رايس: الفلسطينيون والإسرائيليون سيستأنفون التفاوض الأسبوع المقبل

دعت الجانبين الى التفاوض على نار هادئة بعيدا عن الصحافة

رايس وليفني خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك أمس (رويترز)
TT

وعدت وزيرة الخارجية الأميريكية، كوندوليزا رايس، باستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية حول التسوية الدائمة في وقت قريب خلال الشهر الجاري، وأكدت أن الفترة المتبقية حتى نهاية السنة الجارية هي فترة كافية لانهاء المفاوضات باتفاق مبادئ للسلام الدائم. وقد طلبت من اسرائيل ان تخفف من حدة عملياتها في الرد على صواريخ حماس والحرص على ألا يصاب المدنيون.

وقالت رايس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرتها الاسرائيلية تسيبي ليفني، إن الاسرائيليين والفلسطينيين «ينوون» استئناف مفاوضات السلام التي علقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بسبب العمليات الاسرائيلية الدامية في قطاع غزة وهما على اتصال ببعض لتحقيق هذا الامر.

وأكدت رايس ان التوصل الى تهدئة «ليس شرطا» لاستئناف المفاوضات كما كان اعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في وقت سابق.

وقالت «لقد تكلمت مع الرئيس عباس، ومن الواضح انه يريد الهدوء، ولكنه ليس شرطا لاستئناف المحادثات».

وفي وقت لاحق، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أمس ان الرئيس الفلسطيني يؤكد وجود «النية لاستئناف عملية السلام».

وأوضح في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «ان الرئيس يؤكد انه لدينا النية لاستئناف عملية السلام والمفاوضات التي تقود إلى إنهاء الاحتلال الذي وقع عام 67 وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف».

وأوضحت رايس ان الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني قد يجلسان معا الأسبوع المقبل «على الارجح الخميس» بحضور الجنرال الأميركي وليام فرايزر، الذي كلفه الرئيس الاميركي جورج بوش في يناير متابعة تطبيق خارطة الطريق وهي خطة،السلام الدولية بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

