالية، في الوقت الذي أهاب المجلس الوزاري الخليجي، بجميع الأطراف المؤثرة على الساحة اللبنانية، أن تمارس تأثيرها «الإيجابي»، في إشارة لسورية وإيران، بغية تحقيق الالتزام بروح ونصوص المبادرة العربية، والنأي بلبنان عن كل ما يمس أمنه وسيادته واستقلاله، أو يؤثر سلبا على وحدته الوطنية.

وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، عن الزيارة التي قام بها وزير خارجية بلاده إلى طهران، إن الإيرانيين أبلغوهم «عدم معارضتهم للمبادرة العربية»، مؤكدا على الحاجة الماسة لفتح حوار مع أي دولة، قد يكون لها تأثير على القرار اللبناني.

وفي جانب يتصل بالاقتراحات التي قدمها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في قمة الدوحة الخليجية الأخيرة، كشف المسؤول القطري، عن توجيه قادة دول المجلس بدراسة تلك المقترحات، وهو ما بدأت فيه بعض الدول، وعرض على اجتماع وزراء الخارجية جانبا من الدراسات التي تمت بشأن المقترحات الإيرانية. وانعكست تحذيرات السعودية التي أطلقتها لرعاياها الموجودين في بيروت، من ضرورة توخي الحذر في تنقلاتهم أو مغادرة البلاد، على المواقف الخليجية، إذ أكد الوزير القطري، على «قلق» الجميع، مما يحدث في على الأراضي اللبنانية.

ورفضت قطر، أن يكون هناك حديث عن اشتراط خليجي، بانتخاب رئيس لبناني، مقابل الحضور للقمة العربية. وقال وزير دولتها للشؤون الخارجية في مؤتمر صحافي أمس، إن دول الخليج لم تشترط انتخاب رئيس للبنان، مقابل حضور القمة، مؤكدا أن المشاركة في القمة العربية المقبلة «قرار سيادي يعود لكل دولة على حدة». وأضاف «نحن متفقون على ضرورة أن ينتخب رئيس للبنان في الموعد المحدد».

وفي رده على سؤال حول وجود تحرك قطري لتهدئة العلاقات المتوترة بين الرياض ودمشق، قال آل محمود «نحن على اتصالات مع المسؤولين السعوديين والسوريين، ولم يطلب منا أحد التحرك».

وأكدت الدول الخليجية الست (السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والبحرين، وعمان)، على وقوفها مع الشرعية اللبنانية، ومؤسساتها الدستورية.

واستعرض وزراء الخارجية الخليجيون في اجتماعهم بالأمس، مجمل الأوضاع الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها عملية السلام في الشرق الأوسط، إذ عبر المجلس الوزاري عن أسفه لعدم التزام إسرائيل بما تعهدت به خلال مؤتمر أنابوليس، من دفع للمفاوضات مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية ضمن إطار زمني محدد.

وأعربت الدول الخليجية عن إدانتها واستنكارها، للاعتداءات الوحشية التي تمارسها القوات الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وقيامها بعمليات قتل الأبرياء، وترويع المدنيين من النساء والأطفال في مخيم البريج، وسط قطاع غزة.

وطالب الوزراء الخليجيون، المجتمع الدولي، بتحمل مسؤولياته، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية الشعب الفلسطيني، مؤكدين ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك مرتفعات الجولان السورية، إلى الخط القائم في الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة في الجنوب اللبناني، وفقا لقراري مجلس الأمن 425 و426.

وحول أزمة الملف النووي الإيراني، جدد الوزراء الخليجيون تأكيد التزامات دولهم بمبادئ مجلس التعاون الثابتة، والمعروفة، المتمثلة باحترام الشرعية الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وجددوا دعوتهم إلى ضرورة التوصل إلى حل سلمي لهذه الأزمة.

وجددوا مطالبتهم بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل، بما فيها منطقة الخليج، مع الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية، وأن يكون ذلك متاحا للجميع، في إطار الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

وفي الشأن الإيراني، دعت الدول الخليجية الست، طهران، للاستجابة لمساعي دولة الإمارات، لحل قضية الجزر المحتلة الثلاث، عن طريق مفاوضات مباشرة، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، فيما تطلعت إلى أن تؤدي زيارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى إيران، إلى نتائج إيجابية في هذا الصدد.

وعراقيا، أكد وزراء الخارجية الخليجيون، ضرورة احترام وحدة وسيادة واستقلال العراق، والحفاظ على هويته العربية والإسلامية، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، فيما عدوا تحقيق المصالحة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب العراقي، «مطلبا أساسيا لتحقيق الاستقرار فيه»، معربين عن ارتياحهم للتحسن الذي طرأ على الأوضاع الأمنية فيه.

وجددت الدول الخليجية الست التأكيد على مواقفها الثابتة، التي تنبذ العنف والتطرف المصحوب بالإرهاب بمختلف صوره وأشكاله، وأيا كان مصدره، مجددة في الوقت نفسه تأييدها لكل جهد إقليمي أو دولي، يهدف لمكافحة الإرهاب.

واستعرض وزراء الخارجية الخليجيون، مسار التنسيق والتعاون الأمني بين دولهم، في إطار ما يشهده العالم من متغيرات وأحداث أمنية متسارعة، فيما عبروا عن ارتياحهم لمستوى التنسيق الأمني والتعاون بين الأجهزة الأمنية.

في غضون ذلك، جددت اليمن أمس، تأكيداتها على أن كل ما يهدد أمن الدول الخليجية واستقرارها، هو بمثابة تهديد لها. وعرضت على دول المجلس أمس، على لسان وزير خارجيتها أبو بكر القربي، صياغة استراتيجية أمنية للمستقبل بين الجانبين الخليجي واليمني.

ونقل الوزير القربي، لنظرائه الخليجيين، في الاجتماع المشترك الثالث الذي جمعهم يوم أمس، تأكيدات الرئيس اليمني، أن بلاده اليمن، ستكون السند والعمق الاستراتيجي لدول الجزيرة العربية.

وقال عبد الرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في رده على الدعوة اليمينة، إن الاجتماعات المقبلة ستشهد المزيد من تفعيل التعاون الأمني الثنائي بين اليمن ونظيراتها الدول الخليجية، لافتا إلى أن هناك أفكارا لإفادة اليمن من مشروع الهوية الوطنية المعمول بها في الدول الخليجية.