الصين تعلن أكبر موازنة عسكرية في تاريخها.. وواشنطن تعرب عن قلقها

بكين تحذر من تأثير تقرير «البنتاغون» حول شفافيتها على العلاقات الثنائية

TT

واصلت الصين هذه السنة زيادة نفقاتها العسكرية بنسبة 17.6 في المائة، لتصل الى 58.76 مليار دولار، في وقت ابدت الولايات المتحدة قلقها من قدرات الصين العسكرية. وقال الناطق باسم الجمعية الوطنية الشعبية (البرلمان الصيني) جيانغ انزهو ان الموازنة الجديدة للقوات الصينية التي ارتفعت بنسبة مماثلة عام 2007 (17.8 في المائة) ستبلغ 58.76 مليار دولار هذه السنة. ويذكر ان هذه الموازنة تشهد زيادة منذ اكثر من عقد في ما يفسر على انه استدراك لمستواها الضعيف سابقاً. وقال جيانغ عشية افتتاح الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني في بكين «بين عامي 1979 و 1989، تراجعت النفقات بمعدله 5.83% كل سنة». واكد جيانغ مجدداً ان زيادة موازنة الدفاع مرتبطة بالنمو الاقتصادي الصيني، قائلاً: «بناء الجيش الصيني يتناسب مع نمو الاقتصاد والمجتمع الصيني». وأضاف ان الموازنة ستستخدم بشكل اولوي في زيادة نفقات الجنود ثم في تحسين قدراتهم العسكرية. ورفض الناطق باسم البرلمان انتقادات بعض الدول للموازنة الصينية، معتبراً ان مقارنة مع دول اخرى «وخصوصا مع بعض الدول الكبرى» فان مستوى النفقات العسكرية يعتبر اقل في الصين. وشرح: «إذا نظرنا الى سنة 2007 فان النفقات العسكرية الاميركية شكلت 4.6 في المائة من اجمالي الناتج الداخلي و16.6 في المائة من الموازنة، وفي بريطانيا على التوالي 3 في المئة من اجمالي الناتج الداخلي و6.9 في المائة من موازنتها». وأضاف «لكن النفقات العسكرية في الصين شكلت 1.4 في المائة من اجمالي الناتج الداخلي و7.2 في المائة من موازنة البلاد». وغالباً ما تثير التقديرات الرسمية للنفقات العسكرية الصينية ارتيابا في الخارج، لا سيما في الولايات المتحدة التي قامت بتعزيز امكاناتها العسكرية في المحيط الهادئ في السنوات الماضية في مواجهة نمو الجيش الشعبي.

وفور الاعلان عن موازنة الدفاع الصينية للعام 2008 دعت اليابان المجاورة للصين في بيان رسمي بكين الى الاخذ بالاعتبار قلق المجموعة الدولية. وجاء في البيان ان «وزارة الدفاع ستواصل العمل من اجل ان تقوم الصين بتعزيز الشفافية حول قوة جيشها».

وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية توم كيسي أمس ان الولايات المتحدة ودولا اخرى تريد ان تعرف نوايا الصين وأهدافها من زيادة الموازنة العسكرية. وكان تقرير سنوي صادر عن وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) حذر أول من أمس من نقص شفافية بكين بشأن توسعها العسكري ومن الطريقة التي يمكن ان تستخدم بها قوتها العسكرية هذه. وقال التقرير: «توجد علامات استفهام كثيرة حول مستقبل الصين، ولا سيما ما يتعلق بتوسع قوتها العسكرية والطريقة التي يمكن ان تستخدم بها هذه القوة».

واستنادا الى التقرير الاميركي، فان الاستعداد لأحداث ممكنة في مضيق تايوان بما فيها امكان تدخل اميركي في حال نشوب ازمة، يشجع على التحديث العسكري على المدى القصير.

من جهته، ندد الناطق باسم الخارجية الصينية كين غانغ بتقرير البنتاغون «انه تحريف خطير للوقائع ومحاولة للتدخل في الشؤون الداخلية للصين». وأضاف: «لا نشكل تهديدا للدول الاخرى وندعو الولايات المتحدة الى التخلي عن عقلية الحرب الباردة وان يكون لديها تفهم صحيح للصين ونموها». واوضح ان «الصين تعارض بشدة ذلك وقدمت احتجاجا رسميا لدى الولايات المتحدة... وهذا الامر لن يكون مفيدا لعلاقاتنا الثنائية». وكان التقرير السنوي للبنتاغون حول الصين حذر الاثنين من نقص الشفافية المحيط بالتوسع العسكري الصيني والطريقة التي يمكن ان تستخدم فيها قوتها.

وكشف تقرير البنتاغون ان الصين طورت وسائل للتسلل والتحكم في شبكات الكومبيوتر فيما وصفه المسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية بأنه تهديد جديد وخطر. واوضح التقرير ان التسلل الى شبكات في البنتاغون وغيرها من الوكالات الاميركية بما في ذلك مراكز الابحاث في العام الماضي، يبدو «انها انطلقت من الصين». وبالإضافة الى ذلك تبين ان التسلل الى شبكات الكومبيوتر في المانيا، فيما يبدو انه يتم عبر قراصنة صينيين، يتم يوميا، بالإضافة لعمليات تسلل في فرنسا وبريطانيا، طبقا لما ذكره البنتاغون. وفي العام الماضي، حذر مسؤولون في اجهزة الاستخبارات البريطانية المؤسسات المالية من انهم اصبحوا هدفا «لعمليات استغلال لشبكات الكومبيوتر تتم بتأييد من الدولة» قادمة من الصين.

ولم يتهم تقرير البنتاغون المؤسسة العسكرية الصينية بتلك العمليات مباشرة، ولكنه ذكر انها متماشية مع التفكير العسكري الاخير في هذا البلد. وقال دافيد سيدني نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون شرق اسيا، ان الحرب الالكترونية هي جزء يثير قلقا متزايدا وطالب الصينيين بتوضيح نواياهم. وقال سيدني «الوسائل المستخدمة، والطريقة التي تتم بها عمليات التدخل، متماشية مع ما تحتاجه اذا كنت ستشن حربا الكترونية، ونوعية النشاطات التي تنفذ متماشية مع كثير من الكتابات القادمة من المؤسسة العسكرية الصينية والمنظرين العسكريين الصينيين».

ويعتقد المسؤولون العسكريون الصينيون ان التقدم الذي حققته الصين في مجال الحرب الالكترونية، بالاضافة الى مواهبها المتزايدة في تحييد الاقمار الصناعية المتخصصة في نقل المعلومات وغيرها من القدرات، هي جزء من الاهداف العسكرية التي تشل العدو المحتمل.

واوضح التقرير، وهو تقييم سنوي للصين، ان بكين استمرت في تطوير برنامج صواريخ ويبدو انها تركز على منع أي تدخل اميركي في المنطقة المحيطة بتايوان. الا ان المسؤولين الاميركيين يعتقدون ان الصين تعد قواتها المسلحة ايضا لخطط طوارئ مثل نزاع حول احتياطي النفط، او خلاف على مناطق متنازع عليها.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)