مهرجان الجناردية يعيد اتفاق مكة للواجهة.. من جديد

خادم الحرمين رعى انطلاقة المهرجان.. وكرم الراحل التويجري ومحمد جميل على إسهاماتهما في خدمة الوطن والمواطن

خادم الحرمين الشريفين وملك البحرين في افتتاح مهرجان الجنادرية أمس (واس)
TT

أعاد المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، الذي يقام هذه الأيام في نسخته الـ23، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، اتفاق مكة، الذي أنهى الخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني في وقت من الأوقات، للواجهة من جديد، وذلك بعد إخلال الأطراف الفلسطينية بهذا الاتفاق.

وفيما كان اهتمام الحفل الخطابي الذي أقيم السنة الماضية، منصبا على الترحيب باتفاق مكة، وعودة الفرقاء الفلسطينيين لطاولة الوحدة الوطنية، والذي تم برعاية سعودية، عاد الحفل الخطابي الذي شرفه الملك عبد الله بن عبد العزيز، البارحة في العاصمة الرياض، ليجدد الدعوة لحركتي فتح وحماس، للعودة إلى روح الاتفاق، ونبذ الخلافات.

وجاءت مضامين القصيدة التي ألقاها اللواء خلف بن هذال العتيبي، متسقة مع توجهات الرياض، التي تسعى لعودة الأطراف الفلسطينية إلى طاولة الوحدة، عبر اتفاق مكة الشهير.

ودعت القصيدة، كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية، إلى نبذ الخلافات، والالتقاء مرة أخرى حول اتفاق مكة، الذي رعاه الملك عبد الله بن عبد العزيز فبراير (شباط) 2007.

فيما امتدحت القصيدة خطوة الرئيس المصري محمد حسني مبارك المتمثلة بفتح معبر «رفح» أمام سكان قطاع غزة، وهو ما خفف من وقع المعاناة التي عاشها سكان هذا القطاع.

وشرف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الحفل الخطابي والفني الكبير الذي أقيم في القاعة المغلقة بالجنادرية. وقال الفريق أول ركن متعب بن عبد الله بن عبد العزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، إن المهرجان يقف اليوم على أعتاب إكماله لربع قرن منذ إقامته وانطلاقته بمرسوم ملكي.

وأضاف أن خادم الحرمين الشريفين، كان صاحب الفكرة الصائبة والرؤية المستقبلية لإقامة هذا المهرجان الوطني، ليذود عن ثقافتنا وتراثنا ويقدمها للعالم في أبهى وأجمل صورة، وكان بذلك النبتة الحسنة منذ غرسها وحتى باتت شجرة مباركة متشابكة الأغصان سخية العطاء.

وأكد متعب بن عبد الله أن المهرجان سعى لترسيخ التلاحم والتلاقي بين مناطق البلاد ومحافظاتها المختلفة، لتهيئة الأجواء الصافية لأبناء هذه المناطق للتواصل والاندماج فيما بينهم من خلال العروض والفعاليات المتنوعة التي تتم على أرض الجنادرية ووجود مقرات خاصة بإمارات المناطق تقدم من خلالها العادات والتقاليد والحرف والنشاطات، لافتا إلى أن المهرجان «زاد من تقارب وجهات النظر بين الأدباء والمفكرين عبر برنامجه الثقافي، الذي مد كذلك جسورا من ثقافات العالم شرقا وغربا في حوارات مستمرة أسهمت في التواصل الحضاري الواعي والموضوعي».

ونوه الأمير متعب بن عبد الله، بما حققه المهرجان على الصعيد الثقافي وأسهامه في إثراء الحركة الثقافية بأطروحاته وموضوعاته التي تختارها نخبة من المثقفين، يشكلون تنوعا في الاتجاهات الفكرية والثقافية والمعرفية مما أوجد للجنادرية ثقلا ووزنا مؤثرا في المشهد الثقافي العربي.

ولفت النظر إلى أنه في هذه الدورة يقوم المهرجان الوطني بتكريم الراحل الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري، باعتباره الشخصية الثقافية المكرمة، وعقد ندوة تسلط الضوء على جوانب حياته العلمية والسياسية والثقافية في رحلة من العمل المتواصل لخدمة الدين والمليك والوطن، امتدت لما يزيد عن 70 عاما، إلى جانب إقامة معرض شخصي يسلط الضوء على حياة الشيخ الاجتماعية والسياسية والثقافية.

وكرم الملك عبد الله بن عبد العزيز، الشيخ الراحل عبد العزيز التويجري، بوشاح الملك عبد العزيز، والمهندس محمد عبد اللطيف جميل رئيس برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع، نظير إسهاماتهما في خدمة الوطن والمواطن.

وبهذه المناسبة صرح عبد المحسن بن عبد العزيز التويجري بقوله «لا أجد من كل تعابير الشكر والحب والتقدير، ما يحملني إلى كرم تلك المناسبة الجليلة على نفسي، لتأخذ مكانا مريحا لها، أشعر من خلاله أنني قد أستطيع أن أفي الانسان الكبير جزءا من حقه. فخادم الحرمين الشريفين بروحه الطاهرة الكريمة، وبعطائه النبيل اليوم وبالأمس مع والدي، فرض علي وعلى أسرتنا أحاسيس روحية وأخلاقية ستظل تشير دائما بأننا عاجزون عن التعبير عنها أو الوفاء بواجباتنا عليها.

