الإمارات: تدخل حكومي لاعتماد اللغة العربية في المؤسسات الحكومية

اللغة الأصلية تراجعت لتصبح في المرتبة الرابعة بين اللغات المستخدمة في البلاد

صبيان من فلسطينيي 48 يرفعون ملصقات لعلاء أبو دهم منفذ عملية المعهد الديني اليهودي في القدس (أ.ب)
TT

في مسعى لها لإيقاف تراجع استخدام اللغة العربية فيها، تدخلت السلطات الإماراتية لصالح اللغة العربية، وأقرت الحكومة الإماراتية أمس برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، اعتماد اللغة العربية لغة رسمية في جميع المؤسسات والهيئات الاتحادية في كافة إمارات الدولة وتشكيل مجلس التنسيق والتكامل التعليمي على مستوى الامارات، وجاء تدخل السلطات الإماراتية بعد أن تراجع استخدام اللغة العربية داخل أراضيها، لتصبح في المرتبة الرابعة بين اللغات العشر المستخدمة في الدولة، علما بأن المادة السابعة من الدستور الإماراتي تنص على عروبة الدولة وأن اللغة العربية هي الأولى، إلا أن الواقع الإماراتي يشير إلى ان اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى في البلاد.

أمام ذلك، كشف بلال البدور وكيل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع لـ«الشرق الأوسط»، عن قرب صدور قانون اتحادي يعمم استعمال اللغة العربية على إمارات الدولة السبع. وأوضح أن القانون الجديد سيلزم الشركات الحكومية والمؤسسات المالية والمصرفية والمؤسسات الأكاديمية وكذلك وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية، باستخدام اللغة العربية في كافة تعاملاتهم اليومية.

لكن البدور أكد أن أي قانون حكومي لن يكفي لإعادة الاعتبار للغة العربية، وقال: «يبقى ذلك مرهونا بقناعة المواطنين بأهمية استخدامهم للغة العربية».

واعتبر المسؤول الإماراتي أن التدخل الحكومي جاء تأكيدا لتعزيز اللغة العربية، في ظل ما تشهده ساحة الإمارات من انحسار استخدام اللغة العربية، مضيفا «الطامة الكبرى بقبول المؤسسات الرسمية للرسائل والوثائق باللغات الأجنبية، وخاصة اللغة الإنجليزية». ويتخوف مثقفون إماراتيون من التأثير السلبي لاستخدام اللغة الإنجليزية على الجيل الجديد من المواطنين، خاصة أن كثيرا من أبناء المدارس الخاصة في الإمارات تحول لتصبح اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى في استخداماتهم الحياتية المختلفة. وفيما أقرت الحكومة الإماراتية اعتماد اللغة العربية لغة رسمية في الهيئات الاتحادية، قالت مصادر إن الخطوة الثانية ستركز على التعجيل بإصدار قانون حماية اللغة العربية، في بلد تتعايش فيه مئات اللغات والجنسيات، وبات المواطنون الأصليون يشكلون نحو عشرين بالمائة من مجموع السكان في الدولة، وتحولت اللغة الإنجليزية إلى لغة التخاطب الرئيسية.

غير أن مراقبين يرون أن تدخل الحكومة لاعتماد اللغة العربية في الدوائر الحكومية، يشير إلى خلل كبير في العودة للغة العربية، باعتبار أن الدستور الإماراتي يشير إلى أن الدولة عربية. ويعترف الدكتور عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات بأن بلاده تعاني من «مشكلة كبيرة، بتراجع اللغة العربية إلى مراتب خلفية».

ويقول الدكتور عبد الله، إن الواقع السكاني على أرض الإمارات فرض أمورا غير طبيعية، كما فرض على المؤسسات الخاصة والعامة أن تتخطى الدستور باستخدام مكثف في تعاملاتها. واستنكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات قبول المؤسسات الرسمية وثائق ومعاملات باللغة الأنجليزية.

واعتبر أن تدخل الحكومة الإماراتية «ليس مجرد تحصيل حاصل، بل هو نابع من أحساس بالخطر على مصير اللغة العربية في دولة عربية». ويعتقد عبد الله أن قرار الحكومة «قرار شجاع، باعتبار أنها للأسف ليست السائدة في البلاد، وإعادة الاعتبار لها يحتاج لإرادة قوية ومن سلطات عليا». وأشار إلى أن البدء في إقرار اللغة العربية في المؤسسات الحكومية «سيجعلنا نحافظ على الحد الأدنى على الأقل في التخاطب باللغة العربية».

وعلى الرغم من أن الدكتور عبد الله اعتبر أن القرار «جاء في الوقت الضائع»، لكنه في الوقت ذاته قال «إن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا، والتدخل الحكومي جاء بعد الاستخدام المفرط والخوف مما يمكن أن يمثله هذا الاستخدام المفرط من تأثيرات سلبية على التركيبة السكانية التي نحن أصلا نعاني منها أشد المعاناة».

وبحسب التعداد السكاني الذي أجرته الامارات عام 2006، فإن عدد السكان في الامارات يزيد عن أربعة ملايين نسمة، يشكل الوافدون منهم نحو ثمانين بالمائة من عدد السكان، فيما يمثل السكان الأصليين أقلية.

ويزيد عدد الجنسيات التي تعيش على أرض الإمارات أكثر من 200 جنسية، تمثل أكثر من 150 قومية وتستعمل 100 لهجة. وأصبحت اللغة الإنجليزية اللغة اليومية لكثير من القطاعات، خاصة المؤسسات الخاصة والجامعات.