من جهته طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، من رايس ان تعيد الرئيس عباس الى طاولة المفاوضات، قائلا ان تفاهمات أنابوليس تقضي بأن تستمر المفاوضات بغض النظر عما يجري على الأرض. واضاف: أنا أيضا أعاني من معارضة واسعة في اسرائيل، وحتى من داخل الحكومة، بسبب استمرار اطلاق الصواريخ على بلداتنا. ولكنني لا أتردد في صد هذه المعارضة والاستمرار في المفاوضات. وقال أولمرت، خلال لقاء منفرد مع رايس دام ساعتين ونصف الساعة، ان أبو مازن بوقفه المفاوضات، انما يخدم أهداف حماس، حيث ان هذه الحركة لا تريد تسوية سياسية ولا تريد وجود التيار الذي يمثله أبو مازن في رأس السلطة الفلسطينية ويريدونها حربا شاملة للقضاء على اسرائيل، مثلما يأمرهم بذلك الايرانيون. واسرائيل لا تستطيع إلا ان ترد على هذه الحرب بشدة. بيد أن رايس لم تبد متأثرة من اعتراضات أبو مازن وأولمرت، وأعربت عن ثقتها بأنهما سيستأنفان المفاوضات في القريب، بعد أن يلجم أولمرت قواته عن قطاع غزة. وقد اجتمعت صباح وظهر أمس، مع كل من وزير الدفاع الاسرائيلي، ايهود باراك، ووزيرة الخارجية، تسيبي لفني، فطلبت من باراك أن يفي بوعوده في تخفيف الحواجز العسكرية والترابية التي تشوش حياة الفلسطينيين وتخنق حريتهم في التنقل والعمل والتعليم، وأن يزيل البؤر الاستيطانية العشوائية. وطلبت من لفني ان تسعى لإنجاح المفاوضات مع نظيرها، رئيس الوفد الفلسطيني، أحمد قريع (أبو العلاء). ودعت رايس الطرفين الى ان يكفا عن طرح المفاوضات على رأس عناوين الصحف. وقالت ان من الأفضل في هذه المرحلة أن تتم المفاوضات على نار هادئة ومن دون تغطيات صحافية. وقبيل مغادرة رايس البلاد، عقد المجلس الوزاري الأمني المصغر جلسة له، أمس، لدراسة الأوضاع في قطاع غزة بعد عملية «شتاء ساخن»، وتقرر فيها تبني موقف باراك بإعطاء مهلة الى حماس، فإذا عادت واستأنفت اطلاق الصواريخ فستستأنف اسرائيل العمليات الحربية الواسعة. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أبلغ الصحافيين، امس، بعد لقائه رئيس جمهورية المجر لاسلو شويوم، بعد يوم من اجتماعه بوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، «أن المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية ستستأنف، بالتأكيد، لكن بعد تحقيق الهدوء». وكان عباس قد علق المفاوضات مع اسرائيل بشأن اقامة دولة فلسطينية يوم الاحد الماضي، احتجاجا على هجوم اسرائيلي على قطاع غزة أسفر عن مقتل أكثر من 120 فلسطينياً، بينهم حوالي 20 طفلا، و12 امرأة. وقال عباس في رام الله إن المفاوضات يجب أن تستأنف، ولكن بعد أن تعود التهدئة، والوزيرة رايس سترسل مبعوثا من وزارة الخارجية، إلى القاهرة التي تبذل مساعيَّ حثيثة للتهدئة. وعندما تحصل التهدئة ستكون الفرصة مناسبة للعودة إلى المفاوضات. وحسب ما قال صائب عريقات، احد ابرز المفاوضين الفلسطينيين لـ«الشرق الاوسط»، فان عباس ابلغ رايس انه طلب مساعدة الرئيس المصري حسني مبارك لتثبيت تهدئة في غزة والضفة. ووفق مسؤولين فلسطينيين، فان مصر تبذل جهودا بهذا الصدد لدى حماس والاسرائيليين. وكان عباس قد رفض طلب رايس اول من امس بالعودة السريعة للمفاوضات. وقال عريقات «ما الذي سيضمن لنا عدم عودة العدوان».

ولا ينوي عباس مقاطعة المفاوضات لوقت أطول، وحسب اتفاقه مع رايس، فان الجنرال الاميركي فريزر، المكلف مراقبة تطبيق الالية الثلاثية لخطة خارطة الطريق، سيدعو الاسبوع القادم الى اجتماع مشترك، فلسطيني ـ اسرائيلي ـ أميركي، يعلن بعده اطلاق الالية الثلاثية المعطلة منذ الاتفاق عليها في انابوليس. وقال عباس «علمتنا تجربة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وما نتج عنها من صراع عربي ـ إسرائيلي، إن القوة والعنف والحروب لن تحل المشكلة، ولا بديل عن الحوار والتفاوض». واضاف «خيارنا الاستراتيجي هو المفاوضات، التي تقود إلى حل للدولتين حسب كل المبادرات والقرارات والمرجعيات الدولية».

واعاد عباس امس، التذكير بما قاله بحضور رايس، بأن كل الحلول الأحادية، سواء العسكرية أو غير العسكرية في قطاع غزة أو القدس أو الضفة الغربية، تتناقض مع رغبة المجتمع الدولي كما ظهرت في مؤتمر أنابوليس لإجراء مفاوضات في ظل التهدئة للوصول إلى اتفاق خلال عام 2008، مؤكدا «الإصرار على الوصول إلى اتفاق سلام خلال عام 2008، ليس لدينا بديل عن السلام والمفاوضات، ومشيرا إلى «ان الممارسات الإسرائيلية سواء في غزة او الضفة تتناقض ومفهوم المفاوضات».

ورفض عباس مجددا أيَّ تبرير للعدوان الاسرائيلي على غزة، قائلا «لا يمكن تحت أي ذريعة تبرير العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث يقتل المواطنون الأبرياء، وبينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال».