البارجة كول غادرت سواحل لبنان وبديلها قطعتان من سلاح البحرية الأميركي

مغادرتها لم تنه السجال بين الأكثرية والمعارضة

TT

عبرت قناة السويس أمس واحدة من أكبر القوافل العسكرية الغربية قادمة من البحر المتوسط، ومتجهة إلى الخليج العربي، عبر البحر الحمر، من بينها المدمرة الأميركية «كول» التي كانت راسية قبالة السواحل اللبنانية. وقالت مصادر بهيئة قناة السويس إن القافلة تضم، إضافة إلى «كول» التي كانت ترافقها فرقاطة أميركية أخرى، حاملة الطائرات الإنجليزية «إليسترويس»، ومعها مدمرتان وسفينة إمداد، إضافة للفرقاطة الإسبانية «مينز». وأضافت المصادر أن القطع الحربية عبرت قناة السويس وسط إجراءات أمنية مشددة، شملت وقف حركة نقل العابرين والسيارات بين ضفتي القناة، ومنع السير على الطريق البري الموازي للقناة ذاتها، مشيرة إلى أن القافلة العسكرية الغربية، والتي وصفتها المصادر بأنها من أكبر القوافل التي تمر عبر القناة دفعة واحدة، رافقتها قاطرات تابعة لهيئة قناة السويس.

وفي واشنطن، اعلن مسؤول في سلاح البحرية الاميركي ان بارجتين حربيتين اميركيتين تمركزتا قبالة الساحل اللبناني بدلا من المدمرة «يو اس اس كول» التي غادرت المنطقة. وأكد المسؤول المعلومات حول ان المدمرة كول تتجه الى الخليج بعد ان عبرت قناة السويس. وأضاف المسؤول الاميركي «ان يو.اس.اس كول» تم تعويضها بـ«يو.اس.اس روس ويو.اس.اس فيلبين سي في شرق المتوسط». وروس هي مدمرة مزودة بصواريخ موجهة في حين ان فيلبين سي طراد. ولم تنه مغادرة المدمرة الاميركية السجال القائم بين الاكثرية النيابية وقوى «14 آذار» من جهة والمعارضة اللبنانية وتحديدا «حزب الله» من جهة أخرى.

وفي هذا الاطار، قال النائب في كتلة «المستقبل» محمد الحجار لـ«الشرق الاوسط» ان «مسارعة المعارضة الى تلقف وجود هذه المدمرة قبالة السواحل اللبنانية والسورية يشير الى مسألة واضحة في سياق ما يشهده لبنان منذ ثلاثة أعوام. واذا كان واضحا ان وجود المدمرة يعود الى سبب اقليمي وليس لبنانيا، الا ان المحور السوري ـ الايراني استغل الامر واستخدمه في تكريس لبنان ساحة لصراعه مع الاميركيين».

وأضاف: «نحن كأكثرية نيابية حاولنا جهدنا ان نجنب لبنان هذا الاستغلال، لأننا نعي ان المقصود من وجود البارجة، وبشكل مباشر، توجيه رسالة الى النظام السوري وليس الينا. فقد قالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان ارسال البارجة هو رسالة تستهدف تأكيد قدرة الولايات المتحدة على حماية مصالحها ومصالح حلفائها، وان لدى الولايات المتحدة وجوداً عسكرياً في المنطقة منذ وقت طويل. لكن فريق المعارضة، وعوض مواجهة هذه المصالح الاميركية بالحد الادنى من التضامن الداخلي، بدأ يتهم الأكثرية النيابية بالخيانة. واستفاض في تكرار المعزوفة ذاتها التي نسمعها منذ ثلاثة أعوام، كما لو ان اطراف المعارضة يتناغمون مع وجود البارجة لتوتير الساحة اللبنانية الداخلية». من جهته، نائب «حزب الله» محمد حيدر لا يعتبر أن مغادرة البارجة كول يعني انتهاء المهمة الاميركية في المنطقة، لا سيما أن قطعتين بحريتين غيرها في طريقهما الى المياه الدولية بمواجهة الشواطئ اللبنانية. وقال: «المهمة لا تزال مستمرة وهي ليست عابرة تنتهي بمغادرة هذه البارجة. ولا أعتقد ان الاميركيين سيغادرون قبل انهائها. وفي تقديري انهم يهدفون من تحركاتهم هذه الى تعزيز حملة التهويل والضغط على محور الممانعة في سورية ولبنان وفلسطين. وقد شاهدنا جزءا من هذه المهمة في غزة. واذا خفت وتيرتها قليلا فذلك لتسهيل جولة رايس في المنطقة».

وأضاف: «المؤسف في المشهد اللبناني ان البعض دعا الى عدم الخجل من وجود البارجة واعتبرها محاولة لتدعيم مواقفه والضغط باتجاه قبول تسوية تحقق له نوعا من الغلبة من خلال الموافقة على تفسير غير منصف للمبادرة العربية والضغط باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية قبل موعد القمة العربية في دمشق. وبالتالي ارغام المعارضة على القبول بما تريده الموالاة في مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية».

وكان المسؤول عن العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي قد أعرب عن اعتقاده بأن الادارة الاميركية «تسعى الى اقامة حزام امني ـ سياسي فوق المنطقة بالهيمنة، بعد ان تعيد انتاج الانقسامات فيها فتلغي الصراع مع اسرائيل وتفتعل صراعات بينية عربية ـ اسلامية، ومذهبية، وعرقية وطائفية». ورأى «ان القطع البحرية الاميركية تأتي في سياق محاولة انشاء هذا الحزام الاميركي على غرار التجربة الاميركية الفاشلة في نهاية الستينات من القرن الماضي، في ما عرف آنذاك بحلف بغداد. وإن تفكك هذا الحزام المتواصل سيكون له أثره على التوازنات الدولية وبروز أدوار فاعلة لقوى دولية في المنطقة».