نعم، فكلما عظم المعروف عظم الالتزام به، كما قيل، فأسأل الله تعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده آملا أن نرى جميعا في هذا التكريم مع ما يحمله من معان انسانية راقية، دعوة لكل ابن من ابناء هذا الوطن للعمل بكل طاقاته وابداعاته العقلية نحو خدمة هذا الكيان العظيم بثوابته الروحية والخلقية».

وكان عبد المحسن التويجري قد ألقى كلمة قال فيها «اسأل الله أن يحفظكم ويرعاكم ويمدكم بتوفيقه وعنايته، لتعبروا بأمتكم وشعبكم إلى المكانة التي يرضاها الله سبحانه وتعالى فترضونها لها.

ما أعظم وأكرم الوفاء في نفسكم الكريمة، فلقد تجاوزتم به وتجاوز بكم حدوده إلى أنبل الصور والتوقعات والمقاييس.. أقول ذلك كما قاله والدي رحمه الله بالأمس، وردده واعتز وخفق قلبه به.

أنزلتموه حيا مكانة شرف بها طوال حياته، حملته إلى عالم واسع تعامل معه بلا غربة أو وحشه، فأطلق معانيه وذخائره ومفاهيمه الكريمة بكم. واليوم تمنحونه ما انتم أهل له، حين تتفضلون بتكريمه ومنحه وشاح الملك عبد العزيز، لتقولوا له يا عبد العزيز.. علو في الحياة وفي الممات.

اعترافا مني بهزيمتي نحو التعبير بكرم فضلكم، فإني استغيث وأناجي مخطوطا كتبه، رحمه الله، قبل سنوات بعنوان «أحلم وبماذا أحلم.. الأيام تجيب» ضمنه شيئا من ذكراه معكم، اقتبس منه ما يلي:

«إني أنا فيما أكتبه الآن في هذا الكتاب، ما هو إلا من مكارم أخلاقكم وطهارة نفسكم، علمتني هذه النفس الكريمة أشياء كثيرة وجدت نفسي أسيرا لها.. أردد على مسامعها وفاء وولاء وإخلاصا قول أبي الطيب:

خلقت الوفا لو رجعت إلى الصبا لفارقت شيبي موجع القلب باكيا كيف لا يكون ذلك؟ وكيف لا أكون في عزلة عن لغة التاريخ، والمؤرخ؟ واستجدي من ذاكرتي كل ما حفظته من افعالك الكريمة، لا أملك أمامها إلا أن أخضع للاعتراف بالجميل والوفاء لهن كل أحاسيسي ونبضات قلبي، فأكثر من أربعين سنة هي خدمتي معك، كلما رجعتها وجدولتها تتضاعف وتتجدد ملابسها هذه المكارم عندكم.

لهذا لم تخلق ثيابي التي ألبستني اياها، أغنيتني بهذه الملابس عن أن اقول كما قال ذلك الرجل لسيده، الذي لا يملك ما تملكه أنت، من مكارم أخلاق وفضائل فراح يقول:

فيا ملبس النعمى التي جل قدرها لقد أخلقت تلك الثياب فجدد ما قلتها ولن أقولها فقد أضفيتها حتى تسربلت على مداركي وعلى نفسي إلى يومي هذا، وهي ملابس لم تكن ضيقة الصدر خانقة للنفس، لأنها من نسيج معدنك التاريخي الكريم، معدن آبائك وأجدادك».

أرجو ألا تروا هذه الكلمة كلمة شكر أرهقها عظيم الفضل والوفاء من مقامكم الكريم. لأنها حتما ستكون عاجزة متعثرة مرتبكة. إنها ليست كذلك فقط، بل هي كلمة اعتراف بالجميل أحملها عن نفسي وجميع أفراد اسرتي، فأرجو ألا أكون قد خذلت مشاعركم ومحبتهم وإجلالهم لكم سيدي.

وقد حملتني شكرا طويلا ثقيلا لا أطيق به حراكا وكان خادم الحرمين الشريفين قد رعى، بعد عصر أمس، بحضور الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، انطلاقة المهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الثالثة والعشرين، الذي ينظمه الحرس الوطني سنويا بالجنادرية.

ولدى وصول الملك عبد الله إلى مقر المهرجان بالجنادرية، كان في استقباله، الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، والأمير الفريق أول ركن متعب بن عبد الله بن عبد العزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة للمهرجان، ووكلاء الحرس الوطني، وأعضاء اللجنة العليا المنظمة للمهرجان.

وبعد انتهاء الشوط الاول من سباق الهجن الكبير، سلم خادم الحرمين الشريفين، الجوائز للفائزين الخمسة الاوائل فى السباق، كما تسلم الفائزون الثلاثة الاوائل هدايا مقدمة من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة، سلمها لهم الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، وهدايا تقديرية للفائزين الخمسة الأوائل، مقدمة من وزير السياحة والثقافة بجمهورية تركيا ارتوغورل كوناي.

إلى ذلك، افتتح الأمير الفريق أول ركن متعب بن عبد الله بن عبد العزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية، مساء أمس، جناح جمهورية تركيا في قرية التراث بالجنادرية، بحضور وزير السياحة والثقافة التركي، ووزير الثقافة والاعلام السعودي اياد مدني.

وقال الأمير متعب بن عبد الله بعد افتتاح الجناح التركي «لقد شرفني خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بافتتاح الجناح التركي في المهرجان» ووصف مستوى العلاقات بين البلدين بأنها «مميزة وعلى أفضل ما يكون».